[ ص: 139 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=20ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين إلى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون ويل يومئذ للمكذبين nindex.php?page=treesubj&link=29048_32688قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=20ألم نخلقكم من ماء مهين أي ضعيف حقير وهو النطفة وقد تقدم ، وهذه الآية أصل لمن قال : إن خلق الجنين إنما هو من ماء الرجل وحده . وقد مضى القول فيه .
فجعلناه في قرار مكين أي في مكان حريز وهو الرحم . إلى قدر معلوم قال
مجاهد : إلى أن نصوره . وقيل : إلى وقت الولادة . فقدرنا وقرأ
نافع nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( فقدرنا ) بالتشديد . وخفف الباقون ، وهما لغتان بمعنى . قاله
الكسائي والفراء والقتبي . قال
القتبي : قدرنا بمعنى قدرنا مشددة : كما تقول : قدرت كذا وقدرته ; ومنه قول النبي - صلى الله عليه سلم - في الهلال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866589إذا غم عليكم فاقدروا له أي قدروا له المسير والمنازل .
وقال
محمد بن الجهم عن
الفراء : ( فقدرنا ) قال : وذكر تشديدها عن
علي - رضي الله عنه - ، وتخفيفها ، قال : ولا يبعد أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا ; لأن العرب تقول : قدر عليه الموت وقدر : قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=60نحن قدرنا بينكم الموت قرئ بالتخفيف ، والتشديد ، وقدر عليه رزقه وقدر . قال : واحتج الذين خففوا فقالوا ; لو كانت كذلك لكانت فنعم المقدرون . قال
الفراء : وتجمع العرب بين اللغتين ; قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=17فمهل الكافرين أمهلهم رويدا قال
الأعشى :
وأنكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعا
وروي عن
عكرمة فقدرنا مخففة من القدرة ، وهو اختيار
أبي عبيد وأبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=23فنعم القادرون ومن شدد فهو من التقدير ، أي فقدرنا الشقي والسعيد فنعم المقدرون . رواه
ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقيل : المعنى قدرنا قصيرا أو طويلا . ونحوه عن
ابن عباس : قدرنا ملكنا .
المهدوي : وهذا التفسير أشبه بقراءة التخفيف .
قلت : هو صحيح فإن
عكرمة هو الذي قرأ فقدرنا مخففا قال : معناه فملكنا فنعم
[ ص: 140 ] المالكون ، فأفادت الكلمتان معنيين متغايرين ; أي قدرنا وقت الولادة وأحوال النطفة في التنقيل من حالة إلى حالة حتى صارت بشرا سويا ، أو الشقي والسعيد ، أو الطويل والقصير ، كله على قراءة التشديد . وقيل : هما بمعنى كما ذكرنا .
[ ص: 139 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=20أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ nindex.php?page=treesubj&link=29048_32688قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=20أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ أَيْ ضَعِيفٍ حَقِيرٍ وَهُوَ النُّطْفَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ لِمَنْ قَالَ : إِنَّ خَلْقَ الْجَنِينِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ . وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ .
فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ أَيْ فِي مَكَانٍ حَرِيزٍ وَهُوَ الرَّحِمُ . إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ قَالَ
مُجَاهِدٌ : إِلَى أَنْ نُصَوِّرَهُ . وَقِيلَ : إِلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ . فَقَدَرْنَا وَقَرَأَ
نَافِعٌ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ( فَقَدَّرْنَا ) بِالتَّشْدِيدِ . وَخَفَّفَ الْبَاقُونَ ، وَهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى . قَالَهُ
الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَالْقُتَبِيُّ . قَالَ
الْقُتَبِيُّ : قَدَرْنَا بِمَعْنَى قَدَّرْنَا مُشَدَّدَةٌ : كَمَا تَقُولُ : قَدَرْتُ كَذَا وَقَدَّرْتُهُ ; وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَلَّمَ - فِي الْهِلَالِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866589إِذَا غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ أَيْ قَدِّرُوا لَهُ الْمَسِيرَ وَالْمَنَازِلَ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ عَنِ
الْفَرَّاءِ : ( فَقَدَرْنَا ) قَالَ : وَذُكِرَ تَشْدِيدُهَا عَنْ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، وَتَخْفِيفُهَا ، قَالَ : وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي التَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَاحِدًا ; لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ : قَدَرَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ وَقَدَّرَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=60نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ قُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ ، وَالتَّشْدِيدِ ، وَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ وَقَدَّرَ . قَالَ : وَاحْتَجَّ الَّذِينَ خَفَّفُوا فَقَالُوا ; لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَكَانَتْ فَنِعْمَ الْمُقَدِّرُونَ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَتَجْمَعُ الْعَرَبُ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ ; قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=17فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا قَالَ
الْأَعْشَى :
وَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا الشَّيْبَ وَالصَّلَعَا
وَرُوِيَ عَنْ
عِكْرِمَةَ فَقَدَرْنَا مُخَفَّفَةً مِنَ الْقُدْرَةِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ
أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيِّ لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=23فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ وَمَنْ شَدَّدَ فَهُوَ مِنَ التَّقْدِيرِ ، أَيْ فَقَدَّرْنَا الشَّقِيَّ وَالسَّعِيدَ فَنِعْمَ الْمُقَدِّرُونَ . رَوَاهُ
ابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقِيلَ : الْمَعْنَى قَدَّرْنَا قَصِيرًا أَوْ طَوِيلًا . وَنَحْوَهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : قَدَّرْنَا مُلْكَنَا .
الْمَهْدَوِيُّ : وَهَذَا التَّفْسِيرُ أَشْبَهُ بِقِرَاءَةِ التَّخْفِيفِ .
قُلْتُ : هُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّ
عِكْرِمَةَ هُوَ الَّذِي قَرَأَ فَقَدَرْنَا مُخَفَّفًا قَالَ : مَعْنَاهُ فَمَلَكْنَا فَنِعْمَ
[ ص: 140 ] الْمَالِكُونَ ، فَأَفَادَتِ الْكَلِمَتَانِ مَعْنَيَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ ; أَيْ قَدَرْنَا وَقْتَ الْوِلَادَةِ وَأَحْوَالَ النُّطْفَةِ فِي التَّنْقِيلِ مِنْ حَالَةٍ إِلَى حَالَةٍ حَتَّى صَارَتْ بَشَرًا سَوِيًّا ، أَوِ الشَّقِيَّ وَالسَّعِيدَ ، أَوِ الطَّوِيلَ وَالْقَصِيرَ ، كُلُّهُ عَلَى قِرَاءَةِ التَّشْدِيدِ . وَقِيلَ : هُمَا بِمَعْنًى كَمَا ذَكَرْنَا .