قوله تعالى : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير  
قوله تعالى : يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يعني محمدا  صلى الله عليه وسلم . يبين لكم انقطاع حجتهم حتى لا يقولوا غدا ما جاءنا رسول . على فترة من الرسل  أي : سكون ; يقال فتر الشيء سكن ، وقيل : على فترة  على انقطاع ما بين النبيين ; عن أبي علي  وجماعة أهل العلم ، حكاه الرماني    ; قال : والأصل فيها انقطاع العمل عما كان عليه من الجد فيه ، من قولهم : فتر عن عمله وفترته عنه ، ومنه فتر الماء إذا انقطع عما كان من السخونة إلى البرد . وامرأة فاترة الطرف أي : منقطعة عن حدة النظر ، وفتور البدن كفتور الماء ، والفتر ما بين السبابة والإبهام إذا فتحتهما ، والمعنى ; أي : مضت للرسل مدة قبله ، واختلف في قدر مدة تلك الفترة ;   [ ص: 81 ] فذكر محمد بن سعد  في كتاب " الطبقات " عن ابن عباس  قال : كان بين موسى بن عمران  وعيسى ابن مريم  عليهما السلام ألف سنة وسبعمائة سنة ، ولم يكن بينهما فترة ، وأنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل  سوى من أرسل من غيرهم . وكان بين ميلاد عيسى  والنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسع وستون سنة ، بعث في أولها ثلاثة أنبياء ; وهو قوله تعالى : إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث  والذي عزز به " شمعون    " وكان من الحواريين ، وكانت الفترة التي لم يبعث الله فيها رسولا أربعمائة سنة وأربعا وثلاثين سنة ، وذكر الكلبي  أن بين عيسى  ومحمد  عليهما السلام خمسمائة سنة وتسع وستون ، وبينهما أربعة أنبياء ; واحد من العرب من بني عبس  وهو خالد بن سنان    . قال القشيري    : ومثل هذا مما لا يعلم إلا بخبر صدق . وقال قتادة    : كان بين عيسى  ومحمد  عليهما السلام ستمائة سنة   ; وقاله مقاتل  والضحاك   ووهب بن منبه  ، إلا أن وهبا  زاد عشرين سنة ، وعن الضحاك  أيضا أربعمائة وبضع وثلاثون سنة ، وذكر ابن سعد  عن عكرمة  قال : بين آدم  ونوح  عشرة قرون ، كلهم على الإسلام   . قال ابن سعد    : أخبرنا محمد بن عمرو بن واقد الأسلمي  عن غير واحد قالوا : كان بين آدم  ونوح  عشرة قرون ، والقرن مائة سنة ، وبين نوح  وإبراهيم  عشرة قرون ، والقرن مائة سنة ، وبين إبراهيم  وموسى بن عمران  عشرة قرون ، والقرن مائة سنة ; فهذا ما بين آدم  ومحمد  عليهما السلام من القرون والسنين . والله أعلم . أن تقولوا أي : لئلا أو كراهية أن تقولوا ; فهو في موضع نصب . ما جاءنا من بشير  أي : مبشر . ولا نذير أي : منذر ، ويجوز من بشير ولا نذير  على الموضع . قال ابن عباس    : قال معاذ بن جبل   وسعد بن عبادة  وعقبة بن وهب  لليهود    ; يا معشر يهود اتقوا الله ، فوالله إنكم لتعلمون أن محمدا  رسول الله ، ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه بصفته ; فقالوا : ما أنزل الله من كتاب بعد موسى  ولا أرسل بعده من بشير ولا نذير ; فنزلت الآية . والله على كل شيء قدير  على إرسال من شاء من خلقه   . وقيل : قدير على إنجاز ما بشر به وأنذر منه . 
				
						
						
