قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين  
فيه مسألتان : 
الأولى : قوله تعالى : اليهود والنصارى أولياء  مفعولان ل تتخذوا ; وهذا يدل على قطع الموالاة شرعا ، وقد مضى في " آل عمران " بيان ذلك . ثم قيل : المراد به المنافقون ; المعنى يا أيها الذين آمنوا بظاهرهم ، وكانوا يوالون المشركين ويخبرونهم بأسرار المسلمين ، وقيل : نزلت في أبي لبابة  ، عن عكرمة    . قال  السدي    : نزلت في قصة يوم أحد  حين خاف المسلمون حتى هم قوم منهم أن يوالوا اليهود  والنصارى  ، وقيل : نزلت في عبادة بن الصامت  وعبد الله بن أبي بن سلول    ; فتبرأ عبادة  رضي الله عنه من موالاة اليهود  ، وتمسك بها ابن أبي  وقال : إني أخاف أن تدور الدوائر . بعضهم أولياء بعض  مبتدأ وخبره ; وهو يدل على إثبات الشرع الموالاة فيما بينهم حتى يتوارث اليهود  والنصارى  بعضهم من بعض . 
الثانية : قوله تعالى : ومن يتولهم منكم  أي : يعضدهم على المسلمين . فإنه منهم   [ ص: 158 ] بين تعالى أن حكمه كحكمهم ; وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد ، وكان الذي تولاهم ابن أبي  ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة ; وقد قال تعالى : ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار  وقال تعالى في " آل عمران " : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين  وقال تعالى : لا تتخذوا بطانة من دونكم  وقد مضى القول فيه ، وقيل : إن معنى بعضهم أولياء بعض  أي : في النصر ومن يتولهم منكم فإنه منهم  شرط وجوابه ; أي : لأنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا ، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم ، ووجبت له النار كما وجبت لهم ; فصار منهم أي : من أصحابهم . 
				
						
						
