قوله تعالى فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم 
  قوله تعالى : فالق الإصباح  نعت لاسم الله تعالى ، أي ذلكم الله ربكم فالق الإصباح . وقيل : المعنى أن الله فالق الإصباح . والصبح والصباح أول النهار ، وكذلك الإصباح ; أي فالق الصبح كل يوم ، يريد الفجر . والإصباح مصدر أصبح . والمعنى : شاق الضياء عن الظلام وكاشفه . وقال الضحاك    : فالق الإصباح : خالق النهار . وهو معرفة لا يجوز فيه   [ ص: 42 ] التنوين عند أحد من النحويين . وقرأ الحسن  وعيسى بن عمر    " فالق الأصباح " بفتح الهمزة ، وهو جمع صبح . وروى الأعمش  عن  إبراهيم النخعي  أنه قرأ " فلق الإصباح " على فعل ، والهمزة مكسورة والحاء منصوبة . وقرأ الحسن  وعيسى بن عمر  وحمزة   والكسائي  وجعل الليل سكنا  بغير ألف . ونصب الليل حملا على معنى فالق في الموضعين ; لأنه بمعنى فلق ، لأنه أمر قد كان فحمل على المعنى . وأيضا فإن بعده أفعالا ماضية وهو قوله : جعل لكم النجوم    . أنزل من السماء ماء    . فحمل أول الكلام على آخره . يقوي ذلك إجماعهم على نصب الشمس والقمر على إضمار فعل ، ولم يحملوه على فاعل فيخفضوه ; قاله مكي  رحمه الله . وقال النحاس    : وقد قرأ يزيد بن قطيب السكوني    " جاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا " بالخفض عطفا على اللفظ . قلت : فيريد مكي  والمهدوي  وغيرهما إجماع القراء السبعة . والله أعلم . وقرأ يعقوب  في رواية رويس  عنه " وجاعل الليل ساكنا " . وأهل المدينة     " وجاعل الليل سكنا " أي محلا للسكون . وفي الموطإ عن يحيى بن سعيد  أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول : اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عني الدين واغنني من الفقر وأمتعني بسمعي وبصري وقوتي في سبيلك   . فإن قيل : كيف قال وأمتعني بسمعي وبصري وفي كتاب  النسائي   والترمذي  وغيرهما واجعله الوارث مني وذلك يفنى مع البدن ؟ قيل له : في الكلام تجوز ، والمعنى اللهم لا تعدمه قبلي . وقد قيل : إن المراد بالسمع والبصر هنا أبو بكر  وعمر    ; لقوله عليه السلام فيهما : هما السمع والبصر . وهذا تأويل بعيد ، إنما المراد بهما الجارحتان . 
ومعنى حسبانا أي بحساب يتعلق به مصالح العباد . وقال ابن عباس  في قوله جل وعز : والشمس والقمر حسبانا  أي بحساب . قال الأخفش    : حسبان جمع حساب ; مثل شهاب وشهبان . وقال يعقوب    : حسبان مصدر حسبت الشيء أحسبه حسبانا وحسابا وحسبة ، والحساب الاسم . وقال غيره : جعل الله تعالى سير الشمس والقمر بحساب لا يزيد ولا ينقص ; فدلهم الله عز وجل بذلك على قدرته ووحدانيته . وقيل : حسبانا أي ضياء .   [ ص: 43 ] والحسبان : النار في لغة ; وقد قال الله تعالى : ويرسل عليها حسبانا من السماء    . قال ابن عباس    : نارا . والحسبانة : الوسادة الصغيرة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					