قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10فقلت استغفروا ربكم أي سلوه المغفرة من ذنوبكم السالفة بإخلاص الإيمان .
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10إنه كان غفارا وهذا منه ترغيب في التوبة . وقد روى
حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
الاستغفار ممحاة للذنوب . وقال
الفضيل : يقول العبد أستغفر الله ; وتفسيرها أقلني .
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=11يرسل السماء عليكم مدرارا أي يرسل ماء السماء ; ففيه إضمار . وقيل : السماء المطر ; أي يرسل المطر . قال الشاعر
معاوية بن مالك :
إذا سقط السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
و " مدرارا " ذا غيث كثير . وجزم " يرسل " جوابا للأمر . وقال
مقاتل : لما كذبوا
نوحا زمانا طويلا حبس الله عنهم المطر ، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة ; فهلكت مواشيهم وزروعهم ، فصاروا إلى
نوح عليه السلام واستغاثوا به . فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10استغفروا ربكم إنه كان غفارا أي لم يزل كذلك لمن أناب إليه . ثم قال ترغيبا في الإيمان :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=11يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا . قال
قتادة :
علم [ ص: 277 ] نبي الله صلى الله عليه وسلم أنهم أهل حرص على الدنيا فقال : هلموا إلى طاعة الله فإن في طاعة الله درك الدنيا والآخرة .
الثالثة : في هذه الآية والتي في " هود " دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=20011الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار . قال
الشعبي : خرج
عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع ، فأمطروا فقالوا : ما رأيناك استسقيت ؟ فقال : لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر . ثم قرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا . وقال
الأوزاعي : خرج الناس يستسقون ، فقام فيهم
بلال بن سعد فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : اللهم إنا سمعناك تقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91ما على المحسنين من سبيل وقد أقررنا بالإساءة ، فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا ؟ ! اللهم اغفر لنا وارحمنا واسقنا ! فرفع يديه ورفعوا أيديهم ، فسقوا . وقال
ابن صبيح : شكا رجل إلى
الحسن الجدوبة فقال له : استغفر الله . وشكا آخر إليه الفقر فقال له : استغفر الله . وقال له آخر : ادع الله أن يرزقني ولدا ; فقال له : استغفر الله . وشكا إليه آخر جفاف بستانه ; فقال له : استغفر الله . فقلنا له في ذلك ؟ فقال : ما قلت من عندي شيئا ; إن الله تعالى يقول في سورة " نوح " :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا وقد مضى في سورة " آل عمران " كيفية الاستغفار ، وإن ذلك يكون عن إخلاص وإقلاع من الذنوب . وهو الأصل في الإجابة .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ أَيْ سَلُوهُ الْمَغْفِرَةَ مِنْ ذُنُوبِكُمُ السَّالِفَةِ بِإِخْلَاصِ الْإِيمَانِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا وَهَذَا مِنْهُ تَرْغِيبٌ فِي التَّوْبَةِ . وَقَدْ رَوَى
حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
الِاسْتِغْفَارُ مِمْحَاةٌ لِلذُّنُوبِ . وَقَالَ
الْفُضَيْلُ : يَقُولُ الْعَبْدُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ; وَتَفْسِيرُهَا أَقِلْنِي .
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=11يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا أَيْ يُرْسِلْ مَاءَ السَّمَاءِ ; فَفِيهِ إِضْمَارٌ . وَقِيلَ : السَّمَاءُ الْمَطَرُ ; أَيْ يُرْسِلِ الْمَطَرَ . قَالَ الشَّاعِرُ
مُعَاوِيَةُ بْنُ مَالِكٍ :
إِذَا سَقَطَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا
وَ " مِدْرَارًا " ذَا غَيْثٍ كَثِيرٍ . وَجُزِمَ " يُرْسِلْ " جَوَابًا لِلْأَمْرِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : لَمَّا كَذَّبُوا
نُوحًا زَمَانًا طَوِيلًا حَبَسَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْمَطَرَ ، وَأَعْقَمَ أَرْحَامَ نِسَائِهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً ; فَهَلَكَتْ مَوَاشِيهِمْ وَزُرُوعُهُمْ ، فَصَارُوا إِلَى
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَاسْتَغَاثُوا بِهِ . فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ لِمَنْ أَنَابَ إِلَيْهِ . ثُمَّ قَالَ تَرْغِيبًا فِي الْإِيمَانِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=11يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا . قَالَ
قَتَادَةُ :
عَلِمَ [ ص: 277 ] نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ أَهْلُ حِرْصٍ عَلَى الدُّنْيَا فَقَالَ : هَلُمُّوا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَإِنَّ فِي طَاعَةِ اللَّهِ دَرْكَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
الثَّالِثَةُ : فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَالَّتِي فِي " هُودٍ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20011الِاسْتِغْفَارَ يُسْتَنْزَلُ بِهِ الرِّزْقُ وَالْأَمْطَارُ . قَالَ
الشَّعْبِيُّ : خَرَجَ
عُمَرُ يَسْتَسْقِي فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ حَتَّى رَجَعَ ، فَأُمْطِرُوا فَقَالُوا : مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ ؟ فَقَالَ : لَقَدْ طَلَبْتُ الْمَطَرَ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّتِي يُسْتَنْزَلُ بِهَا الْمَطَرُ . ثُمَّ قَرَأَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلُ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَقَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ : خَرَجَ النَّاسُ يَسْتَسْقُونَ ، فَقَامَ فِيهِمْ
بِلَالُ بْنُ سَعْدٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّا سَمِعْنَاكَ تَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَقَدْ أَقْرَرْنَا بِالْإِسَاءَةِ ، فَهَلْ تَكُونُ مَغْفِرَتُكَ إِلَّا لِمِثْلِنَا ؟ ! اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَاسْقِنَا ! فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَرَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ ، فَسُقُوا . وَقَالَ
ابْنُ صُبَيْحٍ : شَكَا رَجُلٌ إِلَى
الْحَسَنِ الْجُدُوبَةَ فَقَالَ لَهُ : اسْتَغْفِرِ اللَّهَ . وَشَكَا آخَرُ إِلَيْهِ الْفَقْرَ فَقَالَ لَهُ : اسْتَغْفِرِ اللَّهَ . وَقَالَ لَهُ آخَرُ : ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَدًا ; فَقَالَ لَهُ : اسْتَغْفِرِ اللَّهَ . وَشَكَا إِلَيْهِ آخَرُ جَفَافَ بُسْتَانِهِ ; فَقَالَ لَهُ : اسْتَغْفِرِ اللَّهَ . فَقُلْنَا لَهُ فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : مَا قُلْتُ مِنْ عِنْدِي شَيْئًا ; إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي سُورَةِ " نُوحٍ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ " آلِ عِمْرَانَ " كَيْفِيَّةُ الِاسْتِغْفَارِ ، وَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عَنْ إِخْلَاصٍ وَإِقْلَاعٍ مِنَ الذُّنُوبِ . وَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْإِجَابَةِ .