[ ص: 67 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=11ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=11ذرني ومن خلقت وحيدا ذرني أي دعني ، وهي كلمة وعيد وتهديد ومن خلقت أي دعني والذي خلقته وحيدا ف ( وحيدا ) على هذا حال من ضمير المفعول المحذوف ، أي خلقته وحده ، لا مال له ولا ولد ، ثم أعطيته بعد ذلك ما أعطيته ، والمفسرون على أنه
الوليد بن المغيرة المخزومي ، وإن كان الناس خلقوا مثل خلقه ، وإنما خص بالذكر لاختصاصه بكفر النعمة وإيذاء الرسول - عليه السلام - ، وكان يسمى الوحيد في قومه ، قال
ابن عباس : كان
الوليد يقول : أنا الوحيد ابن الوحيد ، ليس لي في العرب نظير ، ولا
لأبي المغيرة نظير ، وكان يسمى الوحيد فقال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=11ذرني ومن خلقت بزعمه وحيدا لا أن الله تعالى صدقه بأنه وحيد ، وقال قوم : إن قوله تعالى : وحيدا يرجع إلى الرب تعالى على معنيين : أحدهما : ذرني وحدي معه فأنا أجزيك في الانتقام منه عن كل منتقم ، والثاني : أني انفردت بخلقه ولم يشركني فيه أحد ، فأنا أهلكه ولا أحتاج إلى ناصر في إهلاكه ف ( وحيدا ) على هذا حال من ضمير الفاعل ، وهو التاء في خلقت والأول قول
مجاهد ، أي خلقته وحيدا في بطن أمه لا مال له ولا ولد ، فأنعمت عليه فكفر فقوله : وحيدا على هذا يرجع إلى
الوليد ، أي لم يكن له شيء فملكته ، وقيل : أراد بذلك ليدله على أنه يبعث وحيدا كما خلق وحيدا ، وقيل : الوحيد الذي لا يعرف أبوه ، وكان
الوليد معروفا بأنه دعي ، كما ذكرنا في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=13عتل بعد ذلك زنيم وهو في صفة
الوليد أيضا .
nindex.php?page=treesubj&link=29045قوله تعالى : وجعلت له مالا ممدودا أي خولته وأعطيته مالا ممدودا ، وهو ما كان
للوليد بين
مكة والطائف من الإبل والحجور والنعم والجنان والعبيد والجواري ، كذا كان
ابن عباس يقول ، وقال
مجاهد : غلة ألف دينار ، قاله
سعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أيضا ، وقال
قتادة : ستة آلاف دينار ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري وقتادة : أربعة آلاف دينار ،
الثوري أيضا : ألف ألف دينار ،
مقاتل : كان له بستان لا ينقطع خيره شتاء ولا صيفا ، وقال
عمر - رضي الله عنه - :
[ ص: 68 ] nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=12وجعلت له مالا ممدودا غلة شهر بشهر ،
النعمان بن سالم : أرضا يزرع فيها ،
القشيري : والأظهر أنه إشارة إلى ما لا ينقطع رزقه ، بل يتوالى كالزرع والضرع والتجارة .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=13وبنين شهودا أي حضورا لا يغيبون عنه في تصرف ، قال
مجاهد وقتادة : كانوا عشرة ، وقيل : اثنا عشر ، قاله السدي
والضحاك ، قال
الضحاك : سبعة ولدوا
بمكة وخمسة ولدوا بالطائف ، وقال
سعيد بن جبير : كانوا ثلاثة عشر ولدا ،
مقاتل : كانوا سبعة كلهم رجال ، أسلم منهم ثلاثة :
خالد وهشام والوليد بن الوليد ، قال : فما زال
الوليد بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله وولده حتى هلك ، وقيل : شهودا ، أي إذا ذكر ذكروا معه قاله
ابن عباس ، وقيل : شهودا ، أي قد صاروا مثله في شهود ما كان يشهده ، والقيام بما كان يباشره ، والأول قول
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، أي حاضرين
مكة لا يظعنون عنه في تجارة ولا يغيبون .
nindex.php?page=treesubj&link=29045قوله تعالى : ومهدت له تمهيدا أي بسطت له في العيش بسطا ، حتى أقام ببلدته مطمئنا مترفها يرجع إلى رأيه ، والتمهيد عند العرب : التوطئة والتهيئة ومنه مهد الصبي ، وقال
ابن عباس :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=14ومهدت له تمهيدا أي وسعت له ما بين
اليمن والشام ، وقاله
مجاهد ، وعن
مجاهد أيضا في
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=14ومهدت له تمهيدا أنه المال بعضه فوق بعض كما يمهد الفراش .
nindex.php?page=treesubj&link=29045قوله تعالى ثم يطمع أن أزيد أي ثم إن
الوليد يطمع بعد هذا كله أن أزيده في المال والولد ، كلا أي ليس يكون ذلك مع كفره بالنعم ، وقال
الحسن وغيره : أي ثم يطمع أن أدخله الجنة ، وكان
الوليد يقول : إن كان
محمد صادقا فما خلقت الجنة إلا لي ، فقال الله تعالى ردا عليه وتكذيبا له : كلا أي لست أزيده ، فلم يزل يرى النقصان في ماله وولده حتى هلك ، و " ثم " في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=15ثم يطمع ليست بثم التي للنسق ولكنها تعجيب ، وهي كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون وذلك كما تقول : أعطيتك ثم أنت تجفوني كالمتعجب من ذلك ، وقيل يطمع أن أترك ذلك في عقبه ، وذلك أنه كان يقول : إن
محمدا مبتور ، أي أبتر وينقطع ذكره بموته ، وكان يظن أن ما رزق لا ينقطع بموته ، وقيل : أي ثم يطمع أن أنصره على كفره .
و ( كلا ) قطع للرجاء عما كان يطمع فيه من الزيادة فيكون متصلا بالكلام الأول ، وقيل : ( كلا ) بمعنى حقا ويكون ابتداء إنه يعني الوليد
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=16كان لآياتنا عنيدا أي معاندا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به ، يقال : عاند فهو عنيد مثل : جالس فهو جليس قاله
مجاهد ، وعند يعند بالكسر أي خالف ورد الحق وهو يعرفه فهو عنيد وعاند ، والعاند : البعير الذي يجور عن الطريق ويعدل عن القصد والجمع عند مثل راكع وركع ، وأنشد
أبو عبيدة قول
الحارثي :
[ ص: 69 ] إذا ركبت فاجعلاني وسطا إني كبير لا أطيق العندا
وقال
أبو صالح : عنيدا معناه مباعدا ; قال الشاعر :
أرانا على حال تفرق بيننا نوى غربة إن الفراق عنود
قتادة : جاحدا .
مقاتل : معرضا .
ابن عباس : جحودا . وقيل : إنه المجاهر بعدوانه . وعن
مجاهد أيضا قال : مجانبا للحق معاندا له معرضا عنه . والمعنى كله متقارب . والعرب تقول : عند الرجل إذا عتا وجاوز قدره . والعنود من الإبل : الذي لا يخالط الإبل ، إنما هو في ناحية . ورجل عنود إذا كان يحل وحده لا يخالط الناس والعنيد من التجبر . وعرق عاند : إذا لم يرقأ دمه . كل هذا قياس واحد وقد مضى في سورة ( إبراهيم ) . وجمع العنيد عند ، مثل رغيف ورغف .
nindex.php?page=treesubj&link=29045قوله تعالى : سأرهقه أي سأكلفه . وكان
ابن عباس يقول : سألجئه ; والإرهاق في كلام العرب : أن يحمل الإنسان على الشيء .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=17صعودا "
nindex.php?page=hadith&LINKID=866533الصعود : جبل من نار يتصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي كذلك فيه أبدا " رواه
أبو سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، خرجه
الترمذي وقال فيه حديث غريب . وروى
عطية عن أبي سعيد قال : صخرة في جهنم إذا وضعوا عليها أيديهم ذابت فإذا رفعوها عادت ، قال : فيبلغ أعلاها في أربعين سنة يجذب من أمامه بسلاسل ويضرب من خلفه بمقامع ، حتى إذا بلغ أعلاها رمى به إلى أسفلها ، فذلك دأبه أبدا . وقد مضى هذا المعنى في سورة
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1قل أوحي وفي التفسير أنه صخرة ملساء يكلف صعودها فإذا صار في أعلاها حدر في جهنم ، فيقوم يهوي ألف عام من قبل أن يبلغ قرار جهنم ، يحترق في كل يوم سبعين مرة ثم يعاد خلقا جديدا . وقال
ابن عباس : المعنى سأكلفه مشقة من العذاب لا راحة له فيه ونحوه عن
الحسن وقتادة . وقيل : إنه تصاعد نفسه للنزع وإن لم يتعقبه موت ، ليعذب من داخل جسده كما يعذب من خارجه .
[ ص: 67 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=11ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=11ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ذَرْنِي أَيْ دَعْنِي ، وَهِيَ كَلِمَةُ وَعِيدٍ وَتَهْدِيدٍ وَمَنْ خَلَقْتُ أَيْ دَعْنِي وَالَّذِي خَلَقْتُهُ وَحِيدًا فَ ( وَحِيدًا ) عَلَى هَذَا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ الْمَحْذُوفِ ، أَيْ خَلَقْتُهُ وَحْدَهُ ، لَا مَالَ لَهُ وَلَا وَلَدَ ، ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَعْطَيْتُهُ ، وَالْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّهُ
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ ، وَإِنْ كَانَ النَّاسُ خُلِقُوا مِثْلَ خَلْقِهِ ، وَإِنَّمَا خُصَّ بِالذِّكْرِ لِاخْتِصَاصِهِ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ وَإِيذَاءِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، وَكَانَ يُسَمَّى الْوَحِيدَ فِي قَوْمِهِ ، قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ
الْوَلِيدُ يَقُولُ : أَنَا الْوَحِيدُ ابْنُ الْوَحِيدِ ، لَيْسَ لِي فِي الْعَرَبِ نَظِيرٌ ، وَلَا
لِأَبِي الْمُغِيرَةِ نَظِيرٌ ، وَكَانَ يُسَمَّى الْوَحِيدَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=11ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ بِزَعْمِهِ وَحِيدًا لَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى صَدَّقَهُ بِأَنَّهُ وَحِيدٌ ، وَقَالَ قَوْمٌ : إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : وَحِيدًا يَرْجِعُ إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى عَلَى مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : ذَرْنِي وَحْدِي مَعَهُ فَأَنَا أَجْزِيكَ فِي الِانْتِقَامِ مِنْهُ عَنْ كُلِّ مُنْتَقِمٍ ، وَالثَّانِي : أَنِّي انْفَرَدْتُ بِخَلْقِهِ وَلَمْ يَشْرَكْنِي فِيهِ أَحَدٌ ، فَأَنَا أُهْلِكُهُ وَلَا أَحْتَاجُ إِلَى نَاصِرٍ فِي إِهْلَاكِهِ فَ ( وَحِيدًا ) عَلَى هَذَا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ ، وَهُوَ التَّاءُ فِي خَلَقْتُ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ
مُجَاهِدٍ ، أَيْ خَلَقْتُهُ وَحِيدًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ لَا مَالَ لَهُ وَلَا وَلَدَ ، فَأَنْعَمْتُ عَلَيْهِ فَكَفَرَ فَقَوْلُهُ : وَحِيدًا عَلَى هَذَا يَرْجِعُ إِلَى
الْوَلِيدِ ، أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فَمَلَّكْتُهُ ، وَقِيلَ : أَرَادَ بِذَلِكَ لِيَدُلَّهُ عَلَى أَنَّهُ يُبْعَثُ وَحِيدًا كَمَا خُلِقَ وَحِيدًا ، وَقِيلَ : الْوَحِيدُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ ، وَكَانَ
الْوَلِيدُ مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ دَعِيٌّ ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=13عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ وَهُوَ فِي صِفَةِ
الْوَلِيدِ أَيْضًا .
nindex.php?page=treesubj&link=29045قَوْلُهُ تَعَالَى : وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا أَيْ خَوَّلْتُهُ وَأَعْطَيْتُهُ مَالًا مَمْدُودًا ، وَهُوَ مَا كَانَ
لِلْوَلِيدِ بَيْنَ
مَكَّةَ وَالطَّائِفِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْحُجُورِ وَالنَّعَمِ وَالْجِنَانِ وَالْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي ، كَذَا كَانَ
ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ ، وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : غَلَّةُ أَلْفِ دِينَارٍ ، قَالَهُ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا ، وَقَالَ
قَتَادَةُ : سِتَّةُ آلَافِ دِينَارٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَقَتَادَةُ : أَرْبَعَةُ آلَافِ دِينَارٍ ،
الثَّوْرِيُّ أَيْضًا : أَلْفُ أَلْفِ دِينَارٍ ،
مُقَاتِلٌ : كَانَ لَهُ بُسْتَانٌ لَا يَنْقَطِعُ خَيْرُهُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا ، وَقَالَ
عُمَرُ - رِضَيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
[ ص: 68 ] nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=12وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا غَلَّةُ شَهْرٍ بِشَهْرٍ ،
النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ : أَرْضًا يَزْرَعُ فِيهَا ،
الْقُشَيْرِيُّ : وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى مَا لَا يَنْقَطِعُ رِزْقُهُ ، بَلْ يَتَوَالَى كَالزَّرْعِ وَالضَّرْعِ وَالتِّجَارَةِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=13وَبَنِينَ شُهُودًا أَيْ حُضُورًا لَا يَغِيبُونَ عَنْهُ فِي تَصَرُّفٍ ، قَالَ
مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ : كَانُوا عَشَرَةً ، وَقِيلَ : اثْنَا عَشَرَ ، قَالَهُ السُّدِّيُّ
وَالضَّحَّاكُ ، قَالَ
الضَّحَّاكُ : سَبْعَةٌ وُلِدُوا
بِمَكَّةَ وَخَمْسَةٌ وُلِدُوا بِالطَّائِفِ ، وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : كَانُوا ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَلَدًا ،
مُقَاتِلٌ : كَانُوا سَبْعَةً كُلُّهُمْ رِجَالٌ ، أَسْلَمَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ :
خَالِدٌ وَهِشَامٌ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، قَالَ : فَمَا زَالَ
الْوَلِيدُ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي نُقْصَانٍ مِنْ مَالِهِ وَوَلَدِهِ حَتَّى هَلَكَ ، وَقِيلَ : شُهُودًا ، أَيْ إِذَا ذُكِرَ ذُكِرُوا مَعَهُ قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَقِيلَ : شُهُودًا ، أَيْ قَدْ صَارُوا مِثْلَهُ فِي شُهُودِ مَا كَانَ يَشْهَدُهُ ، وَالْقِيَامِ بِمَا كَانَ يُبَاشِرُهُ ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، أَيْ حَاضِرِينَ
مَكَّةَ لَا يَظْعَنُونَ عَنْهُ فِي تِجَارَةٍ وَلَا يَغِيبُونَ .
nindex.php?page=treesubj&link=29045قَوْلُهُ تَعَالَى : وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا أَيْ بَسَطْتُ لَهُ فِي الْعَيْشِ بَسْطًا ، حَتَّى أَقَامَ بِبَلْدَتِهِ مُطْمَئِنًّا مُتَرَفِّهًا يُرْجَعُ إِلَى رَأْيِهِ ، وَالتَّمْهِيدُ عِنْدَ الْعَرَبِ : التَّوْطِئَةُ وَالتَّهْيِئَةُ وَمِنْهُ مَهْدُ الصَّبِيِّ ، وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=14وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا أَيْ وَسَّعْتُ لَهُ مَا بَيْنَ
الْيَمَنِ وَالشَّامِ ، وَقَالَهُ
مُجَاهِدٌ ، وَعَنْ
مُجَاهِدٍ أَيْضًا فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=14وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا أَنَّهُ الْمَالُ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ كَمَا يُمَهَّدُ الْفِرَاشُ .
