[ قوله تعالى يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير  فيه مسألتان : 
الأولى : قوله تعالى يا أيها النبي جاهد الكفار  الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وتدخل فيه أمته من بعده . قيل : المراد جاهد بالمؤمنين الكفار . وقال ابن عباس    : أمر بالجهاد مع الكفار بالسيف ، ومع المنافقين باللسان وشدة الزجر والتغليظ   . وروي عن ابن مسعود  أنه قال : جاهد المنافقين بيدك ، فإن لم تستطع فبلسانك ، فإن لم تستطع فاكفهر في وجوههم   . وقال الحسن    : جاهد المنافقين بإقامة الحدود عليهم وباللسان - واختاره قتادة    - وكانوا أكثر من يصيب الحدود .  ابن العربي    : أما إقامة الحجة باللسان فكانت دائمة ، وأما بالحدود لأن أكثر إصابة الحدود كانت عندهم فدعوى لا برهان عليها ، وليس العاصي بمنافق ، إنما المنافق بما يكون في قلبه من النفاق كامنا ، لا بما تتلبس به الجوارح ظاهرا ، وأخبار المحدودين يشهد سياقها أنهم لم يكونوا منافقين . 
الثانية : قوله تعالى واغلظ عليهم  الغلظ : نقيض الرأفة ، وهي شدة القلب على إحلال الأمر بصاحبه . وليس ذلك في اللسان ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها   . ومنه قوله تعالى : ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك   [ ص: 130 ] ومنه قول النسوة لعمر    : أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعنى الغلظ خشونة الجانب . فهي ضد قوله تعالى : واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين    . واخفض لهما جناح الذل من الرحمة    . وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو والصلح والصفح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					