قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا قوارير من فضة قدروها تقديرا ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا [ ص: 124 ] nindex.php?page=treesubj&link=29047قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب أي يدور على هؤلاء الأبرار الخدم إذا أرادوا الشراب بآنية من فضة قال
ابن عباس : ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء ; أي ما في الجنة أشرف وأعلى وأنقى . ثم لم تنف الأواني الذهبية بل المعنى يسقون في أواني الفضة ، وقد يسقون في أواني الذهب . وقد قال تعالى : يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب . وقيل : نبه بذكر الفضة على الذهب ; كقوله : سرابيل تقيكم الحر أي والبرد ; فنبه بذكر أحدهما على الثاني . والأكواب : الكيزان العظام التي لا آذان لها ولا عرى ، الواحد منها كوب ; وقال
عدي :
متكئا تقرع أبوابه يسعى عليه العبد بالكوب
وقد مضى في ( الزخرف ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15كانت قوارير قوارير من فضة أي في صفاء القوارير وبياض الفضة ; فصفاؤها صفاء الزجاج وهي من فضة . وقيل : أرض الجنة من فضة ، والأواني تتخذ من تربة الأرض التي هي منها . ذكره
ابن عباس وقال : ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه ، إلا القوارير من فضة . وقال : لو أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى تجعلها مثل جناح الذباب لم تر من ورائها الماء ، ولكن قوارير الجنة مثل الفضة في صفاء القوارير .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قدروها تقديرا قراءة العامة بفتح القاف والدال ; أي قدرها لهم السقاة الذين يطوفون بها عليهم . قال
ابن عباس ومجاهد وغيرهما : أتوا بها على قدر ريهم ، بغير زيادة ولا نقصان .
الكلبي : وذلك ألذ وأشهى ; والمعنى : قدرتها الملائكة التي تطوف عليهم . وعن
ابن عباس أيضا : قدروها على ملء الكف لا تزيد ولا تنقص ، حتى لا تؤذيهم بثقل أو بإفراط صغر . وقيل : إن الشاربين قدروا لها مقادير في أنفسهم على ما اشتهوا وقدروا . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين قدروها بضم القاف وكسر الدال ; أي جعلت لهم على قدر إرادتهم . وذكر هذه القراءة
المهدوي عن
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - رضي الله عنهما - ; وقال : ومن قرأ قدروها فهو راجع إلى معنى القراءة الأخرى ، وكأن الأصل قدروا عليها فحذف الجر ; والمعنى قدرت عليهم ; وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه :
آليت حب العراق الدهر آكله والحب يأكله في القرية السوس
وذهب إلى أن المعنى على حب
العراق . وقيل : هذا التقدير هو أن الأقداح تطير فتغترف بمقدار شهوة الشارب ; وذلك قوله تعالى : قدروها تقديرا أي لا يفضل عن الري لا ينقص منه ، فقد ألهمت الأقداح معرفة مقدار ري المشتهي حتى تغترف بذلك المقدار . ذكر هذا القول
nindex.php?page=showalam&ids=14155الترمذي الحكيم في ( نوادر الأصول ) .
[ ص: 125 ] nindex.php?page=treesubj&link=29047قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=17ويسقون فيها كأسا وهي الخمر في الإناء . كان مزاجها زنجبيلا ( كان ) صلة ; أي مزاجها زنجبيل ، أو كان في حكم الله زنجبيلا . وكانت العرب تستلذ من الشراب ما يمزج بالزنجبيل لطيب رائحته ; لأنه يحذو اللسان ، ويهضم المأكول ، فرغبوا في نعيم الآخرة بما اعتقدوه نهاية النعمة والطيب . وقال
المسيب بن علس يصف ثغر المرأة :
وكأن طعم الزنجبيل به إذ ذقته وسلافة الخمر
ويروى . الكرم . وقال آخر :
كأن جنيا من الزنجبي ل بات بفيها وأريا مشورا
ونحوه قول
الأعشى :
كأن القرنفل والزنجبي ل باتا بفيها وأريا مشورا
وقال
مجاهد : الزنجبيل اسم للعين التي منها مزاج شراب الأبرار . وكذا قال
قتادة : والزنجبيل اسم العين التي يشرب بها المقربون صرفا وتمزج لسائر أهل الجنة . وقيل : هي عين في الجنة يوجد فيها طعم الزنجبيل . وقيل : إن فيه معنى الشراب الممزوج بالزنجبيل . والمعنى كأن فيها زنجبيلا .
