قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=4وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=5وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=6وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=7وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا
[ ص: 11 ] nindex.php?page=treesubj&link=29043قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=4وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا الهاء في أنه للأمر أو الحديث ، وفي كان اسمها ، وما بعدها الخبر . ويجوز أن تكون كان زائدة . والسفيه هنا إبليس في قول
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج وقتادة . ورواه
أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقيل : المشركون من الجن : قال
قتادة : عصاه سفيه الجن كما عصاه سفيه الإنس . والشطط والاشتطاط : الغلو في الكفر . وقال
أبو مالك : هو الجور .
الكلبي : هو الكذب . وأصله العبد فيعبر به عن الجور لبعده عن العدل ، وعن الكذب لبعده عن الصدق ; قال الشاعر :
بأية حال حكموا فيك فاشتطوا وما ذاك إلا حيث يممك الوخط
قوله تعالى : وأنا ظننا أي حسبنا
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=5أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ، فلذلك صدقناهم في أن لله صاحبة وولدا ، حتى سمعنا القرآن وتبينا به الحق . وقرأ
يعقوب والجحدري وابن أبي إسحاق ( أن لن تقول ) .
وقيل : انقطع الإخبار عن الجن هاهنا فقال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=6وأنه كان رجال من الإنس فمن فتح وجعله من قول الجن ردها إلى قوله : أنه استمع ، ومن كسر جعلها مبتدأ من قول الله تعالى . والمراد به ما كانوا يفعلونه من قول الرجل إذا نزل بواد : أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه ; فيبيت في جواره حتى يصبح ; قاله
الحسن وابن زيد وغيرهما .
قال
مقاتل : كان
nindex.php?page=treesubj&link=28795أول من تعوذ بالجن قوم من
أهل اليمن ، ثم من
بني حنيفة ، ثم فشا ذلك في العرب ، فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم .
nindex.php?page=hadith&LINKID=866479وقال كردم بن أبي السائب : خرجت مع أبي إلى المدينة أول ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فآوانا المبيت إلى راعي غنم ، فلما انتصف الليل جاء الذئب فحمل حملا من الغنم ، فقال الراعي : يا عامر الوادي ، [ أنا ] جارك . فنادى مناد يا سرحان أرسله ، فأتى الحمل يشتد . وأنزل الله تعالى على رسوله بمكة : وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا أي زاد الجن الإنس رهقا أي خطيئة وإثما ; قاله
ابن عباس ومجاهد وقتادة . والرهق : الإثم في كلام العرب وغشيان المحارم ; ورجل رهق إذا كان كذلك ; ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27وترهقهم ذلة وقال
الأعشى :
لا شيء ينفعني من دون رؤيتها هل يشتفي وامق ما لم يصب رهقا
[ ص: 12 ] يعني إثما . وأضيفت الزيادة إلى الجن إذ كانوا سببا لها . وقال
مجاهد أيضا : فزادوهم أي إن الإنس زادوا الجن طغيانا بهذا التعوذ ، حتى قالت الجن : سدنا الإنس والجن . وقال
قتادة أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية والربيع وابن زيد : ازداد الإنس بهذا فرقا وخوفا من الجن .
وقال
سعيد بن جبير : كفرا . ولا خفاء أن
nindex.php?page=treesubj&link=28795الاستعاذة بالجن دون الاستعاذة بالله كفر وشرك . وقيل : لا يطلق لفظ الرجال على الجن ; فالمعنى : وأنه كان رجال من الإنس يعوذون من شر الجن برجال من الإنس ، وكان الرجل من الإنس يقول مثلا : أعوذ
بحذيفة بن بدر من جن هذا الوادي . قال
القشيري : وفي هذا تحكم إذ لا يبعد إطلاق لفظ الرجال على الجن .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=7وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا هذا من قول الله تعالى للإنس ; أي وأن الجن ظنوا أن لن يبعث الله الخلق كما ظننتم .
الكلبي : المعنى : ظنت الجن كما ظنت الإنس أن لن يبعث الله رسولا إلى خلقه يقيم به الحجة عليهم . وكل هذا توكيد للحجة على
قريش ; أي إذا آمن هؤلاء الجن
بمحمد ، فأنتم أحق بذلك .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=4وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=5وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=6وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=7وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا
[ ص: 11 ] nindex.php?page=treesubj&link=29043قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=4وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا الْهَاءُ فِي أَنَّهُ لِلْأَمْرِ أَوِ الْحَدِيثِ ، وَفِي كَانَ اسْمُهَا ، وَمَا بَعْدَهَا الْخَبَرُ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كَانَ زَائِدَةً . وَالسَّفِيهُ هُنَا إِبْلِيسُ فِي قَوْلِ
مُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنِ جُرَيْجٍ وَقَتَادَةَ . وَرَوَاهُ
أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقِيلَ : الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْجِنِّ : قَالَ
قَتَادَةُ : عَصَاهُ سَفِيهُ الْجِنِّ كَمَا عَصَاهُ سَفِيهُ الْإِنْسِ . وَالشَّطَطُ وَالِاشْتِطَاطُ : الْغُلُوُّ فِي الْكُفْرِ . وَقَالَ
أَبُو مَالِكٍ : هُوَ الْجَوْرُ .
