قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=15هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالوادي المقدس طوى اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى فأراه الآية الكبرى فكذب وعصى ثم أدبر يسعى فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى nindex.php?page=treesubj&link=29050قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=15هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالوادي المقدس طوى أي قد جاءك وبلغك
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=15حديث موسى وهذا تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - . أي إن فرعون كان أقوى من كفار عصرك ، ثم أخذناه ، وكذلك هؤلاء . وقيل : هل بمعنى ( ما ) أي ما أتاك ، ولكن أخبرت به ، فإن فيه عبرة لمن يخشى . وقد مضى من خبر
موسى وفرعون في غير موضع ما فيه كفاية .
وفي طوى ثلاث قراءات : قرأ
ابن محيصن وابن عامر والكوفيون ( طوى ) منونا واختاره
أبو عبيد لخفة الاسم الباقون بغير تنوين ; لأنه معدول مثل عمر وقثم قال
الفراء : طوى : واد بين
المدينة ومصر . قال : وهو معدول عن طاو ، كما عدل
عمر عن
عامر وقرأ
الحسن وعكرمة ( طوى ) بكسر الطاء ، وروي عن
أبي عمرو ، على معنى المقدس مرة بعد مرة ; قال
الزجاج ; وأنشد : [ للشاعر
عدي بن زيد ]
أعاذل إن اللوم في غير كنهه علي طوى من غيك المتردد
أي هو لوم مكرر علي . وقيل : ضم الطاء وكسرها لغتان ، وقد مضى في ( طه ) القول فيه .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=17اذهب إلى فرعون أي ناداه ربه ، فحذف ; لأن النداء قول ; فكأنه ; قال له ربه
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=17اذهب إلى فرعون إنه طغى أي جاوز القدر في العصيان . وروي عن
الحسن قال : كان فرعون علجا من
همدان . وعن
مجاهد قال : كان من
أهل إصطخر . وعن
الحسن أيضا قال : من
أهل [ ص: 174 ] أصبهان ، يقال له ذو ظفر ، طوله أربعة أشبار .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=18فقل هل لك إلى أن تزكى أي تسلم فتطهر من الذنوب . وروى
الضحاك عن
ابن عباس قال : هل لك أن تشهد أن لا إله إلا الله .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=19وأهديك إلى ربك أي وأرشدك إلى طاعة ربك فتخشى أي تخافه وتتقيه .
وقرأ
نافع وابن كثير ( تزكى ) بتشديد الزاي ، على إدغام التاء في الزاي ; لأن أصلها تتزكى . الباقون : تزكى بتخفيف الزاي على معنى طرح التاء . وقال
أبو عمرو : ( تزكى ) بالتشديد تتصدق بالصدقة ، وتزكى يكون زكيا مؤمنا . وإنما دعا فرعون ليكون زكيا مؤمنا . قال : فلهذا اخترنا التخفيف . وقال
صخر بن جويرية : لما بعث الله
موسى إلى فرعون قال له :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=17اذهب إلى فرعون إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=19وأهديك إلى ربك فتخشى ولن يفعل ، فقال : يا رب ، وكيف أذهب إليه وقد علمت أنه لا يفعل ؟ فأوحى الله إليه أن امض إلى ما أمرتك به ، فإن في السماء اثني عشر ألف ملك يطلبون علم القدر ، فلم يبلغوه ولا يدركوه .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=20فأراه الآية الكبرى أي العلامة العظمى وهي المعجزة وقيل : العصا . وقيل : اليد البيضاء تبرق كالشمس . وروى
الضحاك عن
ابن عباس : الآية الكبرى قال العصا .
الحسن : يده وعصاه . وقيل : فلق البحر . وقيل : الآية : إشارة إلى جميع آياته ومعجزاته .
فكذب أي كذب نبي الله
موسى وعصى أي عصى ربه - عز وجل - .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=22ثم أدبر يسعى أي ولى مدبرا معرضا عن الإيمان يسعى أي يعمل بالفساد في الأرض . وقيل : يعمل في نكاية
موسى . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=22أدبر يسعى هاربا من الحية .
فحشر أي جمع أصحابه ليمنعوه منها . وقيل : جمع جنوده للقتال والمحاربة ، والسحرة للمعارضة . وقيل : حشر الناس للحضور . فنادى أي قال لهم بصوت عال
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=24أنا ربكم الأعلى أي لا رب لكم فوقي . ويروى : أن إبليس تصور لفرعون في صورة الإنس
بمصر في الحمام ، فأنكره فرعون ، فقال له إبليس : ويحك ! أما تعرفني ؟ قال : لا . قال : وكيف وأنت خلقتني ؟ ألست القائل أنا ربكم الأعلى . ذكره
الثعلبي في كتاب العرائس . وقال
عطاء : كان صنع لهم أصناما صغارا وأمرهم بعبادتها ، فقال أنا رب أصنامكم . وقيل : أراد القادة والسادة هو ربهم ، وأولئك هم أرباب السفلة . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ; فنادى فحشر ; لأن النداء يكون قبل الحشر .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=25فأخذه الله نكال الآخرة والأولى أي نكال قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=38ما علمت لكم من إله غيري وقوله بعد :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=24أنا ربكم الأعلى قاله
ابن عباس ومجاهد وعكرمة . وكان بين الكلمتين أربعون سنة ; قاله
ابن عباس . والمعنى : أمهله في الأولى ، ثم أخذه في الآخرة ، فعذبه بكلمتيه . وقيل : نكال الأولى : هو أن أغرقه ، ونكال الآخرة : العذاب في الآخرة . وقاله
قتادة وغيره . وقال
مجاهد : هو عذاب أول عمره وآخره وقيل : الآخرة قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=24أنا ربكم الأعلى والأولى تكذيبه
لموسى . عن
قتادة أيضا . و ( نكال ) منصوب على المصدر المؤكد في قول
الزجاج ; لأن معنى أخذه
[ ص: 175 ] الله : نكل الله به ، فأخرج [ نكال ] مكان مصدر من معناه ، لا من لفظه . وقيل : نصب بنزع حرف الصفة . أي فأخذه الله بنكال الآخرة ، فلما نزع الخافض نصب . وقال
الفراء : أي أخذه الله أخذا نكالا ، أي للنكال . والنكال : اسم لما جعل نكالا للغير أي عقوبة له حتى يعتبر به . يقال : نكل فلان بفلان : إذا أثخنه عقوبة . والكلمة من الامتناع ، ومنه النكول عن اليمين ، والنكل القيد . وقد مضى في سورة ( المزمل ) والحمد لله .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=26إن في ذلك لعبرة أي اعتبارا وعظة .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=26لمن يخشى أي يخاف الله - عز وجل - .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=15هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى فَكَذَّبَ وَعَصَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى nindex.php?page=treesubj&link=29050قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=15هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى أَيْ قَدْ جَاءَكَ وَبَلَغَكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=15حَدِيثُ مُوسَى وَهَذَا تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . أَيْ إِنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ أَقْوَى مِنْ كُفَّارِ عَصْرِكَ ، ثُمَّ أَخَذْنَاهُ ، وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ . وَقِيلَ : هَلْ بِمَعْنَى ( مَا ) أَيْ مَا أَتَاكَ ، وَلَكِنْ أُخْبِرْتَ بِهِ ، فَإِنَّ فِيهِ عِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى . وَقَدْ مَضَى مِنْ خَبَرِ
مُوسَى وَفِرْعَوْنَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ .
وَفِي طُوًى ثَلَاثُ قِرَاءَاتٍ : قَرَأَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكُوفِيُّونَ ( طِوًى ) مُنَوَّنًا وَاخْتَارَهُ
أَبُو عُبَيْدٍ لِخِفَّةِ الِاسْمِ الْبَاقُونَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ ; لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ مِثْلَ عُمَرَ وَقُثَمَ قَالَ
الْفَرَّاءُ : طُوَى : وَادٍ بَيْنَ
الْمَدِينَةِ وَمِصْرَ . قَالَ : وَهُوَ مَعْدُولٌ عَنْ طَاوٍ ، كَمَا عُدِلَ
عُمَرُ عَنْ
عَامِرٍ وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ ( طِوًى ) بِكَسْرِ الطَّاءِ ، وَرُوِيَ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو ، عَلَى مَعْنَى الْمُقَدَّسِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ ; قَالَ
