nindex.php?page=treesubj&link=29042قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا قال
ابن عباس وغيره : هي أصنام وصور ، كان قوم
نوح يعبدونها ثم عبدتها العرب . وهذا قول الجمهور . وقيل : إنها للعرب لم يعبدها غيرهم . وكانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم ; فلذلك خصوها بالذكر بعد قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23لا تذرن آلهتكم . ويكون معنى الكلام كما قال قوم
نوح لأتباعهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23لا تذرن آلهتكم قالت العرب لأولادهم وقومهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23لا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ; ثم عاد بالذكر بعد ذلك إلى قوم
نوح عليه السلام . وعلى القول الأول ، الكلام كله منسوق في قوم
نوح . وقال
عروة بن الزبير وغيره : اشتكى
آدم عليه السلام وعنده بنوه :
ود ،
وسواع ،
ويغوث ،
ويعوق ،
ونسر . وكان
ود أكبرهم وأبرهم به . قال
محمد بن كعب : كان
لآدم عليه السلام خمس بنين :
ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ; وكانوا عبادا فمات واحد منهم فحزنوا عليه ; فقال الشيطان : أنا أصور لكم مثله إذا نظرتم إليه ذكرتموه . قالوا : افعل فصوره في المسجد من صفر ورصاص . ثم مات آخر ، فصوره حتى ماتوا كلهم فصورهم . وتنقصت الأشياء كما تتنقص اليوم إلى أن تركوا عبادة الله تعالى بعد حين . فقال لهم الشيطان : ما لكم لا تعبدون شيئا ؟ قالوا : وما نعبد ؟ قال : آلهتكم وآلهة آبائكم ، ألا ترون في
[ ص: 282 ] مصلاكم . فعبدوها من دون الله ; حتى بعث الله
نوحا فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا الآية . وقال
محمد بن كعب أيضا
ومحمد بن قيس : بل كانوا قوما صالحين بين
آدم ونوح ، وكان لهم تبع يقتدون بهم ، فلما ماتوا زين لهم إبليس أن يصوروا صورهم ليتذكروا بها اجتهادهم ، وليتسلوا بالنظر إليها ; فصورهم . فلما ماتوا هم وجاء آخرون قالوا : ليت شعرنا هذه الصور ما كان آباؤنا يصنعون بها ؟ فجاءهم الشيطان فقال : كان آباؤكم يعبدونها فترحمهم وتسقيهم المطر . فعبدوها فابتدئ عبادة الأوثان من ذلك الوقت .
قلت : وبهذا المعنى فسر ما جاء في صحيح
مسلم من حديث
عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=831477أن أم حبيبة nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة تسمى مارية ، فيها تصاوير ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم ; فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة " . وذكر
الثعلبي عن
ابن عباس قال : هذه الأصنام أسماء رجال صالحين من قوم
نوح ; فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا في مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم تذكروهم بها ; ففعلوا ، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت من دون الله . وذكر أيضا عن
ابن عباس أن
نوحا عليه السلام ، كان يحرس جسد
آدم عليه السلام على جبل
بالهند ، فيمنع الكافرين أن يطوفوا بقبره ; فقال لهم الشيطان : إن هؤلاء يفخرون عليكم ويزعمون أنهم بنو آدم دونكم ، وإنما هو جسد ، وأنا أصور لكم مثله تطوفون به ; فصور لهم هذه الأصنام الخمسة وحملهم على عبادتها . فلما كان أيام الطوفان دفنها الطين والتراب والماء ; فلم تزل مدفونة حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : فأما ود فهو أول صنم معبود ، سمي ودا لودهم له ; وكان بعد قوم
نوح لكلب بدومة الجندل ; في قول
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ومقاتل . وفيه يقول شاعرهم :
حياك ود فإنا لا يحل لنا لهو النساء وإن الدين قد عزما
[ ص: 283 ] وأما سواع فكان
لهذيل بساحل البحر ; في قولهم .
وأما يغوث فكان
لغطيف من
مراد بالجوف من
سبأ ; في قول
قتادة . وقال
المهدوي :
لمراد ثم
لغطفان .
الثعلبي : وأخذت أعلى وأنعم - وهما من
طيئ -
وأهل جرش من
مذحج يغوث فذهبوا به إلى مراد فعبدوه زمانا . ثم إن
بني ناجية أرادوا نزعه من أعلى وأنعم ، ففروا به إلى
الحصين أخي
بني الحارث بن كعب من
خزاعة . وقال
أبو عثمان النهدي : رأيت يغوث وكان من رصاص ، وكانوا يحملونه على جمل أحرد ، ويسيرون معه ولا يهيجونه حتى يكون هو الذي يبرك ، فإذا برك نزلوا وقالوا : قد رضي لكم المنزل ; فيضربون عليه بناء ينزلون حوله .
وأما يعوق فكان
لهمدان ببلخع ; في قول
عكرمة وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي . وقال
الثعلبي : وأما يعوق فكان
لكهلان من
سبأ ، ثم توارثه بنوه ; الأكبر فالأكبر حتى صار إلى
همدان . وفيه يقول
مالك بن نمط الهمداني :
يريش الله في الدنيا ويبري ولا يبري يعوق ولا يريش
وأما نسر فكان
لذي الكلاع من
حمير ; في قول
قتادة ، ونحوه عن
مقاتل . وقال
الواقدي : كان ود على صورة رجل ، وسواع على صورة امرأة ، ويغوث على صورة أسد ، ويعوق على صورة فرس ، ونسر على صورة نسر من الطير ; فالله أعلم . وقرأ
نافع " ولا تذرن ودا " بضم الواو . وفتحها الباقون . قال
الليث : ود ( بفتح الواو ) صنم كان لقوم
نوح . وود ( بالضم ) صنم
لقريش ; وبه سمي
عمرو بن ود . وفي الصحاح : والود ( بالفتح ) الوتد في لغة
أهل نجد ; كأنهم سكنوا التاء وأدغموها في الدال . والود في قول
امرئ القيس :
تظهر الود إذا ما أشجذت وتواريه إذا ما تعتكر
قال
ابن دريد : هو اسم جبل : وود صنم كان لقوم
نوح عليه السلام ثم صار
لكلب وكان
بدومة الجندل ; ومنه سموه عبد ود . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23لا تذرن آلهتكم ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23ولا تذرن ودا ولا سواعا الآية . خصها بالذكر ; لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح .
[ ص: 284 ] nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=24وقد أضلوا كثيرا هذا من قول
نوح ; أي أضل كبراؤهم كثيرا من أتباعهم ; فهو عطف على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=22ومكروا مكرا كبارا . وقيل : إن الأصنام
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=24أضلوا كثيرا أي ضل بسببها كثير ; نظيره قول
إبراهيم :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=36رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فأجرى عليهم وصف ما يعقل ; لاعتقاد الكفار فيهم ذلك .
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=24ولا تزد الظالمين إلا ضلالا أي عذابا ; قاله
ابن بحر . واستشهد بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47إن المجرمين في ضلال وسعر . وقيل : إلا خسرانا . وقيل : إلا فتنة بالمال والولد . وهو محتمل .
