قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية
قوله تعالى : إنا لما طغى الماء أي ارتفع وعلا . وقال
علي رضي الله عنه : طغى على خزانه من الملائكة غضبا لربه فلم يقدروا على حبسه . قال
قتادة : زاد على كل شيء خمسة عشر ذراعا . وقال
ابن عباس : طغى الماء زمن
نوح على خزانه فكثر عليهم فلم يدروا كم خرج . وليس من الماء قطرة تنزل قبله ولا بعده إلا بكيل معلوم غير ذلك اليوم . وقد مضى هذا مرفوعا أول السورة . والمقصود من قصص هذه الأمم وذكر ما حل بهم من العذاب : زجر هذه
[ ص: 243 ] الأمة عن الاقتداء بهم في معصية الرسول . ثم من عليهم بأن جعلهم ذرية من نجا من الغرق بقوله :
" حملناكم " أي حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم .
" في الجارية " أي في السفن الجارية . والمحمول في الجارية
نوح وأولاده ، وكل من على وجه الأرض من نسل أولئك .
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12لنجعلها لكم تذكرة يعني سفينة
نوح عليه الصلاة والسلام . جعلها الله تذكرة وعظة لهذه الأمة حتى أدركها أوائلهم ; في قول
قتادة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : كانت ألواحها على
الجودي . والمعنى : أبقيت لكم تلك الخشبات حتى تذكروا ما حل بقوم
نوح ، وإنجاء الله آباءكم ; وكم من سفينة هلكت وصارت ترابا ولم يبق منها شيء . وقيل : لنجعل تلك الفعلة من إغراق قوم
نوح وإنجاء من آمن معه موعظة لكم ; ولهذا قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12وتعيها أذن واعية أي تحفظها وتسمعها أذن حافظة لما جاء من عند الله . والسفينة لا توصف بهذا . قال
الزجاج : ويقال وعيت كذا أي حفظته في نفسي ، أعيه وعيا . ووعيت العلم ، ووعيت ما قلت ; كله بمعنى . وأوعيت المتاع في الوعاء . قال
الزجاج : يقال لكل ما حفظته في غير نفسك : " أوعيته " بالألف ، ولما حفظته في نفسك " وعيته " بغير ألف . وقرأ
طلحة وحميد nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج " وتعيها " بإسكان العين ; تشبيها بقول : " أرنا " . واختلف فيها عن
عاصم وابن كثير . الباقون بكسر العين ; ونظير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12وتعيها أذن واعية ،
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=37إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب . وقال
قتادة : الأذن الواعية أذن عقلت عن الله تعالى ، وانتفعت بما سمعت من كتاب الله عز وجل . وروى
مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عند نزول هذه الآية : " سألت ربي أن يجعلها أذن علي " . قال مكحول : فكان علي رضي الله عنه يقول : ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فنسيته إلا وحفظته . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي . وعن
الحسن نحوه . ذكره
الثعلبي قال :
لما نزلت nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12وتعيها أذن واعية قال النبي صلى الله عليه وسلم : " سألت ربي أن يجعلها أذنك يا علي " قال علي : فوالله ما نسيت شيئا بعد ، وما كان لي أن أنسى . وقال
أبو برزة الأسلمي قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي : " يا علي إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن أعلمك ، وأن تعي ، وحق على الله أن تعي " .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ
قَوْلُهُ تَعَالَى : إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ أَيِ ارْتَفَعَ وَعَلَا . وَقَالَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : طَغَى عَلَى خُزَّانِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ غَضَبًا لِرَبِّهِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى حَبْسِهِ . قَالَ
قَتَادَةُ : زَادَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : طَغَى الْمَاءُ زَمَنَ
نُوحٍ عَلَى خُزَّانِهِ فَكَثُرَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَدْرُوا كَمْ خَرَجَ . وَلَيْسَ مِنَ الْمَاءِ قَطْرَةٌ تَنْزِلُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ إِلَّا بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ غَيْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ . وَقَدْ مَضَى هَذَا مَرْفُوعًا أَوَّلَ السُّورَةِ . وَالْمَقْصُودُ مِنْ قَصَصِ هَذِهِ الْأُمَمِ وَذِكْرِ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ : زَجْرُ هَذِهِ
[ ص: 243 ] الْأُمَّةِ عَنِ الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ فِي مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ . ثُمَّ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِأَنْ جَعَلَهُمْ ذُرِّيَّةَ مَنْ نَجَا مِنَ الْغَرَقِ بِقَوْلِهِ :
" حَمَلْنَاكُمْ " أَيْ حَمَلْنَا آبَاءَكُمْ وَأَنْتُمْ فِي أَصْلَابِهِمْ .
" فِي الْجَارِيَةِ " أَيْ فِي السُّفُنِ الْجَارِيَةِ . وَالْمَحْمُولُ فِي الْجَارِيَةِ
نُوحٌ وَأَوْلَادُهُ ، وَكُلُّ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ نَسْلِ أُولَئِكَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً يَعْنِي سَفِينَةَ
نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ . جَعَلَهَا اللَّهُ تَذْكِرَةً وَعِظَةً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ حَتَّى أَدْرَكَهَا أَوَائِلُهُمْ ; فِي قَوْلِ
قَتَادَةَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : كَانَتْ أَلْوَاحُهَا عَلَى
الْجُودِيِّ . وَالْمَعْنَى : أَبْقَيْتُ لَكُمْ تِلْكَ الْخَشَبَاتِ حَتَّى تَذْكُرُوا مَا حَلَّ بِقَوْمِ
نُوحٍ ، وَإِنْجَاءَ اللَّهِ آبَاءَكُمْ ; وَكَمْ مِنْ سَفِينَةٍ هَلَكَتْ وَصَارَتْ تُرَابًا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ . وَقِيلَ : لِنَجْعَلَ تِلْكَ الْفَعْلَةَ مِنْ إِغْرَاقِ قَوْمِ
نُوحٍ وَإِنْجَاءِ مَنْ آمَنَ مَعَهُ مَوْعِظَةً لَكُمْ ; وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ أَيْ تَحْفَظُهَا وَتَسْمَعُهَا أُذُنٌ حَافِظَةٌ لِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . وَالسَّفِينَةُ لَا تُوصَفُ بِهَذَا . قَالَ
الزَّجَّاجُ : وَيُقَالُ وَعَيْتُ كَذَا أَيْ حَفِظْتُهُ فِي نَفْسِي ، أَعِيهِ وَعْيًا . وَوَعَيْتُ الْعِلْمَ ، وَوَعَيْتُ مَا قُلْتَ ; كُلُّهُ بِمَعْنًى . وَأَوْعَيْتُ الْمَتَاعَ فِي الْوِعَاءِ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : يُقَالُ لِكُلِّ مَا حَفِظْتَهُ فِي غَيْرِ نَفْسِكَ : " أَوْعَيْتُهُ " بِالْأَلِفِ ، وَلِمَا حَفِظْتَهُ فِي نَفْسِكَ " وَعَيْتُهُ " بِغَيْرِ أَلِفٍ . وَقَرَأَ
طَلْحَةُ وَحُمَيْدٌ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ " وَتَعْيَهَا " بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ ; تَشْبِيهًا بِقَوْلِ : " أَرْنَا " . وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ
عَاصِمٍ وَابْنِ كَثِيرٍ . الْبَاقُونَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ ; وَنَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=37إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : الْأُذُنُ الْوَاعِيَةُ أُذُنٌ عَقَلَتْ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَانْتَفَعَتْ بِمَا سَمِعَتْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَرَوَى
مَكْحُولٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ : " سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَ عَلِيٍّ " . قَالَ مَكْحُولٌ : فَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ فَنَسِيتُهُ إِلَّا وَحَفِظْتُهُ . ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ . وَعَنِ
الْحَسَنِ نَحْوَهُ . ذَكَرَهُ
الثَّعْلَبِيُّ قَالَ :
لَمَّا نَزَلَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=12وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ يَا عَلِيُّ " قَالَ عَلِيٌّ : فَوَاللَّهِ مَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدُ ، وَمَا كَانَ لِي أَنْ أَنْسَى . وَقَالَ
أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ : " يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُدْنِيَكَ وَلَا أُقْصِيَكَ ، وَأَنْ أُعَلِّمَكَ ، وَأَنْ تَعِيَ ، وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ تَعِيَ " .