قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إنما أموالكم وأولادكم فتنة أي بلاء واختبار يحملكم على كسب المحرم ومنع حق الله تعالى فلا تطيعوهم في معصية الله . وفي الحديث :
" يؤتى برجل يوم [ ص: 133 ] القيامة فيقال : أكل عياله حسناته " . وعن بعض السلف : العيال سوس الطاعات . وقال
القتبي : فتنة أي إغرام ; يقال : فتن الرجل بالمرأة أي شغف بها . وقيل : فتنة محنة . ومنه قول الشاعر :
لقد فتن الناس في دينهم وخلى ابن عفان شرا طويلا
وقال
ابن مسعود : لا يقولن أحدكم اللهم اعصمني من الفتنة ; فإنه ليس أحد منكم يرجع إلى مال وأهل وولد إلا وهو مشتمل على فتنة ; ولكن ليقل : اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن . وقال
الحسن في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=14إن من أزواجكم : أدخل من للتبعيض ; لأن كلهم ليسوا بأعداء . ولم يذكر " من " في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إنما أموالكم وأولادكم فتنة لأنهما لا يخلوان من الفتنة واشتغال القلب بهما . روى
الترمذي وغيره
nindex.php?page=hadith&LINKID=865232عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ; فجاء الحسن والحسين - عليهما السلام - وعليهما قميصان أحمران ، يمشيان ويعثران ; فنزل صلى الله عليه وسلم فحملهما بين يديه ، ثم قال : " صدق الله عز وجل ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) . نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما " ثم أخذ في خطبته .
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15والله عنده أجر عظيم يعني الجنة ، فهي الغاية ، ولا أجر أعظم منها في قول المفسرين . وفي الصحيحين واللفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري - عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831432 " إن الله يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة . فيقولون : لبيك ربنا وسعديك . فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك . فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك . قالوا : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا " . وقد تقدم ولا شك في أن الرضا غاية الآمال . وأنشد الصوفية في تحقيق ذلك :
امتحن الله به خلقه فالنار والجنة في قبضته
فهجره أعظم من ناره ووصله أطيب من جنته
[ ص: 134 ]
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ أَيْ بَلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ يَحْمِلُكُمْ عَلَى كَسْبِ الْمُحَرَّمِ وَمَنْعِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُطِيعُوهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ . وَفِي الْحَدِيثِ :
" يُؤْتَى بِرَجُلٍ يَوْمَ [ ص: 133 ] الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ : أَكَلَ عِيَالُهُ حَسَنَاتِهِ " . وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ : الْعِيَالُ سُوسُ الطَّاعَاتِ . وَقَالَ
الْقُتَبِيُّ : فِتْنَةٌ أَيْ إِغْرَامٌ ; يُقَالُ : فُتِنَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ أَيْ شُغِفَ بِهَا . وَقِيلَ : فِتْنَةُ مِحْنَةٍ . وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
لَقَدْ فُتِنَ النَّاسُ فِي دِينِهِمْ وَخَلَّى ابْنُ عَفَّانَ شَرًّا طَوِيلَا
وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ : لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الْفِتْنَةِ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَرْجِعُ إِلَى مَالٍ وَأَهْلٍ وَوَلَدٍ إِلَّا وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فِتْنَةٍ ; وَلَكِنْ لِيَقُلِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوَذُ بِكَ مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=14إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ : أَدْخَلَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ ; لِأَنَّ كُلَّهُمْ لَيْسُوا بِأَعْدَاءَ . وَلَمْ يَذْكُرْ " مِنْ " فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْلُوَانِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَاشْتِغَالِ الْقَلْبِ بِهِمَا . رَوَى
التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=865232عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ ; فَجَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَعَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ ، يَمْشِيَانِ وَيَعْثِرَانِ ; فَنَزَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمَلَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : " صَدَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ) . نَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنَ الصَّبِيَّيْنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثِرَانِ فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ حَدِيثِي وَرَفَعْتُهُمَا " ثُمَّ أَخَذَ فِي خُطْبَتِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=15وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ يَعْنِي الْجَنَّةَ ، فَهِيَ الْغَايَةُ ، وَلَا أَجْرَ أَعْظَمَ مِنْهَا فِي قَوْلِ الْمُفَسِّرِينَ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَاللَّفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070لِلْبُخَارِيِّ - عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831432 " إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ . فَيَقُولُونَ : لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ . فَيَقُولُ : هَلْ رَضِيتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ . فَيَقُولُ : أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ . قَالُوا : يَا رَبِّ ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُ : أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا " . وَقَدْ تَقَدَّمَ وَلَا شَكَ فِي أَنَّ الرِّضَا غَايَةُ الْآمَالِ . وَأَنْشَدَ الصُّوفِيَّةُ فِي تَحْقِيقِ ذَلِكَ :
امْتَحَنَ اللَّهُ بِهِ خَلْقَهُ فَالنَّارُ وَالْجَنَّةُ فِي قَبْضَتِهْ
فَهَجْرُهُ أَعْظَمُ مِنْ نَارِهِ وَوَصْلُهُ أَطْيَبُ مِنْ جَنَّتِهْ
[ ص: 134 ]