nindex.php?page=treesubj&link=29042قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ : هِيَ أَصْنَامٌ وَصُوَرٌ ، كَانَ قَوْمُ
نُوحٍ يَعْبُدُونَهَا ثُمَّ عَبَدَتْهَا الْعَرَبُ . وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ . وَقِيلَ : إِنَّهَا لِلْعَرَبِ لَمْ يَعْبُدْهَا غَيْرُهُمْ . وَكَانَتْ أَكْبَرَ أَصْنَامِهِمْ وَأَعْظَمَهَا عِنْدَهُمْ ; فَلِذَلِكَ خَصُّوهَا بِالذِّكْرِ بَعْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ . وَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ كَمَا قَالَ قَوْمُ
نُوحٍ لِأَتْبَاعِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ قَالَتِ الْعَرَبُ لِأَوْلَادِهِمْ وَقَوْمِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23لَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ; ثُمَّ عَادَ بِالذِّكْرِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى قَوْمِ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ، الْكَلَامُ كُلُّهُ مَنْسُوقٌ فِي قَوْمِ
نُوحٍ . وَقَالَ
عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَغَيْرُهُ : اشْتَكَى
آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعِنْدَهُ بَنُوهُ :
وَدٌّ ،
وَسُوَاعٌ ،
وَيَغُوثُ ،
وَيَعُوقُ ،
وَنَسْرٌ . وَكَانَ
وَدٌّ أَكْبَرَهُمْ وَأَبَرَّهُمْ بِهِ . قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ : كَانَ
لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَمْسُ بَنِينَ :
وَدٌّ وَسُوَاعٌ وَيَغُوثُ وَيَعُوقُ وَنَسْرُ ; وَكَانُوا عُبَّادًا فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَحَزِنُوا عَلَيْهِ ; فَقَالَ الشَّيْطَانُ : أَنَا أُصَوِّرُ لَكُمْ مِثْلَهُ إِذَا نَظَرْتُمْ إِلَيْهِ ذَكَرْتُمُوهُ . قَالُوا : افْعَلْ فَصَوَّرَهُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ صُفْرٍ وَرَصَاصٍ . ثُمَّ مَاتَ آخَرُ ، فَصَوَّرَهُ حَتَّى مَاتُوا كُلُّهُمْ فَصَوَّرَهُمْ . وَتَنَقَّصَتِ الْأَشْيَاءُ كَمَا تَتَنَقَّصُ الْيَوْمَ إِلَى أَنْ تَرَكُوا عِبَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ حِينٍ . فَقَالَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ : مَا لَكُمْ لَا تَعْبُدُونَ شَيْئًا ؟ قَالُوا : وَمَا نَعْبُدُ ؟ قَالَ : آلِهَتَكُمْ وَآلِهَةَ آبَائِكُمْ ، أَلَا تَرَوْنَ فِي
[ ص: 282 ] مُصَلَّاكُمْ . فَعَبَدُوهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ ; حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ
نُوحًا فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا الْآيَةَ . وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ أَيْضًا
وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ : بَلْ كَانُوا قَوْمًا صَالِحِينَ بَيْنَ
آدَمَ وَنُوحٍ ، وَكَانَ لَهُمْ تَبَعٌ يَقْتَدُونَ بِهِمْ ، فَلَمَّا مَاتُوا زَيَّنَ لَهُمْ إِبْلِيسُ أَنْ يُصَوِّرُوا صُوَرَهُمْ لِيَتَذَكَّرُوا بِهَا اجْتِهَادَهُمْ ، وَلِيَتَسَلَّوْا بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا ; فَصَوَّرَهُمْ . فَلَمَّا مَاتُوا هُمْ وَجَاءَ آخَرُونَ قَالُوا : لَيْتَ شِعْرَنَا هَذِهِ الصُّوَرُ مَا كَانَ آبَاؤُنَا يَصْنَعُونَ بِهَا ؟ فَجَاءَهُمُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ : كَانَ آبَاؤُكُمْ يَعْبُدُونَهَا فَتَرْحَمُهُمْ وَتَسْقِيهِمُ الْمَطَرَ . فَعَبَدُوهَا فَابْتُدِئَ عِبَادَةُ الْأَوْثَانِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ .
قُلْتُ : وَبِهَذَا الْمَعْنَى فُسِّرَ مَا جَاءَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
عَائِشَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=831477أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ nindex.php?page=showalam&ids=54وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ تُسَمَّى مَارِيَةَ ، فِيهَا تَصَاوِيرُ ، لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . وَذَكَرَ
الثَّعْلَبِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : هَذِهِ الْأَصْنَامُ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ
نُوحٍ ; فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا فِي مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ فِيهَا أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ تَذْكُرُوهُمْ بِهَا ; فَفَعَلُوا ، فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَنُسِخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ مِنْ دُونِ اللَّهِ . وَذُكِرَ أَيْضًا عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ
نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَانَ يَحْرُسُ جَسَدَ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى جَبَلٍ
بِالْهِنْدِ ، فَيَمْنَعُ الْكَافِرِينَ أَنْ يَطُوفُوا بِقَبْرِهِ ; فَقَالَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ : إِنَّ هَؤُلَاءِ يَفْخَرُونَ عَلَيْكُمْ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ بَنُو آدَمَ دُونَكُمْ ، وَإِنَّمَا هُوَ جَسَدٌ ، وَأَنَا أُصَوِّرُ لَكُمْ مِثْلَهُ تَطُوفُونَ بِهِ ; فَصَوَّرَ لَهُمْ هَذِهِ الْأَصْنَامَ الْخَمْسَةَ وَحَمَلَهُمْ عَلَى عِبَادَتِهَا . فَلَمَّا كَانَ أَيَّامَ الطُّوفَانِ دَفَنَهَا الطِّينُ وَالتُّرَابُ وَالْمَاءُ ; فَلَمْ تَزَلْ مَدْفُونَةً حَتَّى أَخْرَجَهَا الشَّيْطَانُ لِمُشْرِكِي الْعَرَبِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ : فَأَمَّا وَدٌّ فَهُوَ أَوَّلُ صَنَمٍ مَعْبُودٍ ، سُمِّيَ وَدًّا لِوُدِّهِمْ لَهُ ; وَكَانَ بَعْدَ قَوْمِ
نُوحٍ لِكَلْبٍ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ ; فِي قَوْلِ
ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ وَمُقَاتِلٍ . وَفِيهِ يَقُولُ شَاعِرُهُمْ :
حَيَّاكَ وَدٌّ فَإِنَّا لَا يَحِلُّ لَنَا لَهْوُ النِّسَاءِ وَإِنَّ الدِّينَ قَدْ عَزَمَا
[ ص: 283 ] وَأَمَّا سُوَاعٌ فَكَانَ
لِهُذَيْلٍ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ ; فِي قَوْلِهِمْ .
وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَ
لِغُطَيْفٍ مِنْ
مُرَادٍ بِالْجَوْفِ مِنْ
سَبَأٍ ; فِي قَوْلِ
قَتَادَةَ . وَقَالَ
الْمَهْدَوِيُّ :
لِمُرَادٍ ثُمَّ
لِغَطَفَانَ .
الثَّعْلَبِيُّ : وَأَخَذَتْ أَعْلَى وَأَنْعَمَ - وَهُمَا مِنْ
طَيِّئٍ -
وَأَهْلُ جُرَشٍ مِنْ
مَذْحِجٍ يَغُوثُ فَذَهَبُوا بِهِ إِلَى مُرَادٍ فَعَبَدُوهُ زَمَانًا . ثُمَّ إِنَّ
بَنِي نَاجِيَةَ أَرَادُوا نَزْعَهُ مِنْ أَعْلَى وَأَنْعَمَ ، فَفَرُّوا بِهِ إِلَى
الْحُصَيْنِ أَخِي
بْنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ مِنْ
خُزَاعَةَ . وَقَالَ
أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ : رَأَيْتُ يَغُوثَ وَكَانَ مِنْ رَصَاصٍ ، وَكَانُوا يَحْمِلُونَهُ عَلَى جَمَلٍ أَحْرَدَ ، وَيَسِيرُونَ مَعَهُ وَلَا يُهَيِّجُونَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَبْرُكُ ، فَإِذَا بَرَكَ نَزَلُوا وَقَالُوا : قَدْ رَضِيَ لَكُمُ الْمَنْزِلَ ; فَيَضْرِبُونَ عَلَيْهِ بِنَاءً يَنْزِلُونَ حَوْلَهُ .
وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَ
لِهَمْدَانَ بِبَلْخَعَ ; فِي قَوْلِ
عِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ ، ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ . وَقَالَ
الثَّعْلَبِيُّ : وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَ
لِكَهْلَانَ مِنْ
سَبَأٍ ، ثُمَّ تَوَارَثَهُ بَنُوهُ ; الْأَكْبَرُ فَالْأَكْبَرُ حَتَّى صَارَ إِلَى
هَمْدَانَ . وَفِيهِ يَقُولُ
مَالِكُ بْنُ نَمَطٍ الْهَمْدَانِيُّ :
يَرِيشُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَيَبْرِي وَلَا يَبْرِي يَعُوقُ وَلَا يَرِيشُ
وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَ
لِذِي الْكُلَاعِ مِنْ
حِمْيَرٍ ; فِي قَوْلِ
قَتَادَةَ ، وَنَحْوَهُ عَنْ
مُقَاتِلٍ . وَقَالَ
الْوَاقِدِيُّ : كَانَ وَدٌّ عَلَى صُورَةِ رَجُلٍ ، وَسُوَاعٌ عَلَى صُورَةِ امْرَأَةٍ ، وَيَغُوثُ عَلَى صُورَةِ أَسَدٍ ، وَيَعُوقُ عَلَى صُورَةِ فَرَسٍ ، وَنَسْرٍ عَلَى صُورَةِ نَسْرٍ مِنَ الطَّيْرِ ; فَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَرَأَ
نَافِعٌ " وَلَا تَذَرُنَّ وُدًّا " بِضَمِ الْوَاوِ . وَفَتَحَهَا الْبَاقُونَ . قَالَ
اللَّيْثُ : وَدٌّ ( بِفَتْحِ الْوَاوِ ) صَنَمٌ كَانَ لِقَوْمِ
نُوحٍ . وَوُدٌّ ( بِالضَّمِّ ) صَنَمٌ
لِقُرَيْشٍ ; وَبِهِ سُمِّيَ
عَمْرُو بْنُ وُدٍّ . وَفِي الصِّحَاحِ : وَالْوَدُّ ( بِالْفَتْحِ ) الْوَتِدُ فِي لُغَةِ
أَهْلِ نَجْدٍ ; كَأَنَّهُمْ سَكَّنُوا التَّاءَ وَأَدْغَمُوهَا فِي الدَّالِ . وَالْوَدُّ فِي قَوْلِ
امْرِئِ الْقَيْسِ :
تُظْهِرُ الْوَدَّ إِذَا مَا أَشْجَذَتْ وَتُوَارِيهِ إِذَا مَا تَعْتَكِرُ
قَالَ
ابْنُ دُرَيْدٍ : هُوَ اسْمُ جَبَلٍ : وَوَدٌّ صَنَمٌ كَانَ لِقَوْمِ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ صَارَ
لِكَلْبٍ وَكَانَ
بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ ; وَمِنْهُ سَمَّوْهُ عَبْدَ وَدٍّ . وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا الْآيَةَ . خَصَّهَا بِالذِّكْرِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ .
[ ص: 284 ] nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=24وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا هَذَا مِنْ قَوْلِ
نُوحٍ ; أَيْ أُضِلَّ كُبَرَاؤُهُمْ كَثِيرًا مِنْ أَتْبَاعِهِمْ ; فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=22وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا . وَقِيلَ : إِنَّ الْأَصْنَامَ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=24أَضَلُّوا كَثِيرًا أَيْ ضَلَّ بِسَبَبِهَا كَثِيرٌ ; نَظِيرُهُ قَوْلُ
إِبْرَاهِيمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=36رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَأَجْرَى عَلَيْهِمْ وَصْفَ مَا يَعْقِلُ ; لِاعْتِقَادِ الْكُفَّارِ فِيهِمْ ذَلِكَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=24وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا أَيْ عَذَابًا ; قَالَهُ
ابْنُ بَحْرٍ . وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=47إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ . وَقِيلَ : إِلَّا خُسْرَانًا . وَقِيلَ : إِلَّا فِتْنَةً بِالْمَالِ وَالْوَلَدِ . وَهُوَ مُحْتَمِلٌ .