الْكَلْبِيُّ : هُوَ الْكَذِبُ . وَأَصْلُهُ الْعَبْدُ فَيُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْجَوْرِ لِبُعْدِهِ عَنِ الْعَدْلِ ، وَعَنِ الْكَذِبِ لِبُعْدِهِ عَنِ الصِّدْقِ ; قَالَ الشَّاعِرُ :
بِأَيَّةِ حَالٍ حَكَّمُوا فِيكَ فَاشْتَطُّوا وَمَا ذَاكَ إِلَّا حَيْثُ يَمَّمَكَ الْوَخْطُ
قَوْلُهُ تَعَالَى : وَأَنَّا ظَنَنَّا أَيْ حَسِبْنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=5أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ، فَلِذَلِكَ صَدَّقْنَاهُمْ فِي أَنَّ لِلَّهِ صَاحِبَةً وَوَلَدًا ، حَتَّى سَمِعْنَا الْقُرْآنَ وَتَبَيَّنَّا بِهِ الْحَقَّ . وَقَرَأَ
يَعْقُوبُ وَالْجَحْدَرِيُّ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ( أَنْ لَنْ تَقَوَّلَ ) .
وَقِيلَ : انْقَطَعَ الْإِخْبَارُ عَنِ الْجِنِّ هَاهُنَا فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=6وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ فَمَنْ فَتَحَ وَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ رَدَّهَا إِلَى قَوْلِهِ : أَنَّهُ اسْتَمَعَ ، وَمَنْ كَسَرَ جَعَلَهَا مُبْتَدَأً مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى . وَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ قَوْلِ الرَّجُلِ إِذَا نَزَلَ بِوَادٍ : أَعُوذُ بِسَيِّدِ هَذَا الْوَادِي مِنْ شَرِّ سُفَهَاءِ قَوْمِهِ ; فَيَبِيتُ فِي جِوَارِهِ حَتَّى يُصْبِحَ ; قَالَهُ
الْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا .
قَالَ
مُقَاتِلٌ : كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=28795أَوَّلُ مَنْ تَعَوَّذَ بِالْجِنِّ قَوْمٌ مِنْ
أَهْلِ الْيَمَنِ ، ثُمَّ مِنْ
بَنِي حَنِيفَةَ ، ثُمَّ فَشَا ذَلِكَ فِي الْعَرَبِ ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ عَاذُوا بِاللَّهِ وَتَرَكُوهُمْ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=866479وَقَالَ كَرْدَمُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ : خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى الْمَدِينَةِ أَوَّلَ مَا ذُكِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَآوَانَا الْمَبِيتُ إِلَى رَاعِي غَنَمٍ ، فَلَمَّا انْتَصَفَ اللَّيْلُ جَاءَ الذِّئْبُ فَحَمَلَ حَمَلًا مِنَ الْغَنَمِ ، فَقَالَ الرَّاعِي : يَا عَامِرَ الْوَادِي ، [ أَنَا ] جَارُكَ . فَنَادَى مُنَادٍ يَا سَرْحَانُ أَرْسِلْهُ ، فَأَتَى الْحَمَلُ يَشْتَدُّ . وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ بِمَكَّةَ : وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا أَيْ زَادَ الْجِنُّ الْإِنْسَ رَهَقًا أَيْ خَطِيئَةً وَإِثْمًا ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ . وَالرَّهَقُ : الْإِثْمُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَغِشْيَانُ الْمَحَارِمِ ; وَرَجُلٌ رَهِقٌ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ ; وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَالَ
الْأَعْشَى :
لَا شَيْءَ يَنْفَعُنِي مِنْ دُونِ رُؤْيَتِهَا هَلْ يَشْتَفِي وَامِقٌ مَا لَمْ يُصِبْ رَهَقَا
[ ص: 12 ] يَعْنِي إِثْمًا . وَأُضِيفَتِ الزِّيَادَةُ إِلَى الْجِنِّ إِذْ كَانُوا سَبَبًا لَهَا . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ أَيْضًا : فَزَادُوهُمْ أَيْ إِنَّ الْإِنْسَ زَادُوا الْجِنَّ طُغْيَانًا بِهَذَا التَّعَوُّذِ ، حَتَّى قَالَتِ الْجِنُّ : سُدْنَا الْإِنْسَ وَالْجِنَّ . وَقَالَ
قَتَادَةُ أَيْضًا
nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ وَابْنُ زَيْدٍ : ازْدَادَ الْإِنْسُ بِهَذَا فَرَقًا وَخَوْفًا مِنَ الْجِنِّ .
وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : كُفْرًا . وَلَا خَفَاءَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28795الِاسْتِعَاذَةَ بِالْجِنِّ دُونَ الِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ كُفْرٌ وَشِرْكٌ . وَقِيلَ : لَا يُطْلَقُ لَفْظُ الرِّجَالِ عَلَى الْجِنِّ ; فَالْمَعْنَى : وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ مِنْ شَرِّ الْجِنِّ بِرِجَالٍ مِنَ الْإِنْسِ ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْإِنْسِ يَقُولُ مَثَلًا : أَعُوذُ
بِحُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ مِنْ جِنِّ هَذَا الْوَادِي . قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : وَفِي هَذَا تَحَكُّمٌ إِذْ لَا يَبْعُدُ إِطْلَاقُ لَفْظِ الرِّجَالِ عَلَى الْجِنِّ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=7وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا هَذَا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْإِنْسِ ; أَيْ وَأَنَّ الْجِنَّ ظَنُّوا أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَمَا ظَنَنْتُمْ .
الْكَلْبِيُّ : الْمَعْنَى : ظَنَّتِ الْجِنُّ كَمَا ظَنَّتِ الْإِنْسُ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِلَى خَلْقِهِ يُقِيمُ بِهِ الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ . وَكُلُّ هَذَا تَوْكِيدٌ لِلْحُجَّةِ عَلَى
قُرَيْشٍ ; أَيْ إِذَا آمَنَ هَؤُلَاءِ الْجِنُّ
بِمُحَمَّدٍ ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِذَلِكَ .