ومن أدلة القائلين بالطهارة  حديث الإذن بالصلاة في مرابض الغنم السابق . 
وأجيب عنه بأنه معلل بأنها لا تؤذي كالإبل ، ولا دلالة فيه على جواز المباشرة وإلا لزم نجاسة أبوال  [ ص: 70 ] الإبل وبعرها للنهي عن الصلاة في مباركها . ويرد هذا الجواب بأن الصلاة في مرابض الغنم  تستلزم المباشرة لآثار الخارج منها ، والتعليل بكونها لا تؤذي أمر وراء ذلك ، والتعليل للنهي عن الصلاة في معاطن الإبل  بأنها تؤذي المصلي ، يدل على أن ذلك هو المانع لا ما كان في المعاطن من الأبوال والبعر . 
واستدل أيضا بحديث { لا بأس ببول ما أكل لحمه   } عند  الدارقطني  من حديث  جابر   والبراء  مرفوعا . وأجيب بأن في إسناده عمرو بن الحسين العقيلي  وهو واه جدا ، قال أبو حاتم    : ذاهب الحديث ليس بشيء . وقال أبو زرعة    : واهي الحديث ، وقال الأزدي    : ضعيف جدا . 
وقال ابن عدي    : حدث عن الثقات بغير حديث منكر وهو متروك . وفي إسناده أيضا يحيى بن العلاء أبو عمر  البجلي الرازي  ، قد ضعفوه جدا ، قاله  الدارقطني  وكان  وكيع  شديد الحمل عليه ، وقال  أحمد    : كذاب ، وقال يحيى    : ليس بثقة ، وقال  النسائي  والأزدي    : متروك ، واحتجوا أيضا بحديث { إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم   } عند  مسلم  والترمذي  وأبي داود  من حديث  وائل بن حجر   وابن حبان   والبيهقي  من حديث  أم سلمة  ، وعند الترمذي  وأبي داود  من حديث  أبي هريرة  بلفظ { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل دواء خبيث   } والتحريم يستلزم النجاسة ، والتحليل يستلزم الطهارة ، فتحليل التداوي بها دليل على طهارتها ، فأبوال الإبل وما يلحق بها طاهرة . 
وأجيب عنه بأنه محمول على حالة الاختيار ، وأما في الضرورة فلا يكون حراما كالميتة للمضطر ، فالنهي عن التداوي بالحرام باعتبار الحالة التي لا ضرورة فيها والإذن بالتداوي بأبوال الإبل باعتبار حالة الضرورة ، وإن كان خبيثا حراما ، ولو سلم فالتداوي إنما وقع بأبوال الإبل فيكون خاصا بها ، ولا يجوز إلحاق غيره به لما ثبت من حديث  ابن عباس  مرفوعا { إن في أبوال الإبل شفاء للذربة بطونهم   } ذكره في الفتح ، والذرب : فساد المعدة ، فلا يقاس ما ثبت أن فيه دواء على ما ثبت نفي الدواء عنه على أن حديث تحريم التداوي بالحرام  وقع في جواب من سأل عن التداوي بالخمر ، كما في صحيح  مسلم  وغيره ، ولا يجوز إلحاق غير المسكر به من سائر النجاسات ، لأن شرب المسكر يجر إلى مفاسد كثيرة ، ولأنهم كانوا في الجاهلية يعتقدون أن في الخمر شفاء ، فجاء الشرع بخلاف ذلك . ويجاب بأنه قصر للعام على السبب بدون موجب ، والمعتبر عموم اللفظ لا خصوص السبب . 
.      	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					