عينا بدل من كأس . ويجوز أن ينتصب بإضمار فعل أي يسقون عينا . ويجوز نصبه بإسقاط الخافض أي من عين على ما تقدم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عينا يشرب بها عباد الله . فيها أي في الجنة تسمى سلسبيلا السلسبيل الشراب اللذيذ ، وهو فعلليل من السلالة ; تقول العرب : هذا شراب سلس وسلسال وسلسل وسلسبيل بمعنى ; أي طيب الطعم لذيذه . وفي الصحاح : وتسلسل الماء في الحلق جرى ، وسلسلته أنا صببته فيه ، وماء سلسل وسلسال : سهل الدخول في الحلق لعذوبته وصفائه ، والسلاسل بالضم مثله . وقال
الزجاج : السلسبيل في اللغة : اسم لما كان في غاية السلاسة ; فكأن العين سميت بصفتها . وعن
مجاهد قال : سلسبيلا : حديدة الجرية تسيل في حلوقهم انسلالا . ونحوه عن
ابن عباس : إنها الحديدة الجري . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي ; ومنه قول
حسان بن ثابت - رضي الله عنه - :
يسقون من ورد البريص عليهم بردى يصفق بالرحيق السلسل
وقال
أبو العالية ومقاتل : إنما سميت سلسبيلا ; لأنها تسيل عليهم في الطرق وفي منازلهم ، تنبع من أصل العرش من جنة عدن إلى أهل الجنة . وقال
قتادة : سلسة منقاد ماؤها حيث شاءوا . ونحوه عن
عكرمة . وقال
القفال : أي تلك عين شريفة فسل سبيلا إليها . وروي هذا عن
علي - رضي الله عنه - . وقوله : تسمى أي إنها مذكورة عند الملائكة وعند الأبرار وأهل الجنة بهذا الاسم . وصرف سلسبيل ; لأنه رأس آية ; كقوله تعالى : ( الظنونا ) و ( السبيلا ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا [ ص: 124 ] nindex.php?page=treesubj&link=29047قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ أَيْ يَدُورُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَبْرَارِ الْخَدَمُ إِذَا أَرَادُوا الشَّرَابَ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : لَيْسَ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ مِمَّا فِي الْجَنَّةِ إِلَّا الْأَسْمَاءُ ; أَيْ مَا فِي الْجَنَّةِ أَشْرَفُ وَأَعْلَى وَأَنْقَى . ثُمَّ لَمْ تُنْفَ الْأَوَانِي الذَّهَبِيَّةُ بَلِ الْمَعْنَى يُسْقَوْنَ فِي أَوَانِي الْفِضَّةِ ، وَقَدْ يُسْقَوْنَ فِي أَوَانِي الذَّهَبِ . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ . وَقِيلَ : نَبَّهَ بِذِكْرِ الْفِضَّةِ عَلَى الذَّهَبِ ; كَقَوْلِهِ : سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ أَيْ وَالْبَرْدَ ; فَنَبَّهَ بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا عَلَى الثَّانِي . وَالْأَكْوَابُ : الْكِيزَانُ الْعِظَامُ الَّتِي لَا آذَانَ لَهَا وَلَا عُرًى ، الْوَاحِدُ مِنْهَا كُوبٌ ; وَقَالَ
عَدِيٌّ :
مُتَّكِئًا تُقْرَعُ أَبْوَابُهُ يَسْعَى عَلَيْهِ الْعَبْدُ بِالْكُوبِ
وَقَدْ مَضَى فِي ( الزُّخْرُفِ ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15كَانَتْ قَوَارِيرَ قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ أَيْ فِي صَفَاءِ الْقَوَارِيرِ وَبَيَاضِ الْفِضَّةِ ; فَصَفَاؤُهَا صَفَاءُ الزُّجَاجِ وَهِيَ مِنْ فِضَّةٍ . وَقِيلَ : أَرْضُ الْجَنَّةِ مِنْ فِضَّةٍ ، وَالْأَوَانِي تُتَّخَذُ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ مِنْهَا . ذَكَرَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَ : لَيْسَ فِي الْجَنَّةِ شَيْءٌ إِلَّا قَدْ أُعْطِيتُمْ فِي الدُّنْيَا شَبَهَهُ ، إِلَّا الْقَوَارِيرُ مِنْ فِضَّةٍ . وَقَالَ : لَوْ أَخَذْتَ فِضَّةً مِنْ فِضَّةِ الدُّنْيَا فَضَرَبْتَهَا حَتَّى تَجْعَلَهَا مِثْلَ جَنَاحِ الذُّبَابِ لَمْ تَرَ مِنْ وَرَائِهَا الْمَاءَ ، وَلَكِنَّ قَوَارِيرَ الْجَنَّةِ مِثْلَ الْفِضَّةِ فِي صَفَاءِ الْقَوَارِيرِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ ; أَيْ قَدَّرَهَا لَهُمُ السُّقَاةُ الَّذِينَ يَطُوفُونَ بِهَا عَلَيْهِمْ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا : أَتَوْا بِهَا عَلَى قَدْرِ رِيِّهِمْ ، بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ .
الْكَلْبِيُّ : وَذَلِكَ أَلَذُّ وَأَشْهَى ; وَالْمَعْنَى : قَدَّرَتْهَا الْمَلَائِكَةُ الَّتِي تَطُوفُ عَلَيْهِمْ . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا : قَدَّرُوهَا عَلَى مِلْءِ الْكَفِّ لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ ، حَتَّى لَا تُؤْذِيَهُمْ بِثِقَلٍ أَوْ بِإِفْرَاطِ صِغَرٍ . وَقِيلَ : إِنَّ الشَّارِبِينَ قَدَّرُوا لَهَا مَقَادِيرَ فِي أَنْفُسِهِمْ عَلَى مَا اشْتُهُوا وَقَدَرُوا . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنُ سِيرِينَ قُدِّرُوهَا بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِّ ; أَيْ جُعِلَتْ لَهُمْ عَلَى قَدْرِ إِرَادَتِهِمْ . وَذَكَرَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ
الْمَهْدَوِيُّ عَنْ
عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ; وَقَالَ : وَمَنْ قَرَأَ قُدِّرُوهَا فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى ، وَكَأَنَّ الْأَصْلَ قُدِّرُوا عَلَيْهَا فَحُذِفَ الْجَرُّ ; وَالْمَعْنَى قُدِّرَتْ عَلَيْهِمْ ; وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهُ :
آلَيْتُ حَبَّ الْعِرَاقِ الدَّهْرَ آكُلُهُ وَالْحَبُّ يَأْكُلُهُ فِي الْقَرْيَةِ السُّوسُ
وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى حَبِّ
الْعِرَاقِ . وَقِيلَ : هَذَا التَّقْدِيرُ هُوَ أَنَّ الْأَقْدَاحَ تَطِيرُ فَتَغْتَرِفُ بِمِقْدَارِ شَهْوَةِ الشَّارِبِ ; وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا أَيْ لَا يَفْضُلُ عَنِ الرِّيِّ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ ، فَقَدْ أُلْهِمَتِ الْأَقْدَاحُ مَعْرِفَةَ مِقْدَارِ رِيِّ الْمُشْتَهِي حَتَّى تَغْتَرِفَ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ . ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14155التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي ( نَوَادِرِ الْأُصُولِ ) .
[ ص: 125 ] nindex.php?page=treesubj&link=29047قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=17وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا وَهِيَ الْخَمْرُ فِي الْإِنَاءِ . كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا ( كَانَ ) صِلَةٌ ; أَيْ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلٌ ، أَوْ كَانَ فِي حُكْمِ اللَّهِ زَنْجَبِيلًا . وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَلِذُّ مِنَ الشَّرَابِ مَا يُمْزَجُ بِالزَّنْجَبِيلِ لِطِيبِ رَائِحَتِهِ ; لِأَنَّهُ يَحْذُو اللِّسَانَ ، وَيَهْضِمُ الْمَأْكُولَ ، فَرُغِّبُوا فِي نَعِيمِ الْآخِرَةِ بِمَا اعْتَقَدُوهُ نِهَايَةَ النِّعْمَةِ وَالطِّيبِ . وَقَالَ
الْمُسَيَّبُ بْنُ عَلَسٍ يَصِفُ ثَغْرَ الْمَرْأَةِ :
وَكَأَنَّ طَعْمَ الزَّنْجَبِيلِ بِهِ إِذْ ذُقْتَهُ وَسَلَافَةَ الْخَمْرِ
وَيُرْوَى . الْكَرْمُ . وَقَالَ آخَرُ :
كَأَنَّ جَنِيًّا مِنَ الزَّنْجَبِي لِ بَاتَ بِفِيهَا وَأَرْيًا مَشُورًا
وَنَحْوُهُ قَوْلُ
الْأَعْشَى :
كَأَنَّ الْقُرُنْفُلَ وَالزَّنْجَبِي لَ بَاتَا بِفِيهَا وَأَرْيًا مَشُورًا
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الزَّنْجَبِيلُ اسْمٌ لِلْعَيْنِ الَّتِي مِنْهَا مِزَاجُ شَرَابِ الْأَبْرَارِ . وَكَذَا قَالَ
قَتَادَةُ : وَالزَّنْجَبِيلُ اسْمُ الْعَيْنِ الَّتِي يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا وَتُمْزَجُ لِسَائِرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ . وَقِيلَ : هِيَ عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ يُوجَدُ فِيهَا طَعْمُ الزَّنْجَبِيلِ . وَقِيلَ : إِنَّ فِيهِ مَعْنَى الشَّرَابِ الْمَمْزُوجِ بِالزَّنْجَبِيلِ . وَالْمَعْنَى كَأَنَّ فِيهَا زَنْجَبِيلًا .
عَيْنًا بَدَلٌ مِنْ كَأْسٍ . وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ يُسْقَوْنَ عَيْنًا . وَيَجُوزُ نَصْبُهُ بِإِسْقَاطِ الْخَافِضِ أَيْ مِنْ عَيْنٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ . فِيهَا أَيْ فِي الْجَنَّةِ تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا السَّلْسَبِيلُ الشَّرَابُ اللَّذِيذُ ، وَهُوَ فَعْلَلِيلٌ مِنَ السُّلَالَةِ ; تَقُولُ الْعَرَبُ : هَذَا شَرَابٌ سَلِسٌ وَسَلْسَالٌ وَسَلْسَلٌ وَسَلْسَبِيلٌ بِمَعْنًى ; أَيْ طَيِّبُ الطَّعْمِ لَذِيذُهُ . وَفِي الصِّحَاحِ : وَتَسَلْسَلَ الْمَاءُ فِي الْحَلْقِ جَرَى ، وَسَلْسَلْتُهُ أَنَا صَبَبْتُهُ فِيهِ ، وَمَاءٌ سَلْسَلَ وَسَلْسَالٌ : سَهْلُ الدُّخُولِ فِي الْحَلْقِ لِعُذُوبَتِهِ وَصَفَائِهِ ، وَالسُّلَاسِلُ بِالضَّمِّ مِثْلُهُ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : السَّلْسَبِيلُ فِي اللُّغَةِ : اسْمٌ لِمَا كَانَ فِي غَايَةِ السَّلَاسَةِ ; فَكَأَنَّ الْعَيْنَ سُمِّيَتْ بِصِفَتِهَا . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ قَالَ : سَلْسَبِيلَا : حَدِيدَةُ الْجَرْيَةِ تَسِيلُ فِي حُلُوقِهِمُ انْسِلَالًا . وَنَحْوُهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : إِنَّهَا الْحَدِيدَةُ الْجَرْيِ . ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ ; وَمِنْهُ قَوْلُ
حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
يَسْقُونَ مَنْ وَرَدَ الْبَرِيصَ عَلَيْهِمُ بَرَدَى يُصَفَّقُ بِالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ وَمُقَاتِلٌ : إِنَّمَا سُمِّيَتْ سَلْسَبِيلَا ; لِأَنَّهَا تَسِيلُ عَلَيْهِمْ فِي الطُّرُقِ وَفِي مَنَازِلِهِمْ ، تَنْبُعُ مِنْ أَصْلِ الْعَرْشِ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : سَلِسَةُ مُنْقَادٍ مَاؤُهَا حَيْثُ شَاءُوا . وَنَحْوَهُ عَنْ
عِكْرِمَةَ . وَقَالَ
الْقَفَّالُ : أَيْ تِلْكَ عَيْنٌ شَرِيفَةٌ فَسَلْ سَبِيلًا إِلَيْهَا . وَرُوِيَ هَذَا عَنْ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - . وَقَوْلُهُ : تُسَمَّى أَيْ إِنَّهَا مَذْكُورَةٌ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ وَعِنْدَ الْأَبْرَارِ وَأَهْلِ الْجَنَّةِ بِهَذَا الِاسْمِ . وَصُرِفَ سَلْسَبِيلٌ ; لِأَنَّهُ رَأْسُ آيَةٍ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( الظَّنُونَا ) وَ ( السَّبِيلَا ) .