الزَّجَّاجُ ; وَأَنْشَدَ : [ لِلشَّاعِرِ
عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ ]
أَعَاذِلَ إِنَّ اللَّوْمَ فِي غَيْرِ كُنْهِهِ عَلَيَّ طِوَى مِنْ غَيِّكِ الْمُتَرَدِّدِ
أَيْ هُوَ لَوْمٌ مُكَرَّرٌ عَلَيَّ . وَقِيلَ : ضَمُّ الطَّاءِ وَكَسْرُهَا لُغَتَانِ ، وَقَدْ مَضَى فِي ( طه ) الْقَوْلُ فِيهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=17اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ أَيْ نَادَاهُ رَبُّهُ ، فَحُذِفَ ; لِأَنَّ النِّدَاءَ قَوْلٌ ; فَكَأَنَّهُ ; قَالَ لَهُ رَبُّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=17اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى أَيْ جَاوَزَ الْقَدْرَ فِي الْعِصْيَانِ . وَرُوِيَ عَنِ
الْحَسَنِ قَالَ : كَانَ فِرْعَوْنُ عِلْجًا مِنْ
هَمْدَانَ . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ قَالَ : كَانَ مِنْ
أَهْلِ إِصْطَخْرَ . وَعَنِ
الْحَسَنِ أَيْضًا قَالَ : مِنْ
أَهْلِ [ ص: 174 ] أَصْبَهَانَ ، يُقَالُ لَهُ ذُو ظُفْرٍ ، طُولُهُ أَرْبَعَةُ أَشْبَارٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=18فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى أَيْ تُسْلِمُ فَتَطْهُرَ مِنَ الذُّنُوبِ . وَرَوَى
الضَّحَّاكُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : هَلْ لَكَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=19وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ أَيْ وَأُرْشِدُكَ إِلَى طَاعَةِ رَبِّكَ فَتَخْشَى أَيْ تَخَافُهُ وَتَتَّقِيهِ .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ ( تَزَّكَّى ) بِتَشْدِيدِ الزَّايِ ، عَلَى إِدْغَامِ التَّاءِ فِي الزَّايِ ; لِأَنَّ أَصْلَهَا تَتَزَكَّى . الْبَاقُونَ : تَزَكَّى بِتَخْفِيفِ الزَّايِ عَلَى مَعْنَى طَرْحِ التَّاءِ . وَقَالَ
أَبُو عَمْرٍو : ( تَزَّكَّى ) بِالتَّشْدِيدِ تَتَصَدَّقُ بِالصَّدَقَةِ ، وَتَزَكَّى يَكُونُ زَكِيًّا مُؤْمِنًا . وَإِنَّمَا دَعَا فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ زَكِيًّا مُؤْمِنًا . قَالَ : فَلِهَذَا اخْتَرْنَا التَّخْفِيفَ . وَقَالَ
صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ : لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ
مُوسَى إِلَى فِرْعَوْنَ قَالَ لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=17اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=19وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى وَلَنْ يَفْعَلَ ، فَقَالَ : يَا رَبُّ ، وَكَيْفَ أَذْهَبُ إِلَيْهِ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ امْضِ إِلَى مَا أَمَرْتُكَ بِهِ ، فَإِنَّ فِي السَّمَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ مَلَكٍ يَطْلُبُونَ عِلْمَ الْقَدَرِ ، فَلَمْ يَبْلُغُوهُ وَلَا يُدْرِكُوهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=20فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى أَيِ الْعَلَامَةَ الْعُظْمَى وَهِيَ الْمُعْجِزَةُ وَقِيلَ : الْعَصَا . وَقِيلَ : الْيَدُ الْبَيْضَاءُ تَبْرُقُ كَالشَّمْسِ . وَرَوَى
الضَّحَّاكُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : الْآيَةُ الْكُبْرَى قَالَ الْعَصَا .
الْحَسَنُ : يَدُهُ وَعَصَاهُ . وَقِيلَ : فَلْقُ الْبَحْرِ . وَقِيلَ : الْآيَةُ : إِشَارَةٌ إِلَى جَمِيعِ آيَاتِهِ وَمُعْجِزَاتِهِ .
فَكَذَّبَ أَيْ كَذَّبَ نَبِيَّ اللَّهِ
مُوسَى وَعَصَى أَيْ عَصَى رَبَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=22ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى أَيْ وَلَّى مُدْبِرًا مُعْرِضًا عَنِ الْإِيمَانِ يَسْعَى أَيْ يَعْمَلُ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ . وَقِيلَ : يَعْمَلُ فِي نِكَايَةِ
مُوسَى . وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=22أَدْبَرَ يَسْعَى هَارِبًا مِنَ الْحَيَّةِ .
فَحَشَرَ أَيْ جَمَعَ أَصْحَابَهُ لِيَمْنَعُوهُ مِنْهَا . وَقِيلَ : جَمَعَ جُنُودَهُ لِلْقِتَالِ وَالْمُحَارَبَةِ ، وَالسَّحَرَةَ لِلْمُعَارَضَةِ . وَقِيلَ : حَشَرَ النَّاسَ لِلْحُضُورِ . فَنَادَى أَيْ قَالَ لَهُمْ بِصَوْتٍ عَالٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=24أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى أَيْ لَا رَبَّ لَكُمْ فَوْقِي . وَيُرْوَى : أَنَّ إِبْلِيسَ تَصَوَّرَ لِفِرْعَوْنَ فِي صُورَةِ الْإِنْسِ
بِمِصْرَ فِي الْحَمَّامِ ، فَأَنْكَرَهُ فِرْعَوْنُ ، فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ : وَيْحَكَ ! أَمَا تَعْرِفُنِي ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : وَكَيْفَ وَأَنْتَ خَلَقْتَنِي ؟ أَلَسْتَ الْقَائِلَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى . ذَكَرَهُ
الثَّعْلَبِيُّ فِي كِتَابِ الْعَرَائِسِ . وَقَالَ
عَطَاءٌ : كَانَ صَنَعَ لَهُمْ أَصْنَامًا صِغَارًا وَأَمَرَهُمْ بِعِبَادَتِهَا ، فَقَالَ أَنَا رَبُّ أَصْنَامِكُمْ . وَقِيلَ : أَرَادَ الْقَادَةَ وَالسَّادَةَ هُوَ رَبُّهُمْ ، وَأُولَئِكَ هُمْ أَرْبَابُ السَّفَلَةِ . وَقِيلَ : فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ; فَنَادَى فَحَشَرَ ; لِأَنَّ النِّدَاءَ يَكُونُ قَبْلَ الْحَشْرِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=25فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى أَيْ نَكَالَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=38مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي وَقَوْلُهُ بَعْدَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=24أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ . وَكَانَ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ أَرْبَعُونَ سَنَةً ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ . وَالْمَعْنَى : أَمْهَلَهُ فِي الْأُولَى ، ثُمَّ أَخَذَهُ فِي الْآخِرَةِ ، فَعَذَّبَهُ بِكَلِمَتَيْهِ . وَقِيلَ : نَكَالُ الْأُولَى : هُوَ أَنْ أَغْرَقَهُ ، وَنَكَالُ الْآخِرَةِ : الْعَذَابُ فِي الْآخِرَةِ . وَقَالَهُ
قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : هُوَ عَذَابُ أَوَّلِ عُمْرِهِ وَآخِرِهِ وَقِيلَ : الْآخِرَةُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=24أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى وَالْأُولَى تَكْذِيبُهُ
لِمُوسَى . عَنْ
قَتَادَةَ أَيْضًا . وَ ( نَكَالَ ) مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُؤَكِّدِ فِي قَوْلِ
الزَّجَّاجِ ; لِأَنَّ مَعْنَى أَخَذَهُ
[ ص: 175 ] اللَّهُ : نَكَّلَ اللَّهُ بِهِ ، فَأُخْرِجَ [ نَكَالَ ] مَكَانَ مَصْدَرٍ مِنْ مَعْنَاهُ ، لَا مِنْ لَفْظِهِ . وَقِيلَ : نُصِبَ بِنَزْعِ حَرْفِ الصِّفَةِ . أَيْ فَأَخَذَهُ اللَّهُ بِنَكَالِ الْآخِرَةِ ، فَلَمَّا نُزِعَ الْخَافِضُ نُصِبَ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : أَيْ أَخَذَهُ اللَّهُ أَخْذًا نَكَالًا ، أَيْ لِلنَّكَالِ . وَالنَّكَالُ : اسْمٌ لِمَا جُعِلَ نَكَالًا لِلْغَيْرِ أَيْ عُقُوبَةً لَهُ حَتَّى يُعْتَبَرَ بِهِ . يُقَالُ : نَكَّلَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ : إِذَا أَثْخَنَهُ عُقُوبَةً . وَالْكَلِمَةُ مِنَ الِامْتِنَاعِ ، وَمِنْهُ النُّكُولُ عَنِ الْيَمِينِ ، وَالنِّكْلُ الْقَيْدُ . وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ ( الْمُزَّمِّلِ ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=26إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً أَيِ اعْتِبَارًا وَعِظَةً .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=26لِمَنْ يَخْشَى أَيْ يَخَافُ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - .