قوله تعالى : فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون   
قوله تعالى : فإذا نفخ في الصور  المراد بهذا النفخ النفخة الثانية . فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون  قال ابن عباس    : لا يفتخرون بالأنساب في الآخرة كما يفتخرون بها في الدنيا ، ولا يتساءلون فيها كما يتساءلون في الدنيا ؛ من أي قبيلة أنت ولا من أي نسب ، ولا يتعارفون لهول ما أذهلهم   . وعن ابن عباس  أن ذلك في النفخة الأولى حين يصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ،  ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ، وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون    . وسأل رجل ابن عباس ،  عن   [ ص: 140 ] هذه الآية وقوله : فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون  فقال : لا يتساءلون في النفخة الأولى ؛ لأنه لا يبقى على الأرض حي ، فلا أنساب ولا تساؤل . وأما قوله فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون  فإنهم إذا دخلوا الجنة تساءلوا   . وقال ابن مسعود    : إنما عنى في هذه الآية النفخة الثانية . وقال أبو عمر زاذان    : دخلت على ابن مسعود  فوجدت أصحاب الخير واليمنة قد سبقوني إليه ، فناديت بأعلى صوتي : يا  عبد الله بن مسعود    ! من أجل أني رجل أعجمي أدنيت هؤلاء وأقصيتني ! فقال : ادنه ؛ فدنوت ، حتى ما كان بيني وبينه جليس فسمعته يقول : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة فينصب على رءوس الأولين والآخرين ثم ينادي مناد : هذا فلان بن فلان ، من كان له حق فليأت إلى حقه ؛ فتفرح المرأة أن يدور لها الحق على أبيها ، أو على زوجها ، أو على أخيها ، أو على ابنها ؛ ثم قرأ ابن مسعود    : فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون  فيقول الرب سبحانه وتعالى ( آت هؤلاء حقوقهم ) فيقول : يا رب قد فنيت الدنيا فمن أين أوتيهم ؛ فيقول الرب للملائكة : ( خذوا من حسناته فأعطوا كل إنسان بقدر طلبته ) فإن كان وليا لله فضلت من حسناته مثقال حبة من خردل فيضاعفها الله تعالى حتى يدخله بها الجنة ، ثم قرأ ابن مسعود    ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما    ) . وإن كان شقيا قالت الملائكة : رب ! فنيت حسناته وبقي طالبون ؛ فيقول الله تعالى : ( خذوا من أعمالهم فأضيفوها إلى سيئاته وصكوا له صكا إلى جهنم   ) . 
				
						
						
