بسم الله الرحمن الرحيم 
أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون  
قوله تعالى : أتى أمر الله فلا تستعجلوه   قيل : أتى بمعنى يأتي ; فهو كقولك : إن أكرمتني أكرمتك . وقد تقدم أن إخبار الله - تعالى - في الماضي والمستقبل سواء ; لأنه آت لا محالة ، كقوله : ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار    . و أمر الله عقابه لمن أقام على الشرك وتكذيب رسوله . قال الحسن   وابن جريج  والضحاك    : إنه ما جاء به القرآن من فرائضه وأحكامه . وفيه بعد ; لأنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة استعجل فرائض الله من قبل أن تفرض عليهم ، وأما مستعجلو العذاب والعقاب فذلك منقول عن كثير من كفار قريش  وغيرهم ، حتى قال النضر بن الحارث    : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك  الآية ، فاستعجل العذاب . 
 [ ص: 61 ] قلت : قد يستدل الضحاك  بقول عمر    - رضي الله عنه - : وافقت ربي في ثلاث : في مقام إبراهيم  ، وفي الحجاب ، وفي أسارى بدر    ; خرجه مسلم   والبخاري    . وقد تقدم في سورة البقرة . وقال الزجاج    : هو ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم ، وهو كقوله : حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور    . وقيل : هو يوم القيامة أو ما يدل على قربها من أشراطها . قال ابن عباس    : لما نزلت اقتربت الساعة وانشق القمر  قال الكفار : إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت ، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون ، فأمسكوا وانتظروا فلم يروا شيئا ، فقالوا : ما نرى شيئا فنزلت اقترب للناس حسابهم  الآية . فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة ، فامتدت الأيام فقالوا : ما نرى شيئا فنزلت أتى أمر الله  فوثب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون وخافوا ; فنزلت فلا تستعجلوه  فاطمأنوا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه : السبابة والتي تليها . يقول : إن كادت لتسبقني فسبقتها   . وقال ابن عباس    : كان بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من أشراط الساعة ، وأن جبريل  لما مر بأهل السماوات مبعوثا إلى محمد    - صلى الله عليه وسلم - قالوا الله أكبر ، قد قامت الساعة   . 
قوله تعالى : سبحانه وتعالى عما يشركون  أي تنزيها له عما يصفونه به من أنه لا يقدر على قيام الساعة ، وذلك أنهم يقولون : لا يقدر أحد على بعث الأموات ، فوصفوه بالعجز الذي لا يوصف به إلا المخلوق ، وذلك شرك . وقيل : عما يشركون  أي عن إشراكهم . وقيل : ما بمعنى الذي أي ارتفع عن الذين أشركوا به . 
				
						
						
