قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر nindex.php?page=treesubj&link=29045قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عليها تسعة عشر أي على سقر تسعة عشر من الملائكة يلقون فيها أهلها . ثم قيل : على جملة النار تسعة عشر من الملائكة هم خزنتها ; مالك وثمانية عشر ملكا . ويحتمل أن تكون التسعة عشر نقيبا ، ويحتمل أن يكون تسعة عشر ملكا بأعيانهم . وعلى هذا أكثر المفسرين .
الثعلبي : ولا ينكر هذا ، فإذا كان ملك واحد يقبض أرواح جميع الخلائق كان أحرى أن يكون تسعة عشر على عذاب بعض الخلائق .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : نعت النبي - صلى الله عليه وسلم - خزنة جهنم فقال : "
فكأن أعينهم البرق ، وكأن أفواههم الصياصي ، يجرون أشعارهم ، لأحدهم من القوة مثل قوة الثقلين ، يسوق أحدهم الأمة وعلى رقبته جبل ، فيرميهم في النار ، ويرمي فوقهم الجبل " .
قلت : وذكر
ابن المبارك قال : حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
الأزرق بن قيس ، عن رجل من
بني تميم قال : كنا عند
أبي العوام ، فقرأ هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=27وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر فقال ما تسعة عشر ؟ تسعة عشر ألف ملك ، أو تسعة عشر
[ ص: 74 ] ملكا ؟ قال : قلت : لا بل تسعة عشر ملكا . فقال : وأنى تعلم ذلك ؟ فقلت : لقول الله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا قال : صدقت هم تسعة عشر ملكا ، بيد كل ملك منهم مرزبة لها شعبتان ، فيضرب الضربة فيهوي بها في النار سبعين ألفا . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار : كل واحد منهم يدفع بالدفعة الواحدة في جهنم أكثر من
ربيعة ومضر . خرج
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله . قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866536قال ناس من اليهود لأناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم ؟ قالوا : لا ندري حتى نسأل نبينا . فجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا محمد غلب أصحابك اليوم ; فقال : " وماذا غلبوا " ؟ قال : سألهم يهود : هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم ؟ قال : " فماذا قالوا ؟ " قال : قالوا لا ندري حتى نسأل نبينا . قال : " أفغلب قوم سئلوا عما لا يعلمون ، فقالوا لا نعلم حتى نسأل نبينا ؟ لكنهم قد سألوا نبيهم فقالوا أرنا الله جهرة ، علي بأعداء الله ! إني سائلهم عن تربة الجنة وهي الدرمك " . فلما جاءوا قالوا : يا أبا القاسم كم عدد خزنة جهنم ؟ قال : " هكذا وهكذا " في مرة عشرة وفي مرة تسعة . قالوا : نعم . قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما تربة الجنة " قال : فسكتوا هنيهة ثم قالوا : أخبزة يا أبا القاسم ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الخبز من الدرمك " . قال
أبو عيسى : هذا حديث غريب ، إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث
مجالد عن
الشعبي عن
جابر . وذكر
ابن وهب قال : حدثنا
عبد الرحمن بن زيد ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خزنة جهنم : "
ما بين منكبي أحدهم كما بين المشرق والمغرب " .
وقال
ابن عباس : ما بين منكبي الواحد منهم مسيرة سنة ، وقوة الواحد منهم أن يضرب بالمقمع فيدفع بتلك الضربة سبعين ألف إنسان في قعر جهنم .
