قوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=29043nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=17لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16وأن لو استقاموا على الطريقة هذا من قول الله تعالى . أي لو آمن هؤلاء الكفار لوسعنا عليهم في الدنيا وبسطنا لهم في الرزق . وهذا محمول على الوحي ; أي أوحي إلي أن لو استقاموا . ذكر
ابن بحر : كل ما في هذه السورة من إن المكسورة المثقلة فهي حكاية لقول الجن الذين استمعوا القرآن ، فرجعوا إلى قومهم منذرين ، وكل ما فيها من أن المفتوحة المخففة فهي وحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقال
ابن الأنباري : ومن كسر الحروف وفتح وأن لو استقاموا أضمر يمينا تاما ، تأويلها : والله أن لو استقاموا على الطريقة ; كما يقال في الكلام : والله أن قمت لقمت ، ووالله لو قمت قمت ; قال الشاعر :
أما والله أن لو كنت حرا وما بالحر أنت ولا العتيق
ومن فتح ما قبل المخففة نسقها - أعني الخفيفة - على أوحي إلي أنه ،
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16وأن لو استقاموا أو على آمنا به وبأن لو استقاموا . ويجوز لمن كسر الحروف كلها إلى أن المخففة ، أن يعطف المخففة على أوحي إلي أو على آمنا به ، ويستغني عن إضمار اليمين . وقراءة العامة بكسر الواو من لو لالتقاء الساكنين ، وقرأ
ابن وثاب nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش بضم الواو .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16ماء غدقا أي واسعا كثيرا ، وكانوا قد حبس عنهم المطر سبع سنين ; يقال : غدقت العين تغدق ، فهي غدقة ، إذا كثر ماؤها . وقيل : المراد الخلق كلهم أي لو استقاموا على الطريقة طريقة الحق والإيمان والهدى وكانوا مؤمنين مطيعين
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16لأسقيناهم ماء غدقا أي كثيرا
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=17لنفتنهم فيه أي لنختبرهم كيف شكرهم فيه على تلك النعم . وقال
عمر في هذه الآية : أينما كان الماء كان المال ، وأينما كان المال كانت الفتنة .
فمعنى لأسقيناهم لوسعنا عليهم في الدنيا ; وضرب الماء الغدق الكثير لذلك مثلا ; لأن الخير والرزق كله بالمطر يكون ، فأقيم مقامه ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=96ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=66ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم [ ص: 18 ] أي بالمطر . والله أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح والضحاك وقتادة ومقاتل وعطية nindex.php?page=showalam&ids=16531وعبيد بن عمير والحسن : كان والله أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - سامعين مطيعين ، ففتحت عليهم كنوز
كسرى وقيصر والمقوقس nindex.php?page=showalam&ids=888والنجاشي ، ففتنوا بها ، فوثبوا على إمامهم فقتلوه . يعني
عثمان بن عفان .
وقال
الكلبي وغيره :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16وأن لو استقاموا على الطريقة التي هم عليها من الكفر فكانوا كلهم كفارا لوسعنا أرزاقهم مكرا بهم واستدراجا لهم ، حتى يفتتنوا بها ، فنعذبهم بها في الدنيا والآخرة . وهذا قول قاله
الربيع بن أنس وزيد بن أسلم وابنه
والكلبي والثمالي ويمان بن رباب وابن كيسان وأبو مجلز ، واستدلوا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء الآية . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=33ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة الآية ; والأول أشبه ; لأن الطريقة معرفة بالألف واللام ، فالأوجب أن تكون طريقته طريقة الهدى ; ولأن الاستقامة لا تكون إلا مع الهدى .
وفي صحيح
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866482أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا . قالوا : وما زهرة الدنيا ؟ قال : بركات الأرض وذكر الحديث . وقال - عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866483فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، وإنما أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=17ومن يعرض عن ذكر ربه يعني القرآن ; قاله
ابن زيد . وفي إعراضه عنه وجهان : أحدهما : عن القبول ، إن قيل إنها في أهل الكفر . الثاني : عن العمل ، إن قيل إنها في المؤمنين .
وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=17ومن يعرض عن ذكر ربه أي لم يشكر نعمه
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=17يسلكه عذابا صعدا قرأ
[ ص: 19 ] الكوفيون
وعياش عن
أبي عمرو يسلكه بالياء واختاره
أبو عبيد وأبو حاتم ; لذكر اسم الله أولا فقال : ومن يعرض عن ذكر ربه . الباقون نسلكه بالنون . وروي عن
مسلم بن جندب ضم النون وكسر اللام . وكذلك قرأ
طلحة nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وهما لغتان ، سلكه وأسلكه بمعنى ; أي ندخله . عذابا صعدا أي شاقا شديدا .
قال
ابن عباس : هو جبل ، في جهنم . [ الخدري : ] كلما جعلوا أيديهم عليه ذابت .
وعن
ابن عباس أن المعنى مشقة من العذاب . وذلك معلوم في اللغة أن الصعد : المشقة ، تقول : تصعدني الأمر : إذا شق عليك ; ومنه قول
عمر : ما تصعدني شيء ما تصعدتني خطبة النكاح ، أي ما شق علي . وعذاب صعد أي شديد . والصعد : مصدر صعد ; يقال : صعد صعدا وصعودا ، فوصف به العذاب ; لأنه يتصعد المعذب أي يعلوه ويغلبه فلا يطيقه .
وقال
أبو عبيدة : الصعد مصدر ; أي عذابا ذا صعد ، والمشي في الصعود يشق . والصعود : العقبة الكئود . وقال
عكرمة : هو صخرة ملساء في جهنم يكلف صعودها ; فإذا انتهى إلى أعلاها حدر إلى جهنم .
وقال
الكلبي : يكلف
الوليد بن المغيرة أن يصعد جبلا في النار من صخرة ملساء ، يجذب من أمامه بسلاسل ، ويضرب من خلفه بمقامع حتى يبلغ أعلاها ، ولا يبلغ في أربعين سنة . فإذا بلغ أعلاها أحدر إلى أسفلها ، ثم يكلف أيضا صعودها ، فذلك دأبه أبدا ، وهو قوله تعالى : سأرهقه صعودا .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=29043nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=17لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ هَذَا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى . أَيْ لَوْ آمَنَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ لَوَسَّعْنَا عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَبَسَطْنَا لَهُمْ فِي الرِّزْقِ . وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْوَحْيِ ; أَيْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا . ذَكَرَ
ابْنُ بَحْرٍ : كُلُّ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ إِنَّ الْمَكْسُورَةِ الْمُثَقَّلَةِ فَهِيَ حِكَايَةٌ لِقَوْلِ الْجِنِّ الَّذِينَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ ، فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ، وَكُلُّ مَا فِيهَا مِنْ أَنِ الْمَفْتُوحَةِ الْمُخَفَّفَةِ فَهِيَ وَحْيٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَقَالَ
ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : وَمَنْ كَسَرَ الْحُرُوفَ وَفَتَحَ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا أَضْمَرَ يَمِينًا تَامًّا ، تَأْوِيلُهَا : وَاللَّهِ أَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ ; كَمَا يُقَالُ فِي الْكَلَامِ : وَاللَّهِ أَنْ قُمْتَ لَقُمْتُ ، وَوَاللَّهِ لَوْ قُمْتَ قُمْتُ ; قَالَ الشَّاعِرُ :
أَمَا وَاللَّهِ أَنْ لَوْ كُنْتَ حُرًّا وَمَا بِالْحُرِّ أَنْتَ وَلَا الْعَتِيقِ
وَمَنْ فَتَحَ مَا قَبْلَ الْمُخَفَّفَةِ نَسَقَهَا - أَعْنِي الْخَفِيفَةَ - عَلَى أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا أَوْ عَلَى آمَنَّا بِهِ وَبِأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا . وَيَجُوزُ لِمَنْ كَسَرَ الْحُرُوفَ كُلَّهَا إِلَى أَنِ الْمُخَفَّفَةِ ، أَنْ يَعْطِفَ الْمُخَفَّفَةَ عَلَى أُوحِيَ إِلَيَّ أَوْ عَلَى آمَنَّا بِهِ ، وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ إِضْمَارِ الْيَمِينِ . وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِكَسْرِ الْوَاوِ مِنْ لَوْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ، وَقَرَأَ
ابْنُ وَثَّابٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ بِضَمِّ الْوَاوِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16مَاءً غَدَقًا أَيْ وَاسِعًا كَثِيرًا ، وَكَانُوا قَدْ حُبِسَ عَنْهُمُ الْمَطَرُ سَبْعَ سِنِينَ ; يُقَالُ : غَدَقَتِ الْعَيْنُ تَغْدَقُ ، فَهِيَ غَدِقَةٌ ، إِذَا كَثُرَ مَاؤُهَا . وَقِيلَ : الْمُرَادُ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ أَيْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ طَرِيقَةِ الْحَقِّ وَالْإِيمَانِ وَالْهُدَى وَكَانُوا مُؤْمِنِينَ مُطِيعِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا أَيْ كَثِيرًا
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=17لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ أَيْ لِنَخْتَبِرَهُمْ كَيْفَ شُكْرُهُمْ فِيهِ عَلَى تِلْكَ النِّعَمِ . وَقَالَ
عُمَرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : أَيْنَمَا كَانَ الْمَاءُ كَانَ الْمَالُ ، وَأَيْنَمَا كَانَ الْمَالُ كَانَتِ الْفِتْنَةُ .
فَمَعْنَى لَأَسْقَيْنَاهُمْ لَوَسَّعْنَا عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا ; وَضَرَبَ الْمَاءَ الْغَدَقَ الْكَثِيرَ لِذَلِكَ مَثَلًا ; لِأَنَّ الْخَيْرَ وَالرِّزْقَ كُلَّهُ بِالْمَطَرِ يَكُونُ ، فَأُقِيمَ مَقَامَهُ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=96وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=66وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [ ص: 18 ] أَيْ بِالْمَطَرِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ وَعَطِيَّةُ nindex.php?page=showalam&ids=16531وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَالْحَسَنُ : كَانَ وَاللَّهِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَامِعِينَ مُطِيعِينَ ، فَفُتِحَتْ عَلَيْهِمْ كُنُوزُ
كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالْمُقَوْقِسِ nindex.php?page=showalam&ids=888وَالنَّجَاشِيِّ ، فَفُتِنُوا بِهَا ، فَوَثَبُوا عَلَى إِمَامِهِمْ فَقَتَلُوهُ . يَعْنِي
عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ .
وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا مِنَ الْكُفْرِ فَكَانُوا كُلُّهُمْ كُفَّارًا لَوَسَّعْنَا أَرْزَاقَهُمْ مَكْرًا بِهِمْ وَاسْتِدْرَاجًا لَهُمْ ، حَتَّى يَفْتَتِنُوا بِهَا ، فَنُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . وَهَذَا قَوْلٌ قَالَهُ
الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَابْنُهُ
وَالْكَلْبِيُّ وَالثُّمَالِيُّ وَيَمَانُ بْنُ رَبَابٍ وَابْنُ كَيْسَانَ وَأَبُو مِجْلَزٍ ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ الْآيَةَ . وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=33وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ الْآيَةَ ; وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ ; لِأَنَّ الطَّرِيقَةَ مُعَرَّفَةٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ ، فَالْأَوْجَبُ أَنْ تَكُونَ طَرِيقَتُهُ طَرِيقَةَ الْهُدَى ; وَلِأَنَّ الِاسْتِقَامَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الْهُدَى .
وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866482أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا . قَالُوا : وَمَا زَهْرَةُ الدُّنْيَا ؟ قَالَ : بَرَكَاتُ الْأَرْضِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ . وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866483فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَإِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=17وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَعْنِي الْقُرْآنَ ; قَالَهُ
ابْنُ زَيْدٍ . وَفِي إِعْرَاضِهِ عَنْهُ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : عَنِ الْقَبُولِ ، إِنْ قِيلَ إِنَّهَا فِي أَهْلِ الْكُفْرِ . الثَّانِي : عَنِ الْعَمَلِ ، إِنْ قِيلَ إِنَّهَا فِي الْمُؤْمِنِينَ .
وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=17وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ أَيْ لَمْ يَشْكُرْ نِعَمَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=17يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا قَرَأَ
[ ص: 19 ] الْكُوفِيُّونَ
وَعَيَّاشٌ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو يَسْلُكْهُ بِالْيَاءِ وَاخْتَارَهُ
أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ ; لِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوَّلًا فَقَالَ : وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ . الْبَاقُونَ نَسْلُكْهُ بِالنُّونِ . وَرُوِيَ عَنْ
مُسْلِمِ بْنِ جُنْدَبٍ ضَمُّ النُّونِ وَكَسْرُ اللَّامِ . وَكَذَلِكَ قَرَأَ
طَلْحَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ وَهُمَا لُغَتَانِ ، سَلَكَهُ وَأَسْلَكَهُ بِمَعْنًى ; أَيْ نُدْخِلُهُ . عَذَابًا صَعَدًا أَيْ شَاقًّا شَدِيدًا .
قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : هُوَ جَبَلٌ ، فِي جَهَنَّمَ . [ الْخُدْرِيُّ : ] كُلَّمَا جَعَلُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ ذَابَتْ .
وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَعْنَى مَشَقَّةُ مِنَ الْعَذَابِ . وَذَلِكَ مَعْلُومٌ فِي اللُّغَةِ أَنَّ الصَّعَدَ : الْمَشَقَّةُ ، تَقُولُ : تَصَعَّدَنِي الْأَمْرُ : إِذَا شَقَّ عَلَيْكَ ; وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ : مَا تَصَعَّدَنِي شَيْءٌ مَا تَصَعَّدَتْنِي خُطْبَةُ النِّكَاحِ ، أَيْ مَا شَقَّ عَلَيَّ . وَعَذَابٌ صَعَدٌ أَيْ شَدِيدٌ . وَالصَّعَدُ : مَصْدَرُ صَعِدَ ; يُقَالُ : صَعِدَ صَعَدًا وَصُعُودًا ، فَوُصِفَ بِهِ الْعَذَابُ ; لِأَنَّهُ يَتَصَعَّدُ الْمُعَذَّبَ أَيْ يَعْلُوهُ وَيَغْلِبُهُ فَلَا يُطِيقُهُ .
وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : الصَّعَدُ مَصْدَرٌ ; أَيْ عَذَابًا ذَا صَعَدٍ ، وَالْمَشْيُ فِي الصُّعُودِ يَشُقُّ . وَالصَّعُودُ : الْعَقَبَةُ الْكَئُودُ . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : هُوَ صَخْرَةٌ مَلْسَاءُ فِي جَهَنَّمَ يُكَلَّفُ صُعُودُهَا ; فَإِذَا انْتَهَى إِلَى أَعْلَاهَا حُدِرَ إِلَى جَهَنَّمَ .
وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : يُكَلَّفُ
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ أَنْ يَصْعَدَ جَبَلًا فِي النَّارِ مِنْ صَخْرَةٍ مَلْسَاءَ ، يُجْذَبُ مَنْ أَمَامِهِ بِسَلَاسِلَ ، وَيُضْرَبُ مَنْ خَلْفَهُ بِمَقَامِعَ حَتَّى يَبْلُغَ أَعْلَاهَا ، وَلَا يَبْلُغُ فِي أَرْبَعِينَ سَنَةً . فَإِذَا بَلَغَ أَعْلَاهَا أُحْدِرَ إِلَى أَسْفَلِهَا ، ثُمَّ يُكَلَّفُ أَيْضًا صُعُودَهَا ، فَذَلِكَ دَأْبُهُ أَبَدًا ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا .