قوله تعالى : ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون    . 
 قوله تعالى : ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون  أي يحلف المشركون . ما لبثوا غير ساعة  ليس في هذا رد لعذاب القبر ; إذ كان قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير طريق أنه تعوذ منه ، وأمر أن يتعوذ منه ; فمن ذلك ما رواه  عبد الله بن مسعود  قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة  وهي تقول : اللهم أمتعني بزوجي رسول الله ، وبأبي أبي سفيان  ، وبأخي معاوية    ; فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : لقد سألت الله لآجال مضروبة وأرزاق مقسومة ولكن سليه أن يعيذك من عذاب جهنم وعذاب القبر في أحاديث مشهورة خرجها مسلم   والبخاري  وغيرهما . وقد ذكرنا منها جملة في كتاب ( التذكرة ) . وفي معنى : ما لبثوا غير ساعة  قولان : أحدهما : أنه لا بد   [ ص: 45 ] من خمدة قبل يوم القيامة ; فعلى هذا قالوا : ما لبثنا غير ساعة . والقول الآخر : أنهم يعنون في الدنيا لزوالها وانقطاعها ، كما قال الله تعالى : كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها  كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ، وإن كانوا قد أقسموا على غيب وعلى غير ما يدرون . كذلك كانوا يؤفكون  أي كانوا يكذبون في الدنيا ; يقال : أفك الرجل إذا صرف عن الصدق والخير . وأرض مأفوكة : ممنوعة من المطر . وقد زعم جماعة من أهل النظر أن القيامة لا يجوز أن يكون فيها كذب لما هم فيه ، والقرآن يدل على غير ذلك ، قال الله عز وجل : كذلك كانوا يؤفكون  أي كما صرفوا عن الحق في قسمهم أنهم ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يصرفون عن الحق في الدنيا ; وقال جل وعز : يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون  وقال : ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين انظر كيف كذبوا    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					