[ ص: 171 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=2قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=2قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم تحليل اليمين كفارتها . أي إذا أحببتم استباحة المحلوف عليه ، وهو قوله تعالى في سورة " المائدة " :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89فكفارته إطعام عشرة مساكين . ويتحصل من هذا أن
nindex.php?page=treesubj&link=16541_16425_16424من حرم شيئا من المأكول والمشروب لم يحرم عليه عندنا ، لأن الكفارة لليمين لا للتحريم على ما بيناه .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يراه يمينا في كل شيء ، ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرمه ، فإذا حرم طعاما فقد حلف على أكله ، أو أمة فعلى وطئها ، أو زوجة فعلى الإيلاء منها إذا لم يكن له نية ، وإن نوى الظهار فظهار ، وإن نوى الطلاق فطلاق بائن . وكذلك إن نوى ثنتين أو ثلاثا . وإن قال : نويت الكذب دين فيما بينه وبين الله تعالى . ولا يدين في القضاء بإبطال الإيلاء . وإن قال : كل حلال عليه حرام ; فعلى الطعام والشراب إذا لم ينو ، وإلا فعلى ما نوى . ولا يراه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يمينا ولكن سببا في الكفارة في النساء وحدهن . وإن نوى الطلاق فهو رجعي عنده ، على ما تقدم بيانه . فإن حلف ألا يأكله حنث ويبر بالكفارة .
الثانية : فإن حرم أمته أو زوجته فكفارة يمين ، كما في صحيح
مسلم عن
ابن عباس قال : إذا حرم الرجل عليه امرأته ، فهي يمين يكفرها . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .
الثالثة : قيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم كفر عن يمينه . وعن
الحسن : لم يكفر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وكفارة اليمين في هذه السورة إنما أمر بها الأمة . والأول أصح ، وأن المراد بذلك النبي صلى الله عليه وسلم . ثم إن الأمة تقتدي به في ذلك . وقد قدمنا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم أنه عليه السلام كفر بعتق رقبة . وعن
مقاتل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة في تحريم مارية . والله أعلم . وقيل : أي قد فرض الله لكم تحليل ملك اليمين ، فبين في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له أي فيما شرعه له في النساء المحللات . أي حلل
[ ص: 172 ] لكم ملك الأيمان ، فلم تحرم
مارية على نفسك مع تحليل الله إياها لك . وقيل : تحلة اليمين الاستثناء ، أي فرض الله لكم الاستثناء المخرج عن اليمين . ثم عند قوم
nindex.php?page=treesubj&link=16398يجوز الاستثناء من الأيمان متى شاء وإن تحلل مدة . وعند المعظم لا يجوز إلا متصلا ، فكأنه قال : استثن بعد هذا فيما تحلف عليه . وتحلة اليمين تحليلها بالكفارة ، والأصل تحللة ، فأدغمت . وتفعلة من مصادر فعل ; كالتسمية والتوصية . فالتحلة تحليل اليمين . فكأن اليمين عقد ، والكفارة حل . وقيل : التحلة الكفارة ; أي إنها تحل للحالف ما حرم على نفسه ; أي إذا كفر صار كمن لم يحلف .
" والله مولاكم " وليكم وناصركم بإزالة الحظر فيما تحرمونه على أنفسكم ، وبالترخيص لكم في تحليل أيمانكم بالكفارة ، وبالثواب على ما تخرجونه في الكفارة .
[ ص: 171 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=2قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=2قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ تَحْلِيلُ الْيَمِينِ كَفَّارَتُهَا . أَيْ إِذَا أَحْبَبْتُمُ اسْتِبَاحَةَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الْمَائِدَةِ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ . وَيَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16541_16425_16424مَنْ حَرَّمَ شَيْئًا مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لِلْيَمِينِ لَا لِلتَّحْرِيمِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ يَرَاهُ يَمِينًا فِي كُلِّ شَيْءٍ ، وَيَعْتَبِرُ الِانْتِفَاعَ الْمَقْصُودَ فِيمَا يُحَرِّمُهُ ، فَإِذَا حَرَّمَ طَعَامًا فَقَدْ حَلَفَ عَلَى أَكْلِهِ ، أَوْ أَمَةً فَعَلَى وَطْئِهَا ، أَوْ زَوْجَةً فَعَلَى الْإِيلَاءِ مِنْهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ ، وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ فَظِهَارٌ ، وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَطَلَاقٌ بَائِنٌ . وَكَذَلِكَ إِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا . وَإِنْ قَالَ : نَوَيْتُ الْكَذِبَ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى . وَلَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ بِإِبْطَالِ الْإِيلَاءِ . وَإِنْ قَالَ : كُلُّ حَلَالٍ عَلَيْهِ حَرَامٌ ; فَعَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِذَا لَمْ يَنْوِ ، وَإِلَّا فَعَلَى مَا نَوَى . وَلَا يَرَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ يَمِينًا وَلَكِنْ سَبَبًا فِي الْكَفَّارَةِ فِي النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ . وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَهُوَ رَجْعِيٌّ عِنْدَهُ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ . فَإِنْ حَلَفَ أَلَّا يَأْكُلَهُ حَنِثَ وَيَبَرَّ بِالْكَفَّارَةِ .
الثَّانِيَةُ : فَإِنْ حَرَّمَ أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ ، كَمَا فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَن
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : إِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ ، فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا . وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ .
الثَّالِثَةُ : قِيلَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ . وَعَنِ
الْحَسَنِ : لَمْ يُكَفِّرْ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ إِنَّمَا أَمَرَ بِهَا الْأُمَّةَ . وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ إِنَّ الْأُمَّةَ تَقْتَدِي بِهِ فِي ذَلِكَ . وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَفَّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ . وَعَنْ
مُقَاتِلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ رَقَبَةً فِي تَحْرِيمِ مَارِيَةَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقِيلَ : أَيْ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحْلِيلَ مِلْكِ الْيَمِينِ ، فَبَيَّنَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ أَيْ فِيمَا شَرَعَهُ لَهُ فِي النِّسَاءِ الْمُحَلَّلَاتِ . أَيْ حَلَّلَ
[ ص: 172 ] لَكُمْ مِلْكَ الْأَيْمَانِ ، فَلِمَ تُحَرِّمُ
مَارِيَةَ عَلَى نَفْسِكَ مَعَ تَحْلِيلِ اللَّهِ إِيَّاهَا لَكَ . وَقِيلَ : تَحِلَّةُ الْيَمِينِ الِاسْتِثْنَاءُ ، أَيْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمُ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُخْرِجَ عَنِ الْيَمِينِ . ثُمَّ عِنْدَ قَوْمٍ
nindex.php?page=treesubj&link=16398يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْأَيْمَانِ مَتَى شَاءَ وَإِنْ تَحَلَّلَ مُدَّةً . وَعِنْدَ الْمُعْظَمِ لَا يَجُوزُ إِلَّا مُتَّصِلًا ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : اسْتَثْنِ بَعْدَ هَذَا فِيمَا تَحْلِفُ عَلَيْهِ . وَتَحِلَّةُ الْيَمِينِ تَحْلِيلُهَا بِالْكَفَّارَةِ ، وَالْأَصْلُ تَحْلِلَةٌ ، فَأُدْغِمَتْ . وَتَفْعِلَةٌ مِنْ مَصَادِرِ فَعَّلَ ; كَالتَّسْمِيَةِ وَالتَّوْصِيَةِ . فَالتَّحِلَّةُ تَحْلِيلُ الْيَمِينِ . فَكَأَنَّ الْيَمِينَ عَقْدٌ ، وَالْكَفَّارَةُ حَلٌّ . وَقِيلَ : التَّحِلَّةُ الْكَفَّارَةُ ; أَيْ إِنَّهَا تُحِلُّ لِلْحَالِفِ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ ; أَيْ إِذَا كَفَّرَ صَارَ كَمَنْ لَمْ يَحْلِفْ .
" وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ " وَلِيُّكُمْ وَنَاصِرُكُمْ بِإِزَالَةِ الْحَظْرِ فِيمَا تُحَرِّمُونَهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، وَبِالتَّرْخِيصِ لَكُمْ فِي تَحْلِيلِ أَيْمَانِكُمْ بِالْكَفَّارَةِ ، وَبِالثَّوَابِ عَلَى مَا تُخْرِجُونَهُ فِي الْكَفَّارَةِ .