قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يوم يكشف عن ساق يجوز أن يكون العامل في " يوم " فليأتوا أي فليأتوا بشركائهم يوم يكشف عن ساق ليشفع الشركاء لهم . ويجوز أن ينتصب بإضمار فعل ، أي اذكر يوم يكشف عن ساق ; فيوقف على صادقين ولا يوقف عليه على التقدير الأول . وقرئ " يوم نكشف " بالنون . وقرأ
ابن عباس " يوم تكشف عن ساق " بتاء مسمى الفاعل ; أي تكشف الشدة أو القيامة عن ساقها ; كقولهم : شمرت الحرب عن ساقها . قال الشاعر :
فتى الحرب إن عضت به الحرب عضها وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا
وقال الراجز :
قد كشفت عن ساقها فشدوا وجدت الحرب بكم فجدوا
وقال آخر :
عجبت من نفسي ومن إشفاقها ومن طراد الطير عن أرزاقها
في سنة قد كشفت عن ساقها حمراء تبري اللحم عن عراقها
وقال آخر :
كشفت لهم عن ساقها وبدا من الشر الصراح
وعن
ابن عباس أيضا
والحسن nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية " تكشف " بتاء غير مسمى الفاعل . وهذه القراءة راجعة إلى معنى يكشف وكأنه قال : يوم تكشف القيامة عن شدة . وقرئ " يوم تكشف "
[ ص: 230 ] بالتاء المضمومة وكسر الشين ; من أكشف إذا دخل في الكشف . ومنه : أكشف الرجل فهو مكشف ; إذا انقلبت شفته العليا . وذكر
ابن المبارك قال : أخبرنا
أسامة بن زيد عن
عكرمة عن
ابن عباس في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يوم يكشف عن ساق قال : عن كرب وشدة . أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
مجاهد قال : شدة الأمر وجده . وقال
مجاهد : قال
ابن عباس هي أشد ساعة في يوم القيامة . وقال
أبو عبيدة : إذا اشتد الحرب والأمر قيل : كشف الأمر عن ساقه . والأصل فيه أن من وقع في شيء يحتاج فيه إلى الجد شمر عن ساقه ; فاستعير الساق والكشف عنها في موضع الشدة . وقيل : ساق الشيء أصله الذي به قوامه ; كساق الشجرة وساق الإنسان . أي يوم يكشف عن أصل الأمر فتظهر حقائق الأمور وأصلها . وقيل : يكشف عن ساق جهنم . وقيل : عن ساق العرش . وقيل : يريد وقت اقتراب الأجل وضعف البدن ; أي يكشف المريض عن ساقه ليبصر ضعفه ، ويدعوه المؤذن إلى الصلاة فلا يمكنه أن يقوم ويخرج . فأما ما روي أن الله يكشف عن ساقه فإنه عز وجل يتعالى عن الأعضاء والتبعيض وأن يكشف ويتغطى . ومعناه أن يكشف عن العظيم من أمره . وقيل : يكشف عن نوره عز وجل . وروى
أبو موسى nindex.php?page=hadith&LINKID=865318عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : عن ساق قال : يكشف عن نور عظيم يخرون له سجدا . وقال
أبو الليث السمرقندي في تفسيره : حدثنا
الخليل بن أحمد قال : حدثنا
ابن منيع قال : حدثنا
هدبة قال : حدثنا
حماد بن سلمة عن
عدي بن زيد عن
عمارة القرشي عن
أبي بردة عن
أبي موسى قال : حدثني أبي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=865319 " إذا كان يوم القيامة مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون في الدنيا ، فيذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ويبقى أهل التوحيد ، فيقال لهم : ما تنتظرون وقد ذهب الناس ؟ فيقولون : إن لنا ربا كنا نعبده في الدنيا ولم نره - قال - وتعرفونه إذا رأيتموه ؟ فيقولون : نعم . فيقال : فكيف تعرفونه ولم تروه ؟ قالوا : إنه لا شبيه له . فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله تعالى فيخرون له سجدا ، وتبقى أقوام ظهورهم مثل صياصي البقر فينظرون إلى الله تعالى فيريدون السجود فلا يستطيعون فذلك قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون [ ص: 231 ] فيقول الله تعالى : عبادي ، ارفعوا رءوسكم فقد جعلت بدل كل رجل منكم رجلا من اليهود والنصارى في النار " . قال
أبو بردة : فحدثت بهذا الحديث
عمر بن عبد العزيز فقال : آلله الذي لا إله إلا هو لقد حدثك أبوك بهذا الحديث ؟ فحلف له ثلاثة أيمان ; فقال
عمر : ما سمعت في أهل التوحيد حديثا هو أحب إلي من هذا . وقال
قيس بن السكن : حدث
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود عند
عمر بن الخطاب فقال : إذا كان يوم القيامة قام الناس لرب العالمين أربعين عاما شاخصة أبصارهم إلى السماء ، حفاة عراة يلجمهم العرق ، فلا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم أربعين عاما ، ثم ينادي مناد : أيها الناس ، أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم وصوركم وأماتكم وأحياكم ثم عبدتم غيره أن يولي كل قوم ما تولوا ؟ قالوا : نعم . قال : فيرفع لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله فيتبعونها حتى تقذفهم في النار ، فيبقى المسلمون والمنافقون فيقال لهم : ألا تذهبون ، قد ذهب الناس ؟ فيقولون : حتى يأتينا ربنا ; فيقال لهم : أوتعرفونه ؟ فيقولون : إن اعترف لنا عرفناه . قال فعند ذلك يكشف عن ساق ويتجلى لهم فيخر من كان يعبده مخلصا ساجدا ، ويبقى المنافقون لا يستطيعون كأن في ظهورهم السفافيد ، فيذهب بهم إلى النار ، ويدخل هؤلاء الجنة ; فذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خاشعة أبصارهم أي ذليلة متواضعة ; ونصبها على الحال .
" ترهقهم ذلة " وذلك أن المؤمنين يرفعون رءوسهم ووجوههم أشد بياضا من الثلج . وتسود وجوه المنافقين والكافرين حتى ترجع أشد سوادا من القار .
قلت : معنى حديث
أبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ثابت في صحيح
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري وغيره .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43وقد كانوا يدعون إلى السجود أي في الدنيا .
" وهم سالمون " معافون أصحاء . قال
إبراهيم التيمي : أي يدعون بالأذان والإقامة فيأبونه . وقال
سعيد بن جبير : كانوا يسمعون حي على الفلاح فلا يجيبون . وقال
كعب الأحبار : والله ما نزلت هذه الآية إلا في
[ ص: 232 ] الذين يتخلفون عن الجماعات . وقيل : أي بالتكليف الموجه عليهم في الشرع ; والمعنى متقارب . وقد مضى في سورة " البقرة " الكلام في وجوب صلاة الجماعة . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14355الربيع بن خيثم قد فلج وكان يهادى بين الرجلين إلى المسجد ; فقيل : يا
أبا يزيد ، لو صليت في بيتك لكانت لك رخصة . فقال : من سمع حي على الفلاح فليجب ولو حبوا . وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=15990لسعيد بن المسيب : إن
طارقا يريد قتلك فتغيب . فقال : أبحيث لا يقدر الله علي ؟ فقيل له : اجلس في بيتك . فقال : أسمع حي على الفلاح ، فلا أجيب !
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِي " يَوْمَ " فَلْيَأْتُوا أَيْ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ لِيَشْفَعَ الشُّرَكَاءُ لَهُمْ . وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ ، أَيِ اذْكُرْ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ; فَيُوقَفُ عَلَى صَادِقِينَ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ . وَقُرِئَ " يَوْمَ نَكْشِفُ " بِالنُّونِ . وَقَرَأَ
ابْنُ عَبَّاسٍ " يَوْمَ تَكْشِفُ عَنْ سَاقٍ " بِتَاءِ مُسَمَّى الْفَاعِلِ ; أَيْ تَكْشِفُ الشِّدَّةُ أَوِ الْقِيَامَةُ عَنْ سَاقِهَا ; كَقَوْلِهِمْ : شَمَّرَتِ الْحَرْبُ عَنْ سَاقِهَا . قَالَ الشَّاعِرُ :
فَتَى الْحَرْبِ إِنْ عَضَّتْ بِهِ الْحَرْبُ عَضَّهَا وَإِنْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ شَمَّرَا
وَقَالَ الرَّاجِزُ :
قَدْ كَشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا فَشُدُّوا وَجَدَّتِ الْحَرْبُ بِكُمْ فَجِدُّوا
وَقَالَ آخَرُ :
عَجِبْتُ مِنْ نَفْسِي وَمِنْ إِشْفَاقِهَا وَمِنْ طِرَادِ الطَّيْرِ عَنْ أَرْزَاقِهَا
فِي سَنَةٍ قَدْ كَشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا حَمْرَاءَ تَبْرِي اللَّحْمَ عَنْ عُرَاقِهَا
وَقَالَ آخَرُ :
كَشَفَتْ لَهُمْ عَنْ سَاقِهَا وَبَدَا مِنَ الشَّرِّ الصُّرَاحْ
وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا
وَالْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبِي الْعَالِيَةِ " تُكْشَفُ " بِتَاءِ غَيْرِ مُسَمَّى الْفَاعِلِ . وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ رَاجِعَةٌ إِلَى مَعْنَى يُكْشَفُ وَكَأَنَّهُ قَالَ : يَوْمَ تَكْشِفُ الْقِيَامَةُ عَنْ شِدَّةٍ . وَقُرِئَ " يَوْمَ تُكْشِفُ "
[ ص: 230 ] بِالتَّاءِ الْمَضْمُومَةِ وَكَسْرِ الشِّينِ ; مِنْ أَكْشَفَ إِذَا دَخَلَ فِي الْكَشْفِ . وَمِنْهُ : أَكْشَفَ الرَّجُلُ فَهُوَ مُكْشَفٌ ; إِذَا انْقَلَبَتْ شَفَتُهُ الْعُلْيَا . وَذَكَرَ
ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ
عِكْرِمَةَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ قَالَ : عَنْ كَرْبٍ وَشِدَّةٍ . أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ قَالَ : شِدَّةُ الْأَمْرِ وَجَدُّهُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ أَشَدُّ سَاعَةً فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : إِذَا اشْتَدَّ الْحَرْبُ وَالْأَمْرُ قِيلَ : كَشَفَ الْأَمْرُ عَنْ سَاقِهِ . وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَنْ وَقَعَ فِي شَيْءٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْجَدِّ شَمَّرَ عَنْ سَاقِهِ ; فَاسْتُعِيرَ السَّاقُ وَالْكَشْفُ عَنْهَا فِي مَوْضِعِ الشِّدَّةِ . وَقِيلَ : سَاقُ الشَّيْءِ أَصْلُهُ الَّذِي بِهِ قِوَامُهُ ; كَسَاقِ الشَّجَرَةِ وَسَاقِ الْإِنْسَانِ . أَيْ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ أَصْلِ الْأَمْرِ فَتَظْهَرُ حَقَائِقُ الْأُمُورِ وَأَصْلُهَا . وَقِيلَ : يُكْشَفُ عَنْ سَاقِ جَهَنَّمَ . وَقِيلَ : عَنْ سَاقِ الْعَرْشِ . وَقِيلَ : يُرِيدُ وَقْتَ اقْتِرَابِ الْأَجَلِ وَضَعْفِ الْبَدَنِ ; أَيْ يَكْشِفُ الْمَرِيضُ عَنْ سَاقِهِ لِيَبْصُرَ ضَعْفَهُ ، وَيَدْعُوَهُ الْمُؤَذِّنُ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُومَ وَيَخْرُجَ . فَأَمَّا مَا رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ يَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ فَإِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَتَعَالَى عَنِ الْأَعْضَاءِ وَالتَّبْعِيضِ وَأَنْ يَكْشِفَ وَيَتَغَطَّى . وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكْشِفَ عَنِ الْعَظِيمِ مِنْ أَمْرِهِ . وَقِيلَ : يَكْشِفُ عَنْ نُورِهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَرَوَى
أَبُو مُوسَى nindex.php?page=hadith&LINKID=865318عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : عَنْ سَاقٍ قَالَ : يَكْشِفُ عَنْ نُورٍ عَظِيمٍ يَخِرُّونَ لَهُ سُجَّدًا . وَقَالَ
أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ : حَدَّثَنَا
الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ مَنِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
هُدْبَةُ قَالَ : حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ
عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ
عُمَارَةَ الْقُرَشِيِّ عَنْ
أَبِي بُرْدَةَ عَنْ
أَبِي مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=865319 " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُثِّلَ لِكُلِّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الدُّنْيَا ، فَيَذْهَبُ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ وَيَبْقَى أَهْلُ التَّوْحِيدِ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : مَا تَنْتَظِرُونَ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ ؟ فَيَقُولُونَ : إِنَّ لَنَا رَبًّا كُنَّا نَعْبُدُهُ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ نَرَهُ - قَالَ - وَتَعْرِفُونَهُ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيُقَالُ : فَكَيْفَ تَعْرِفُونَهُ وَلَمْ تَرَوْهُ ؟ قَالُوا : إِنَّهُ لَا شَبِيهَ لَهُ . فَيَكْشِفُ لَهُمُ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَخِرُّونَ لَهُ سُجَّدًا ، وَتَبْقَى أَقْوَامٌ ظُهُورُهُمْ مِثْلُ صَيَاصِي الْبَقَرِ فَيَنْظُرُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ [ ص: 231 ] فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : عِبَادِي ، ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ فَقَدْ جَعَلْتُ بَدَلَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي النَّارِ " . قَالَ
أَبُو بُرْدَةَ : فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ
عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ : آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ حَدَّثَكَ أَبُوكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ؟ فَحَلَفَ لَهُ ثَلَاثَةَ أَيْمَانٍ ; فَقَالَ
عُمَرُ : مَا سَمِعْتُ فِي أَهْلِ التَّوْحِيدِ حَدِيثًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا . وَقَالَ
قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ : حَدَّثَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عِنْدَ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ : إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَامَ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ أَرْبَعِينَ عَامًا شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ ، حُفَاةً عُرَاةً يُلْجِمُهُمُ الْعَرَقُ ، فَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ عَامًا ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ : أَيُّهَا النَّاسُ ، أَلَيْسَ عَدْلًا مِنْ رَبِّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَصَوَّرَكُمْ وَأَمَاتَكُمْ وَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ أَنْ يُوَلِّيَ كُلَّ قَوْمٍ مَا تَوَلَّوْا ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : فَيُرْفَعُ لِكُلِّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَتْبَعُونَهَا حَتَّى تَقْذِفَهُمْ فِي النَّارِ ، فَيَبْقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْمُنَافِقُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ : أَلَا تَذْهَبُونَ ، قَدْ ذَهَبَ النَّاسُ ؟ فَيَقُولُونَ : حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا ; فَيُقَالُ لَهُمْ : أَوَتَعْرِفُونَهُ ؟ فَيَقُولُونَ : إِنِ اعْتَرَفَ لَنَا عَرَفْنَاهُ . قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيَتَجَلَّى لَهُمْ فَيَخِرُّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُهُ مُخْلِصًا سَاجِدًا ، وَيَبْقَى الْمُنَافِقُونَ لَا يَسْتَطِيعُونَ كَأَنَّ فِي ظُهُورِهِمُ السَّفَافِيدَ ، فَيُذْهَبُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ ، وَيَدْخُلُ هَؤُلَاءِ الْجَنَّةَ ; فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ أَيْ ذَلِيلَةً مُتَوَاضِعَةً ; وَنَصْبُهَا عَلَى الْحَالِ .
" تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ " وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ وَوُجُوهَهُمْ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ . وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ حَتَّى تَرْجِعَ أَشَدَّ سَوَادًا مِنَ الْقَارِ .
قُلْتُ : مَعْنَى حَدِيثِ
أَبِي مُوسَى nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ ثَابِتٌ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِهِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ أَيْ فِي الدُّنْيَا .
" وَهُمْ سَالِمُونَ " مُعَافُونَ أَصِحَّاءُ . قَالَ
إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ : أَيْ يُدْعَوْنَ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَيَأْبَوْنَهُ . وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : كَانُوا يَسْمَعُونَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَلَا يُجِيبُونَ . وَقَالَ
كَعْبُ الْأَحْبَارِ : وَاللَّهِ مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِلَّا فِي
[ ص: 232 ] الَّذِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجَمَاعَاتِ . وَقِيلَ : أَيْ بِالتَّكْلِيفِ الْمُوَجَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الشَّرْعِ ; وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ . وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " الْكَلَامُ فِي وُجُوبِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ . وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=14355الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ قَدْ فُلِجَ وَكَانَ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ إِلَى الْمَسْجِدِ ; فَقِيلَ : يَا
أَبَا يَزِيدَ ، لَوْ صَلَّيْتَ فِي بَيْتِكَ لَكَانَتْ لَكَ رُخْصَةٌ . فَقَالَ : مَنْ سَمِعَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَلْيُجِبْ وَلَوْ حَبْوًا . وَقِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : إِنَّ
طَارِقًا يُرِيدُ قَتْلَكَ فَتَغَيَّبْ . فَقَالَ : أَبِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ اللَّهُ عَلَيَّ ؟ فَقِيلَ لَهُ : اجْلِسْ فِي بَيْتِكَ . فَقَالَ : أَسْمَعُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، فَلَا أُجِيبُ !