nindex.php?page=treesubj&link=29045قَوْلُهُ تَعَالَى ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ أَيْ ثُمَّ إِنَّ
الْوَلِيدَ يَطْمَعُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ أَنْ أَزِيدَهُ فِي الْمَالِ وَالْوَلَدِ ، كَلَّا أَيْ لَيْسَ يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ كُفْرِهِ بِالنِّعَمِ ، وَقَالَ
الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ : أَيْ ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، وَكَانَ
الْوَلِيدُ يَقُولُ : إِنْ كَانَ
مُحَمَّدٌ صَادِقًا فَمَا خُلِقَتِ الْجَنَّةُ إِلَّا لِي ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِ وَتَكْذِيبًا لَهُ : كَلَّا أَيْ لَسْتُ أَزِيدُهُ ، فَلَمْ يَزَلْ يَرَى النُّقْصَانَ فِي مَالِهِ وَوَلَدِهِ حَتَّى هَلَكَ ، وَ " ثُمَّ " فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=15ثُمَّ يَطْمَعُ لَيْسَتْ بِثُمَّ الَّتِي لِلنَّسَقِ وَلَكِنَّهَا تَعْجِيبٌ ، وَهِيَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ وَذَلِكَ كَمَا تَقُولُ : أَعْطَيْتُكَ ثُمَّ أَنْتَ تَجْفُونِي كَالْمُتَعَجِّبِ مِنْ ذَلِكَ ، وَقِيلَ يَطْمَعُ أَنْ أَتْرُكَ ذَلِكَ فِي عَقِبِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِنَّ
مُحَمَّدًا مَبْتُورٌ ، أَيْ أَبْتَرُ وَيَنْقَطِعُ ذِكْرُهُ بِمَوْتِهِ ، وَكَانَ يَظُنُّ أَنَّ مَا رُزِقَ لَا يَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِ ، وَقِيلَ : أَيْ ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَنْصُرَهُ عَلَى كُفْرِهِ .
وَ ( كَلَّا ) قَطْعٌ لِلرَّجَاءِ عَمَّا كَانَ يَطْمَعُ فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ فَيَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ ، وَقِيلَ : ( كَلَّا ) بِمَعْنَى حَقًّا وَيَكُونُ ابْتِدَاءً إِنَّهُ يَعْنِي الْوَلِيدَ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=16كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا أَيْ مُعَانِدًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا جَاءَ بِهِ ، يُقَالُ : عَانِدٌ فَهُوَ عَنِيدٌ مِثْلَ : جَالِسٌ فَهُوَ جَلِيسٌ قَالَهُ
مُجَاهِدٌ ، وَعَنَدَ يَعْنِدُ بِالْكَسْرِ أَيْ خَالَفَ وَرَدَّ الْحَقَّ وَهُوَ يَعْرِفُهُ فَهُوَ عَنِيدٌ وَعَانِدٌ ، وَالْعَانِدُ : الْبَعِيرُ الَّذِي يَجُورُ عَنِ الطَّرِيقِ وَيَعْدِلُ عَنِ الْقَصْدِ وَالْجَمْعُ عُنَّدٌ مِثْلِ رَاكِعٍ وَرُكَّعٍ ، وَأَنْشَدَ
أَبُو عُبَيْدَةَ قَوْلَ
الْحَارِثِيِّ :
[ ص: 69 ] إِذَا رَكِبْتُ فَاجْعَلَانِي وَسَطًا إِنِّي كَبِيرٌ لَا أُطِيقُ الْعُنَّدَا
وَقَالَ
أَبُو صَالِحٍ : عَنِيدًا مَعْنَاهُ مُبَاعِدًا ; قَالَ الشَّاعِرُ :
أَرَانَا عَلَى حَالٍ تُفَرِّقُ بَيْنَنَا نَوًى غُرْبَةٌ إِنَّ الْفِرَاقَ عَنُودُ
قَتَادَةُ : جَاحِدًا .
مُقَاتِلٌ : مُعْرِضًا .
ابْنُ عَبَّاسٍ : جَحُودًا . وَقِيلَ : إِنَّهُ الْمُجَاهِرُ بِعُدْوَانِهِ . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ أَيْضًا قَالَ : مُجَانِبًا لِلْحَقِّ مُعَانِدًا لَهُ مُعْرِضًا عَنْهُ . وَالْمَعْنَى كُلُّهُ مُتَقَارِبٌ . وَالْعَرَبُ تَقُولُ : عَنَدَ الرَّجُلُ إِذَا عَتَا وَجَاوَزَ قَدْرَهُ . وَالْعَنُودُ مِنَ الْإِبِلِ : الَّذِي لَا يُخَالِطُ الْإِبِلَ ، إِنَّمَا هُوَ فِي نَاحِيَةٍ . وَرَجُلٌ عَنُودٌ إِذَا كَانَ يَحِلُّ وَحْدَهُ لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَالْعَنِيدُ مِنَ التَّجَبُّرِ . وَعِرْقٌ عَانِدٌ : إِذَا لَمْ يَرْقَأْ دَمَهُ . كُلُّ هَذَا قِيَاسٌ وَاحِدٌ وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ ( إِبْرَاهِيمَ ) . وَجَمْعُ الْعَنِيدِ عُنُدٌ ، مِثْلَ رَغِيفٍ وَرُغُفٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=29045قَوْلُهُ تَعَالَى : سَأُرْهِقُهُ أَيْ سَأُكَلِّفُهُ . وَكَانَ
ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ : سَأُلْجِئُهُ ; وَالْإِرْهَاقُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : أَنْ يُحْمَلَ الْإِنْسَانُ عَلَى الشَّيْءِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=17صَعُودًا "
nindex.php?page=hadith&LINKID=866533الصَّعُودُ : جَبَلٌ مِنْ نَارٍ يَتَصَعَّدُ فِيهِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ثُمَّ يَهْوِي كَذَلِكَ فِيهِ أَبَدًا " رَوَاهُ
أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، خَرَّجَهُ
التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ فِيهِ حَدِيثٌ غَرِيبٌ . وَرَوَى
عَطِيَّةُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : صَخْرَةٌ فِي جَهَنَّمَ إِذَا وَضَعُوا عَلَيْهَا أَيْدِيَهُمْ ذَابَتْ فَإِذَا رَفَعُوهَا عَادَتْ ، قَالَ : فَيَبْلُغُ أَعْلَاهَا فِي أَرْبَعِينَ سَنَةً يُجْذَبُ مِنْ أَمَامِهِ بِسَلَاسِلَ وَيُضْرَبُ مَنْ خَلْفَهُ بِمَقَامِعَ ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَعْلَاهَا رَمَى بِهِ إِلَى أَسْفَلِهَا ، فَذَلِكَ دَأْبُهُ أَبَدًا . وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي سُورَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1قُلْ أُوحِيَ وَفِي التَّفْسِيرِ أَنَّهُ صَخْرَةٌ مَلْسَاءُ يُكَلَّفُ صُعُودَهَا فَإِذَا صَارَ فِي أَعْلَاهَا حُدِرَ فِي جَهَنَّمَ ، فَيَقُومُ يَهْوِي أَلْفَ عَامٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْلُغَ قَرَارَ جَهَنَّمَ ، يَحْتَرِقُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً ثُمَّ يُعَادُ خَلْقًا جَدِيدًا . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : الْمَعْنَى سَأُكَلِّفُهُ مَشَقَّةً مِنَ الْعَذَابِ لَا رَاحَةَ لَهُ فِيهِ وَنَحْوَهُ عَنِ
الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ . وَقِيلَ : إِنَّهُ تَصَاعَدَ نَفْسَهُ لِلنَّزْعِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَقَّبْهُ مَوْتٌ ، لِيُعَذَّبَ مِنْ دَاخِلِ جَسَدِهِ كَمَا يُعَذَّبُ مِنْ خَارِجِهِ .