قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=23إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا nindex.php?page=treesubj&link=29047_29468قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=23إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ما افتريته ولا جئت به من عندك ، ولا من تلقاء نفسك ، كما يدعيه المشركون . ووجه اتصال هذه الآية بما قبل أنه سبحانه لما ذكر أصناف الوعد والوعيد ، بين أن هذا الكتاب يتضمن ما بالناس حاجة إليه ، فليس بسحر ولا كهانة ولا شعر ، وأنه حق . وقال
ابن عباس : أنزل القرآن متفرقا : آية بعد آية ، ولم ينزل جملة واحدة ; فلذلك قال نزلنا وقد مضى القول في هذا مبينا والحمد لله .
nindex.php?page=treesubj&link=29047قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24فاصبر لحكم ربك أي لقضاء ربك . وروى
الضحاك عن
ابن عباس قال : اصبر على أذى المشركين ; هكذا قضيت . ثم نسخ بآية القتال . وقيل : أي اصبر لما حكم به عليك من الطاعات ، أو انتظر حكم الله إذ وعدك أنه ينصرك عليهم ، ولا تستعجل فإنه كائن لا محالة .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24ولا تطع منهم آثما أي ذا إثم أو كفورا أي لا تطع الكفار . فروى
معمر عن
قتادة قال : قال
أبو جهل : إن رأيت
محمدا يصلي لأطأن على عنقه . فأنزل الله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24ولا تطع منهم آثما أو كفورا . ويقال : نزلت في
عتبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة ، وكانا أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضان عليه الأموال والتزويج ، على أن يترك ذكر النبوة ، ففيهما نزلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24ولا تطع منهم آثما أو كفورا . قال
مقاتل : الذي عرض التزويج
عتبة بن ربيعة ; قال : إن بناتي من أجمل نساء
قريش ، فأنا أزوجك ابنتي من غير مهر وارجع عن هذا الأمر . وقال
الوليد : إن كنت صنعت ما صنعت لأجل المال ، فأنا أعطيك من المال حتى ترضى وارجع عن هذا الأمر ; فنزلت . ثم قيل : أو في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24آثما أو كفورا أوكد من الواو ; لأن الواو إذا قلت : لا تطع زيدا وعمرا فأطاع أحدهما كان غير عاص ; لأنه أمره ألا يطيع الاثنين ، فإذا قال : لا تطع منهم آثما أو كفورا ف " أو " قد دلت على أن كل واحد منهما أهل أن يعصى ; كما أنك إذا قلت : لا تخالف
الحسن أو
ابن سيرين ، أو اتبع
الحسن أو
ابن سيرين فقد قلت : هذان أهل أن يتبعا وكل واحد منهما أهل لأن يتبع ; قاله
الزجاج . وقال
الفراء : أو
[ ص: 131 ] هنا بمنزلة لا كأنه قال : ولا كفورا ; قال الشاعر :
لا وجد ثكلى كما وجدت ولا وجد عجول أضلها ربع أو وجد شيخ أضل ناقته
يوم توافى الحجيج فاندفعوا
أراد ولا وجد شيخ . وقيل : الآثم المنافق ، والكفور الكافر الذي يظهر الكفر ; أي لا تطع منهم آثما ولا كفورا . وهو قريب من قول
الفراء .
nindex.php?page=treesubj&link=29047قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا أي صل لربك أول النهار وآخره ، ففي أوله صلاة الصبح وفي آخره صلاة الظهر والعصر .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26ومن الليل فاسجد له يعني صلاة المغرب والعشاء الآخرة .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26وسبحه ليلا طويلا يعني التطوع في الليل ; قاله
ابن حبيب . وقال
ابن عباس وسفيان : كل تسبيح في القرآن فهو صلاة . وقيل : هو الذكر المطلق سواء كان في الصلاة أو في غيرها وقال
ابن زيد وغيره : إن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26وسبحه ليلا طويلا منسوخ بالصلوات الخمس وقيل : هو ندب . وقيل : هو مخصوص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - . وقد تقدم القول في مثله في سورة ( المزمل ) وقول
ابن حبيب حسن . وجمع الأصيل : الأصائل والأصل ; كقولك سفائن وسفن ; قال :
ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
وقال في الأصائل ، وهو جمع الجمع :
لعمري لأنت البيت أكرم أهله وأقعد في أفيائه بالأصائل
وقد مضى في آخر ( الأعراف ) مستوفى . ودخلت ( من ) على الظرف للتبعيض ، كما دخلت على المفعول في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31يغفر لكم من ذنوبكم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=23إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا nindex.php?page=treesubj&link=29047_29468قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=23إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا مَا افْتَرَيْتَهُ وَلَا جِئْتَ بِهِ مِنْ عِنْدِكَ ، وَلَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِكَ ، كَمَا يَدَّعِيهِ الْمُشْرِكُونَ . وَوَجْهُ اتِّصَالِ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا ذَكَرَ أَصْنَافَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، بَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ يَتَضَمَّنُ مَا بِالنَّاسِ حَاجَةً إِلَيْهِ ، فَلَيْسَ بِسِحْرٍ وَلَا كَهَانَةٍ وَلَا شِعْرٍ ، وَأَنَّهُ حَقٌّ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : أُنْزِلَ الْقُرْآنَ مُتَفَرِّقًا : آيَةً بَعْدَ آيَةٍ ، وَلَمْ يَنْزِلْ جُمْلَةً وَاحِدَةً ; فَلِذَلِكَ قَالَ نَزَّلْنَا وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا مُبَيَّنًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29047قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ أَيْ لِقَضَاءِ رَبِّكَ . وَرَوَى
الضَّحَّاكُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : اصْبِرْ عَلَى أَذَى الْمُشْرِكِينَ ; هَكَذَا قَضَيْتُ . ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ الْقِتَالِ . وَقِيلَ : أَيِ اصْبِرْ لِمَا حُكِمَ بِهِ عَلَيْكَ مِنَ الطَّاعَاتِ ، أَوِ انْتَظِرْ حُكْمَ اللَّهِ إِذْ وَعَدَكِ أَنَّهُ يَنْصُرُكِ عَلَيْهِمْ ، وَلَا تَسْتَعْجِلُ فَإِنَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَيْ ذَا إِثْمٍ أَوْ كَفُورًا أَيْ لَا تُطِعِ الْكُفَّارَ . فَرَوَى
مَعْمَرٌ عَنْ
قَتَادَةَ قَالَ : قَالَ
أَبُو جَهْلٍ : إِنْ رَأَيْتُ
مُحَمَّدًا يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ . فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا . وَيُقَالُ : نَزَلَتْ فِي
عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَكَانَا أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْرِضَانِ عَلَيْهِ الْأَمْوَالَ وَالتَّزْوِيجَ ، عَلَى أَنْ يَتْرُكَ ذِكْرَ النُّبُوَّةِ ، فَفِيهِمَا نَزَلَتْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا . قَالَ
مُقَاتِلٌ : الَّذِي عَرَضَ التَّزْوِيجَ
عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ; قَالَ : إِنَّ بَنَاتِي مِنْ أَجْمَلِ نِسَاءِ
قُرَيْشٍ ، فَأَنَا أُزَوِّجُكَ ابْنَتِي مِنْ غَيْرِ مَهْرٍ وَارْجِعْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ . وَقَالَ
الْوَلِيدُ : إِنْ كُنْتَ صَنَعْتَ مَا صَنَعْتَ لِأَجْلِ الْمَالِ ، فَأَنَا أُعْطِيكَ مِنَ الْمَالِ حَتَّى تَرْضَى وَارْجِعْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ ; فَنَزَلَتْ . ثُمَّ قِيلَ : أَوْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24آثِمًا أَوْ كَفُورًا أَوْكَدُ مِنَ الْوَاوِ ; لِأَنَّ الْوَاوَ إِذَا قُلْتَ : لَا تُطِعْ زَيْدًا وَعَمْرًا فَأَطَاعَ أَحَدَهُمَا كَانَ غَيْرَ عَاصٍ ; لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَلَّا يُطِيعَ الِاثْنَيْنِ ، فَإِذَا قَالَ : لَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا فَ " أَوْ " قَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَهْلٌ أَنْ يُعْصَى ; كَمَا أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ : لَا تُخَالِفِ
الْحَسَنَ أَوِ
ابْنَ سِيرِينَ ، أَوِ اتَّبِعِ
الْحَسَنَ أَوِ
ابْنَ سِيرِينَ فَقَدْ قُلْتَ : هَذَانَ أَهْلٌ أَنْ يُتَّبَعَا وَكُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَهْلٌ لِأَنْ يُتَّبَعُ ; قَالَهُ
الزَّجَّاجُ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : أَوْ
[ ص: 131 ] هُنَا بِمَنْزِلَةِ لَا كَأَنَّهُ قَالَ : وَلَا كَفُورًا ; قَالَ الشَّاعِرُ :
لَا وَجْدُ ثَكْلَى كَمَا وَجَدْتُ وَلَا وَجْدُ عَجُولٍ أَضَلَّهَا رُبَعُ أَوْ وَجْدُ شَيْخٍ أَضَلَّ نَاقَتُهُ
يَوْمَ تَوَافَى الْحَجِيجُ فَانْدَفَعُوا
أَرَادَ وَلَا وَجْدَ شَيْخٍ . وَقِيلَ : الْآثِمُ الْمُنَافِقُ ، وَالْكَفُورُ الْكَافِرُ الَّذِي يُظْهِرُ الْكُفْرَ ; أَيْ لَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا وَلَا كَفُورًا . وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ
الْفَرَّاءِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29047قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا أَيْ صَلِّ لِرَبِّكَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ ، فَفِي أَوَّلِهِ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَفِي آخِرِهِ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ يَعْنِي صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا يَعْنِي التَّطَوُّعَ فِي اللَّيْلِ ; قَالَهُ
ابْنُ حَبِيبٍ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَسُفْيَانُ : كُلُّ تَسْبِيحٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ صَلَاةٌ . وَقِيلَ : هُوَ الذِّكْرُ الْمُطْلَقُ سَوَاءً كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ : إِنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا مَنْسُوخٌ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَقِيلَ : هُوَ نَدْبٌ . وَقِيلَ : هُوَ مَخْصُوصٌ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مِثْلِهِ فِي سُورَةِ ( الْمُزَّمِّلِ ) وَقَوْلُ
ابْنُ حَبِيبٍ حَسَنٌ . وَجَمْعُ الْأَصِيلِ : الْأَصَائِلُ وَالْأُصُلُ ; كَقَوْلِكَ سَفَائِنُ وَسُفُنٌ ; قَالَ :
وَلَا بِأَحْسَنَ مِنْهَا إِذْ دَنَا الْأُصُلُ
وَقَالَ فِي الْأَصَائِلِ ، وَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ :
لَعَمْرِي لَأَنْتَ الْبَيْتُ أُكْرِمُ أَهْلَهُ وَأَقْعُدُ فِي أَفْيَائِهِ بِالْأَصَائِلِ
وَقَدْ مَضَى فِي آخِرِ ( الْأَعْرَافِ ) مُسْتَوْفًى . وَدَخَلَتْ ( مِنْ ) عَلَى الظَّرْفِ لِلتَّبْعِيضِ ، كَمَا دَخَلَتْ عَلَى الْمَفْعُولِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ .