قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=28قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=28قال أوسطهم أي أمثلهم وأعدلهم وأعقلهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=28ألم أقل لكم لولا تسبحون أي هلا تستثنون . وكان استثناؤهم تسبيحا ; قاله
مجاهد وغيره . وهذا يدل على أن هذا الأوسط كان أمرهم بالاستثناء فلم يطيعوه . قال
أبو صالح : كان استثناؤهم سبحان الله . فقال لهم : هلا تسبحون الله ; أي تقولون سبحان الله وتشكرونه على ما أعطاكم . قال
النحاس : أصل التسبيح التنزيه لله عز وجل ; فجعل
مجاهد التسبيح في موضع إن شاء الله ; لأن المعنى تنزيه الله عز وجل أن يكون شيء إلا بمشيئته . وقيل : هلا تستغفرونه من فعلكم وتتوبون إليه من خبث نيتكم ; فإن أوسطهم قال لهم حين عزموا على ذلك وذكرهم انتقامه من المجرمين .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=29قالوا سبحان ربنا اعترفوا بالمعصية ونزهوا الله عن أن يكون ظالما فيما فعل . قال
ابن عباس في قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=29سبحان ربنا أي نستغفر الله من ذنبنا .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=29إنا كنا ظالمين لأنفسنا في منعنا المساكين .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=30فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون أي يلوم هذا هذا في القسم ومنع المساكين ، ويقول : بل أنت أشرت علينا بهذا .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=31قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين أي عاصين بمنع حق الفقراء وترك الاستثناء . وقال
ابن كيسان : طغينا نعم الله فلم نشكرها كما شكرها آباؤنا من قبل .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=32عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها تعاقدوا وقالوا : إن أبدلنا الله خيرا منها لنصنعن كما صنعت آباؤنا ; فدعوا الله وتضرعوا فأبدلهم الله من ليلتهم ما هو خير منها ، وأمر
جبريل أن يقتلع تلك الجنة المحترقة فيجعلها بزغر من
أرض الشام ، ويأخذ من
الشام جنة فيجعلها مكانها . وقال
ابن مسعود : إن القوم أخلصوا وعرف الله منهم صدقهم فأبدلهم جنة يقال لها الحيوان ، فيها عنب يحمل البغل منها عنقودا واحدا . وقال
اليماني أبو خالد : دخلت تلك الجنة فرأيت كل عنقود منها كالرجل الأسود القائم . وقال
الحسن : قول أهل الجنة :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=32إنا إلى ربنا راغبون لا أدري إيمانا كان ذلك منهم أو على حد ما يكون من المشركين إذا أصابتهم الشدة ; فيوقف في كونهم مؤمنين . وسئل
قتادة عن أصحاب الجنة : أهم من أهل الجنة أم من أهل النار ؟ فقال : لقد كلفتني تعبا . والمعظم يقولون : إنهم تابوا وأخلصوا ; حكاه
القشيري . وقراءة العامة " يبدلنا " بالتخفيف . وقرأ
أهل المدينة وأبو عمرو بالتشديد ، وهما لغتان . وقيل : التبديل تغيير
[ ص: 227 ] الشيء أو تغيير حاله وعين الشيء قائم . والإبدال رفع الشيء ووضع آخر مكانه . وقد مضى في سورة " النساء " القول في هذا .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=28قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=28قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَيْ أَمْثَلُهُمْ وَأَعْدَلُهُمْ وَأَعْقَلُهُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=28أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ أَيْ هَلَّا تَسْتَثْنُونَ . وَكَانَ اسْتِثْنَاؤُهُمْ تَسْبِيحًا ; قَالَهُ
مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَوْسَطَ كَانَ أَمَرَهُمْ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَلَمْ يُطِيعُوهُ . قَالَ
أَبُو صَالِحٍ : كَانَ اسْتِثْنَاؤُهُمْ سُبْحَانَ اللَّهِ . فَقَالَ لَهُمْ : هَلَّا تُسَبِّحُونَ اللَّهَ ; أَيْ تَقُولُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَشْكُرُونَهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ . قَالَ
النَّحَّاسُ : أَصْلُ التَّسْبِيحِ التَّنْزِيهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ; فَجَعَلَ
مُجَاهِدٌ التَّسْبِيحَ فِي مَوْضِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى تَنْزِيهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ . وَقِيلَ : هَلَّا تَسْتَغْفِرُونَهُ مِنْ فِعْلِكُمْ وَتَتُوبُونَ إِلَيْهِ مِنْ خُبْثِ نِيَّتِكُمْ ; فَإِنَّ أَوْسَطَهُمْ قَالَ لَهُمْ حِينَ عَزَمُوا عَلَى ذَلِكَ وَذَكَّرَهُمُ انْتِقَامَهُ مِنَ الْمُجْرِمِينَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=29قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا اعْتَرَفُوا بِالْمَعْصِيَةِ وَنَزَّهُوا اللَّهَ عَنْ أَنْ يَكُونَ ظَالِمًا فِيمَا فَعَلَ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=29سُبْحَانَ رَبِّنَا أَيْ نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ ذَنْبِنَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=29إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ لِأَنْفُسِنَا فِي مَنْعِنَا الْمَسَاكِينَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=30فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ أَيْ يَلُومُ هَذَا هَذَا فِي الْقَسَمِ وَمَنْعِ الْمَسَاكِينِ ، وَيَقُولُ : بَلْ أَنْتَ أَشَرْتَ عَلَيْنَا بِهَذَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=31قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ أَيْ عَاصِينَ بِمَنْعِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ وَتَرْكِ الِاسْتِثْنَاءِ . وَقَالَ
ابْنُ كَيْسَانَ : طَغَيْنَا نِعَمَ اللَّهِ فَلَمْ نَشْكُرْهَا كَمَا شَكَرَهَا آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=32عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا تَعَاقَدُوا وَقَالُوا : إِنْ أَبْدَلَنَا اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا لَنَصْنَعَنَّ كَمَا صَنَعَتْ آبَاؤُنَا ; فَدَعَوُا اللَّهَ وَتَضَرَّعُوا فَأَبْدَلَهُمُ اللَّهُ مِنْ لَيْلَتِهِمْ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا ، وَأَمَرَ
جِبْرِيلَ أَنْ يَقْتَلِعَ تِلْكَ الْجَنَّةَ الْمُحْتَرِقَةَ فَيَجْعَلَهَا بِزُغَرَ مِنْ
أَرْضِ الشَّامِ ، وَيَأْخُذَ مِنَ
الشَّامِ جَنَّةً فَيَجْعَلَهَا مَكَانَهَا . وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ : إِنَّ الْقَوْمَ أَخْلَصُوا وَعَرَفَ اللَّهُ مِنْهُمْ صِدْقَهُمْ فَأَبْدَلَهُمْ جَنَّةً يُقَالُ لَهَا الْحَيَوَانُ ، فِيهَا عِنَبٌ يَحْمِلُ الْبَغْلُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَاحِدًا . وَقَالَ
الْيَمَانِيُّ أَبُو خَالِدٍ : دَخَلْتُ تِلْكَ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ كُلَّ عُنْقُودٍ مِنْهَا كَالرَّجُلِ الْأَسْوَدِ الْقَائِمِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : قَوْلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=32إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ لَا أَدْرِي إِيمَانًا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَوْ عَلَى حَدِّ مَا يَكُونُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمُ الشِّدَّةُ ; فَيُوقَفُ فِي كَوْنِهِمْ مُؤْمِنِينَ . وَسُئِلَ
قَتَادَةُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ : أَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ؟ فَقَالَ : لَقَدْ كَلَّفْتَنِي تَعَبًا . وَالْمُعْظَمُ يَقُولُونَ : إِنَّهُمْ تَابُوا وَأَخْلَصُوا ; حَكَاهُ
الْقُشَيْرِيُّ . وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ " يُبْدِلَنَا " بِالتَّخْفِيفِ . وَقَرَأَ
أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَبُو عَمْرٍو بِالتَّشْدِيدِ ، وَهُمَا لُغَتَانِ . وَقِيلَ : التَّبْدِيلُ تَغْيِيرُ
[ ص: 227 ] الشَّيْءِ أَوْ تَغْيِيرُ حَالِهِ وَعَيْنُ الشَّيْءِ قَائِمٌ . وَالْإِبْدَالُ رَفْعُ الشَّيْءِ وَوَضْعُ آخَرَ مَكَانَهُ . وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ " النِّسَاءِ " الْقَوْلُ فِي هَذَا .