قوله تعالى : قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا     . 
قوله تعالى : قد يعلم الله المعوقين منكم  أي المعترضين منكم لأن يصدوا الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم ; وهو مشتق من عاقني عن كذا أي صرفني عنه . وعوق ، على التكثير والقائلين لإخوانهم هلم إلينا  على لغة أهل الحجاز     . وغيرهم يقولون : ( هلموا ) للجماعة ، وهلمي للمرأة ; لأن الأصل : ( ها ) التي للتنبيه ضمت إليها ( لم ) ثم حذفت الألف استخفافا وبنيت على الفتح . ولم يجز فيها الكسر ولا الضم لأنها لا تنصرف . ومعنى ( هلم ) أقبل ; وهؤلاء طائفتان ; أي منكم من يثبط ويعوق . والعوق المنع والصرف ; يقال : عاقه يعوقه عوقا ، وعوقه واعتاقه بمعنى واحد . قال مقاتل    : هم عبد الله بن أبي  وأصحابه المنافقون . والقائلين لإخوانهم هلم  فيهم ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم المنافقون ; قالوا للمسلمين : ما محمد   [ ص: 140 ] وأصحابه إلا أكلة رأس ، وهو هالك ومن معه ، فهلم إلينا . الثاني : أنهم اليهود  من بني قريظة    ; قالوا لإخوانهم من المنافقين : هلم إلينا ; أي تعالوا إلينا وفارقوا محمدا  فإنه هالك ، وإن أبا سفيان  إن ظفر لم يبق منكم أحدا . والثالث : ما حكاه ابن زيد    : أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بين الرماح والسيوف ; فقال أخوه - وكان من أمه وأبيه - : هلم إلي ، قد تبع بك وبصاحبك ; أي قد أحيط بك وبصاحبك . فقال له : كذبت ، والله لأخبرنه بأمرك ; وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره ، فوجده قد نزل عليه جبريل  عليه السلام بقوله تعالى : قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا    . ذكره  الماوردي  والثعلبي  أيضا . ولفظه : قال ابن زيد  هذا يوم الأحزاب ، انطلق رجل من عند النبي صلى الله عليه وسلم فوجد أخاه بين يديه رغيف وشواء ونبيذ ; فقال له : أنت في هذا ونحن بين الرماح والسيوف ؟ فقال : هلم إلى هذا فقد تبع لك ولأصحابك ، والذي تحلف به لا يستقل بها محمد  أبدا . فقال : كذبت . فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره فوجده قد نزل عليه جبريل  بهذه الآية . ولا يأتون البأس إلا قليلا  خوفا من الموت   . وقيل : لا يحضرون القتال إلا رياء وسمعة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					