قلت : والصحيح إن شاء الله أن هؤلاء التسعة عشر ، هم الرؤساء والنقباء ، وأما جملتهم فالعبارة تعجز عنها ; كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وما يعلم جنود ربك إلا هو وقد ثبت في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866538يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها . وقال
ابن عباس وقتادة والضحاك : لما نزل : عليها تسعة عشر قال
أبو جهل لقريش : ثكلتكم أمهاتكم ! أسمع
ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة
[ ص: 75 ] جهنم تسعة عشر ، وأنتم الدهم - أي العدد - والشجعان ، فيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم ! قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : فقال
أبو الأسود بن كلدة الجمحي : لا يهولنكم التسعة عشر ، أنا أدفع بمنكبي الأيمن عشرة من الملائكة ، وبمنكبي الأيسر التسعة ، ثم تمرون إلى الجنة ; يقولها مستهزئا . في رواية أن
الحارث بن كلدة قال أنا أكفيكم سبعة عشر ، واكفوني أنتم اثنين .
وقيل : إن
أبا جهل قال أفيعجز كل مائة منكم أن يبطشوا بواحد منهم ، ثم تخرجون من النار ؟ فنزل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة أي لم نجعلهم رجالا فتتعاطون مغالبتهم . وقيل : جعلهم ملائكة لأنهم خلاف جنس المعذبين من الجن والإنس ، فلا يأخذهم ما يأخذ المجانس من الرأفة والرقة ، ولا يستروحون إليهم ; ولأنهم أقوم خلق الله بحق الله وبالغضب له ، فتؤمن هوادتهم ; ولأنهم أشد خلق الله بأسا وأقواهم بطشا .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وما جعلنا عدتهم إلا فتنة أي بلية . وروي عن
ابن عباس من غير وجه قال : ضلالة للذين كفروا ، يريد
أبا جهل وذويه . وقيل : إلا عذابا ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=13يوم هم على النار يفتنون ذوقوا فتنتكم . أي جعلنا ذلك سبب كفرهم وسبب العذاب .
وفي
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30تسعة عشر سبع قراءات : قراءة العامة تسعة عشر . وقرأ
أبو جعفر بن القعقاع وطلحة بن سليمان ( تسعة عشر ) بإسكان العين . وعن
ابن عباس ( تسعة عشر ) بضم الهاء .
وعن
أنس بن مالك ( تسعة وعشر ) وعنه أيضا ( تسعة وعشر ) . وعنه أيضا ( تسعة أعشر ) ذكرها
المهدوي وقال : من قرأ ( تسعة عشر ) أسكن العين لتوالي الحركات . ومن قرأ ( تسعة وعشر ) جاء به على الأصل قبل التركيب ، وعطف عشرا على تسعة ، وحذف التنوين لكثرة الاستعمال ، وأسكن الراء من عشر على نية السكوت عليها . ومن قرأ ( تسعة عشر ) فكأنه من التداخل ; كأنه أراد العطف وترك التركيب ، فرفع هاء التأنيث ، ثم راجع البناء وأسكن . وأما ( تسعة أعشر ) : فغير معروف ، وقد أنكرها
أبو حاتم . وكذلك ( تسعة وعشر ) لأنها محمولة على ( تسعة أعشر ) والواو بدل من الهمزة ، وليس لذلك وجه عند النحويين .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقرئ : ( تسعة أعشر ) جمع عشير ، مثل يمين وأيمن .
nindex.php?page=treesubj&link=29045قوله تعالى ليستيقن الذين أوتوا الكتاب أي ليوقن الذين أعطوا التوراة والإنجيل أن عدة خزنة جهنم موافقة لما عندهم ; قاله
ابن عباس وقتادة والضحاك ومجاهد وغيرهم . ثم يحتمل أنه يريد الذين آمنوا منهم
nindex.php?page=showalam&ids=106كعبدالله بن سلام . ويحتمل أنه يريد الكل .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31ويزداد الذين آمنوا إيمانا بذلك ; لأنهم كلما صدقوا بما في كتاب الله آمنوا ، ثم ازدادوا إيمانا لتصديقهم
[ ص: 76 ] بعدد خزنة جهنم .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31ولا يرتاب أي ولا يشك
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31الذين أوتوا الكتاب أي أعطوا الكتاب والمؤمنون أي المصدقون من أصحاب
محمد - صلى الله عليه وسلم - في أن عدة خزنة جهنم تسعة عشر .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وليقول الذين في قلوبهم مرض أي في صدورهم شك ونفاق من منافقي
أهل المدينة ، الذين ينجمون في مستقبل الزمان بعد الهجرة ولم يكن
بمكة نفاق وإنما نجم
بالمدينة . وقيل : المعنى ; أي وليقول المنافقون الذين ينجمون في مستقبل الزمان بعد الهجرة .
والكافرون أي
اليهود والنصارى ماذا أراد الله بهذا مثلا يعني بعدد خزنة جهنم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل : السورة مكية ولم يكن
بمكة نفاق ; فالمرض في هذه الآية الخلاف و ( الكافرون ) أي مشركو العرب . وعلى القول الأول أكثر المفسرين . ويجوز أن يراد بالمرض : الشك والارتياب ; لأن
أهل مكة كان أكثرهم شاكين ، وبعضهم قاطعين بالكذب ، وقوله تعالى إخبارا عنهم : ماذا أراد الله أي ما أراد بهذا العدد الذي ذكره حديثا ، أي ما هذا من الحديث . قال
الليث : المثل الحديث ; ومنه : مثل الجنة التي وعد المتقون أي حديثها والخبر عنها .
كذلك أي كإضلال الله
أبا جهل وأصحابه المنكرين لخزنة جهنم يضل الله أي يخزي ويعمي من يشاء ويهدي أي ويرشد من يشاء كإرشاد أصحاب
محمد - صلى الله عليه وسلم - . وقيل : كذلك يضل الله عن الجنة من يشاء ويهدي إليها من يشاء .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وما يعلم جنود ربك إلا هو أي وما يدري عدد ملائكة ربك الذين خلقهم لتعذيب أهل النار إلا هو أي إلا الله - جل ثناؤه - وهذا جواب
لأبي جهل حين قال : أما
لمحمد من الجنود إلا تسعة عشر ! وعن
ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=866539أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم غنائم حنين ، فأتاه جبريل فجلس عنده ، فأتى ملك فقال : إن ربك يأمرك بكذا وكذا ، فخشي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون شيطانا ، فقال : " يا جبريل أتعرفه " ؟ فقال : هو ملك وما كل ملائكة ربك أعرف . وقال
الأوزاعي : قال
موسى : " يا رب من في السماء ؟ قال ملائكتي . قال كم عدتهم يا رب ؟ قال : اثني عشر سبطا . قال : كم عدة كل سبط ؟ قال : عدد التراب " ذكرهما
الثعلبي . وفي
الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831096أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجدا .
[ ص: 77 ] nindex.php?page=treesubj&link=29045قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وما هي إلا ذكرى للبشر يعني الدلائل والحجج والقرآن . وقيل : وما هي أي وما هذه النار التي هي سقر إلا ذكرى أي عظة للبشر أي للخلق . وقيل : نار الدنيا تذكرة لنار الآخرة .
قاله
الزجاج . وقيل : أي ما هذه العدة
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31إلا ذكرى للبشر أي ليتذكروا ويعلموا كمال قدرة الله تعالى ، وأنه لا يحتاج إلى أعوان وأنصار ; فالكناية على هذا في قوله تعالى : وما هي ترجع إلى الجنود ; لأنه أقرب مذكور .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ nindex.php?page=treesubj&link=29045قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ أَيْ عَلَى سَقَرَ تِسْعَةَ عَشَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَلْقَوْنَ فِيهَا أَهْلَهَا . ثُمَّ قِيلَ : عَلَى جُمْلَةِ النَّارِ تِسْعَةَ عَشَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ هُمْ خَزَنَتُهَا ; مَالِكٌ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَلَكًا . وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ التِّسْعَةَ عَشَرَ نَقِيبًا ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكًا بِأَعْيَانِهِمْ . وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ .
الثَّعْلَبِيُّ : وَلَا يُنْكَرُ هَذَا ، فَإِذَا كَانَ مَلَكٌ وَاحِدٌ يَقْبِضُ أَرْوَاحَ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ كَانَ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ تِسْعَةَ عَشَرَ عَلَى عَذَابِ بَعْضِ الْخَلَائِقِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : نَعَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَزَنَةَ جَهَنَّمَ فَقَالَ : "
فَكَأَنَّ أَعْيُنَهُمُ الْبَرْقُ ، وَكَأَنَّ أَفْوَاهَهُمُ الصَّيَاصِي ، يَجُرُّونَ أَشْعَارَهُمْ ، لِأَحَدِهِمْ مِنَ الْقُوَّةِ مِثْلَ قُوَّةِ الثَّقَلَيْنِ ، يَسُوقُ أَحَدُهُمُ الْأُمَّةَ وَعَلَى رَقَبَتِهِ جَبَلٌ ، فَيَرْمِيهِمْ فِي النَّارِ ، وَيَرْمِي فَوْقَهُمُ الْجَبَلَ " .
قُلْتُ : وَذَكَرَ
ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنِ
الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ
بَنِي تَمِيمٍ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ
أَبِي الْعَوَّامِ ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=27وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ فَقَالَ مَا تِسْعَةَ عَشَرَ ؟ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ مَلَكٍ ، أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ
[ ص: 74 ] مَلَكًا ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَا بَلْ تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكًا . فَقَالَ : وَأَنَّى تَعْلَمُ ذَلِكَ ؟ فَقُلْتُ : لِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا قَالَ : صَدَقْتَ هُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكًا ، بِيَدِ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ مِرْزَبَّةٌ لَهَا شُعْبَتَانِ ، فَيَضْرِبُ الضَّرْبَةَ فَيَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ سَبْعِينَ أَلْفًا . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16666عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ : كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدْفَعُ بِالدَّفْعَةِ الْوَاحِدَةِ فِي جَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْ
رَبِيعَةَ وَمُضَرَ . خَرَّجَ
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ . قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866536قَالَ نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ لِأُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : هَلْ يَعْلَمُ نَبِيُّكُمْ عَدَدَ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ ؟ قَالُوا : لَا نَدْرِي حَتَّى نَسْأَلَ نَبِيَّنَا . فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ غُلِبَ أَصْحَابُكَ الْيَوْمَ ; فَقَالَ : " وَمَاذَا غُلِبُوا " ؟ قَالَ : سَأَلَهُمْ يَهُودُ : هَلْ يَعْلَمُ نَبِيُّكُمْ عَدَدَ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ ؟ قَالَ : " فَمَاذَا قَالُوا ؟ " قَالَ : قَالُوا لَا نَدْرِي حَتَّى نَسْأَلَ نَبِيَّنَا . قَالَ : " أَفَغُلِبَ قَوْمٌ سُئِلُوا عَمَّا لَا يَعْلَمُونَ ، فَقَالُوا لَا نَعْلَمُ حَتَّى نَسْأَلَ نَبِيَّنَا ؟ لَكِنَّهُمْ قَدْ سَأَلُوا نَبِيَّهُمْ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ، عَلَيَّ بِأَعْدَاءِ اللَّهِ ! إِنِّي سَائِلُهُمْ عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ وَهِيَ الدَّرْمَكُ " . فَلَمَّا جَاءُوا قَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِمِ كَمْ عَدَدُ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ ؟ قَالَ : " هَكَذَا وَهَكَذَا " فِي مَرَّةٍ عَشَرَةٌ وَفِي مَرَّةٍ تِسْعَةٌ . قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " مَا تُرْبَةُ الْجَنَّةِ " قَالَ : فَسَكَتُوا هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالُوا : أَخُبْزَةٌ يَا أَبَا الْقَاسِمِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " الْخُبْزُ مِنَ الدَّرْمَكِ " . قَالَ
أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ ، إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ
مُجَالِدٍ عَنِ
الشَّعْبِيِّ عَنْ
جَابِرٍ . وَذَكَرَ
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَزَنَةِ جَهَنَّمَ : "
مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ أَحَدِهِمْ كَمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ " .
وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ مَسِيرَةَ سَنَةٍ ، وَقُوَّةُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ أَنْ يَضْرِبَ بِالْمِقْمَعِ فَيَدْفَعُ بِتِلْكَ الضَّرْبَةِ سَبْعِينَ أَلْفَ إِنْسَانٍ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ .
قُلْتُ : وَالصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ التِّسْعَةَ عَشَرَ ، هُمُ الرُّؤَسَاءُ وَالنُّقَبَاءُ ، وَأَمَّا جُمْلَتُهُمْ فَالْعِبَارَةُ تَعْجَزُ عَنْهَا ; كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866538يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ : لَمَّا نَزَلَ : عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَالَ
أَبُو جَهْلٍ لِقُرَيْشٍ : ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ! أَسْمَعُ
ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ يُخْبِرُكُمْ أَنَّ خَزَنَةَ
[ ص: 75 ] جَهَنَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ ، وَأَنْتُمُ الدُّهْمُ - أَيِ الْعَدَدُ - وَالشُّجْعَانُ ، فَيَعْجَزُ كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْكُمْ أَنْ يَبْطِشُوا بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ ! قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : فَقَالَ
أَبُو الْأَسْوَدِ بْنُ كِلْدَةَ الْجُمَحِيُّ : لَا يَهُولَنَّكُمُ التِّسْعَةَ عَشَرَ ، أَنَا أَدْفَعُ بِمَنْكِبِي الْأَيْمَنِ عَشَرَةً مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، وَبِمَنْكِبِي الْأَيْسَرِ التِّسْعَةَ ، ثُمَّ تَمُرُّونَ إِلَى الْجَنَّةِ ; يَقُولُهَا مُسْتَهْزِئًا . فِي رِوَايَةٍ أَنَّ
الْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ قَالَ أَنَا أَكْفِيكُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ ، وَاكْفُونِي أَنْتُمُ اثْنَيْنِ .
وَقِيلَ : إِنَّ
أَبَا جَهْلٍ قَالَ أَفَيَعْجَزُ كُلُّ مِائَةٍ مِنْكُمْ أَنْ يَبْطِشُوا بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ ، ثُمَّ تَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ ؟ فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً أَيْ لَمْ نَجْعَلْهُمْ رِجَالًا فَتَتَعَاطَوْنَ مُغَالَبَتَهُمْ . وَقِيلَ : جَعَلَهُمْ مَلَائِكَةً لِأَنَّهُمْ خِلَافُ جِنْسِ الْمُعَذَّبِينَ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، فَلَا يَأْخُذُهُمْ مَا يَأْخُذُ الْمُجَانِسَ مِنَ الرَّأْفَةِ وَالرِّقَّةِ ، وَلَا يَسْتَرْوِحُونَ إِلَيْهِمْ ; وَلِأَنَّهُمْ أَقْوَمُ خَلْقِ اللَّهِ بِحَقِ اللَّهِ وَبِالْغَضَبِ لَهُ ، فَتُؤْمَنُ هَوَادَتُهُمْ ; وَلِأَنَّهُمْ أَشَدُّ خَلْقِ اللَّهِ بَأْسًا وَأَقْوَاهُمْ بَطْشًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً أَيْ بَلِيَّةً . وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ قَالَ : ضَلَالَةٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ، يُرِيدُ
أَبَا جَهْلٍ وَذَوِيهِ . وَقِيلَ : إِلَّا عَذَابًا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=13يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ . أَيْ جَعَلْنَا ذَلِكَ سَبَبَ كُفْرِهِمْ وَسَبَبَ الْعَذَابِ .
وَفِي
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30تِسْعَةَ عَشَرَ سَبْعُ قِرَاءَاتٍ : قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ تِسْعَةَ عَشَرَ . وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْقَعْقَاعِ وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ( تِسْعَةَ عْشَرَ ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ( تِسْعَةُ عَشَرَ ) بِضَمِّ الْهَاءِ .
وَعَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ( تِسْعَةُ وَعَشَرْ ) وَعَنْهُ أَيْضًا ( تِسْعَةُ وَعَشْرٌ ) . وَعَنْهُ أَيْضًا ( تِسْعَةُ أَعْشُرٍ ) ذَكَرَهَا
الْمَهْدَوِيُّ وَقَالَ : مَنْ قَرَأَ ( تِسْعَةَ عْشَرَ ) أَسْكَنَ الْعَيْنَ لِتَوَالِي الْحَرَكَاتِ . وَمَنْ قَرَأَ ( تِسْعَةُ وَعَشَرْ ) جَاءَ بِهِ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ التَّرْكِيبِ ، وَعَطَفَ عَشْرًا عَلَى تِسْعَةٍ ، وَحَذَفَ التَّنْوِينَ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ ، وَأَسْكَنَ الرَّاءَ مِنْ عَشَرٍ عَلَى نِيَّةِ السُّكُوتِ عَلَيْهَا . وَمَنْ قَرَأَ ( تِسْعَةُ عَشَرٍ ) فَكَأَنَّهُ مِنَ التَّدَاخُلِ ; كَأَنَّهُ أَرَادَ الْعَطْفَ وَتَرْكَ التَّرْكِيبِ ، فَرَفَعَ هَاءَ التَّأْنِيثِ ، ثُمَّ رَاجَعَ الْبِنَاءَ وَأَسْكَنَ . وَأَمَّا ( تِسْعَةُ أَعْشُرٍ ) : فَغَيْرُ مَعْرُوفٌ ، وَقَدْ أَنْكَرَهَا
أَبُو حَاتِمٍ . وَكَذَلِكَ ( تِسْعَةُ وَعَشْرُ ) لِأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى ( تِسْعَةِ أَعْشُرٍ ) وَالْوَاوُ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ وَجْهٌ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقُرِئَ : ( تِسْعَةُ أَعْشُرٍ ) جَمْعُ عَشِيرٍ ، مِثْلَ يَمِينٍ وَأَيْمُنٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=29045قَوْلُهُ تَعَالَى لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ أَيْ لِيُوقِنَ الَّذِينَ أُعْطُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ أَنَّ عِدَّةَ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ مُوَافِقَةٌ لِمَا عِنْدَهُمْ ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمْ . ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=106كَعَبْدِاللَّهِ بْنِ سَلَامٍ . وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ الْكُلَّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ كُلَّمَا صَدَّقُوا بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ آمَنُوا ، ثُمَّ ازْدَادُوا إِيمَانًا لِتَصْدِيقِهِمْ
[ ص: 76 ] بِعَدَدِ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وَلَا يَرْتَابَ أَيْ وَلَا يَشُكَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ أَيْ أُعْطُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ أَيِ الْمُصَدِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَنَّ عِدَّةَ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَيْ فِي صُدُورِهِمْ شَكٌّ وَنِفَاقٌ مِنْ مُنَافِقِي
أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، الَّذِينَ يُنَجِّمُونَ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَكُنْ
بِمَكَّةَ نِفَاقٌ وَإِنَّمَا نَجَمَ
بِالْمَدِينَةِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى ; أَيْ وَلِيَقُولَ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يَنْجُمُونَ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ .
وَالْكَافِرُونَ أَيِ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يَعْنِي بِعَدَدِ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14127الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ : السُّورَةُ مَكِّيَّةُ وَلَمْ يَكُنْ
بِمَكَّةَ نِفَاقٌ ; فَالْمَرَضُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْخِلَافُ وَ ( الْكَافِرُونَ ) أَيْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ . وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ . وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْمَرَضِ : الشَّكُّ وَالِارْتِيَابُ ; لِأَنَّ
أَهْلَ مَكَّةَ كَانَ أَكْثَرُهُمْ شَاكِّينَ ، وَبَعْضُهُمْ قَاطِعِينَ بِالْكَذِبِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْهُمْ : مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ أَيْ مَا أَرَادَ بِهَذَا الْعَدَدِ الَّذِي ذَكَرَهُ حَدِيثًا ، أَيْ مَا هَذَا مِنَ الْحَدِيثِ . قَالَ
اللَّيْثُ : الْمَثَلُ الْحَدِيثُ ; وَمِنْهُ : مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ أَيْ حَدِيثِهَا وَالْخَبَرِ عَنْهَا .
كَذَلِكَ أَيْ كَإِضْلَالِ اللَّهِ
أَبَا جَهْلٍ وَأَصْحَابَهُ الْمُنْكِرِينَ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ يُضِلُّ اللَّهُ أَيْ يُخْزِي وَيُعْمِي مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي أَيْ وَيُرْشِدُ مَنْ يَشَاءُ كَإِرْشَادِ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقِيلَ : كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ عَنِ الْجَنَّةِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهَا مَنْ يَشَاءُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ أَيْ وَمَا يَدْرِي عَدَدَ مَلَائِكَةِ رَبِّكَ الَّذِينَ خَلَقَهُمْ لِتَعْذِيبِ أَهْلِ النَّارِ إِلَّا هُوَ أَيْ إِلَّا اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - وَهَذَا جَوَابٌ
لِأَبِي جَهْلٍ حِينَ قَالَ : أَمَا
لِمُحَمَّدٍ مِنَ الْجُنُودِ إِلَّا تِسْعَةَ عَشَرَ ! وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=866539أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْسِمُ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَجَلَسَ عِنْدَهُ ، فَأَتَى مَلَكٌ فَقَالَ : إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ بِكَذَا وَكَذَا ، فَخَشِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكُونَ شَيْطَانًا ، فَقَالَ : " يَا جِبْرِيلُ أَتَعْرِفُهُ " ؟ فَقَالَ : هُوَ مَلَكٌ وَمَا كُلُّ مَلَائِكَةِ رَبِّكَ أَعْرِفُ . وَقَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ : قَالَ
مُوسَى : " يَا رَبُّ مَنْ فِي السَّمَاءِ ؟ قَالَ مَلَائِكَتِي . قَالَ كَمْ عِدَّتُهُمْ يَا رَبُّ ؟ قَالَ : اثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا . قَالَ : كَمْ عِدَّةُ كُلِّ سِبْطٍ ؟ قَالَ : عَدَدُ التُّرَابِ " ذَكَرَهُمَا
الثَّعْلَبِيُّ . وَفِي
التِّرْمِذِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831096أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ لِلَّهِ سَاجِدًا .
[ ص: 77 ] nindex.php?page=treesubj&link=29045قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ يَعْنِي الدَّلَائِلَ وَالْحُجَجَ وَالْقُرْآنَ . وَقِيلَ : وَمَا هِيَ أَيْ وَمَا هَذِهِ النَّارُ الَّتِي هِيَ سَقَرُ إِلَّا ذِكْرَى أَيْ عِظَةٌ لِلْبَشَرِ أَيْ لِلْخَلْقِ . وَقِيلَ : نَارُ الدُّنْيَا تَذْكِرَةٌ لِنَارِ الْآخِرَةِ .
قَالَهُ
الزَّجَّاجُ . وَقِيلَ : أَيْ مَا هَذِهِ الْعِدَّةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ أَيْ لِيَتَذَكَّرُوا وَيَعْلَمُوا كَمَالَ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَعْوَانٍ وَأَنْصَارٍ ; فَالْكِنَايَةُ عَلَى هَذَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَمَا هِيَ تَرْجِعُ إِلَى الْجُنُودِ ; لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ .