قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=37فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=37فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا أي تجاوز الحد في العصيان . قيل : نزلت في
النضر وابنه
الحارث ، وهي عامة في كل كافر آثر الحياة الدنيا على الآخرة . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير قال : من اتخذ من طعام واحد ثلاثة ألوان فقد طغى .
وروى
جويبر عن
الضحاك قال : قال
حذيفة : أخوف ما أخاف على هذه الأمة أن يؤثروا ما يرون على ما يعلمون . ويروى أنه وجد في الكتب : إن الله - جل ثناؤه - قال : "
لا يؤثر عبد لي دنياه على آخرته ، إلا بثثت عليه همومه وضيعته ، ثم لا أبالي في أيها هلك " .
فإن
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=39الجحيم هي المأوى أي مأواه . والألف واللام بدل من الهاء .
nindex.php?page=treesubj&link=29026nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وأما من خاف مقام ربه أي حذر مقامه بين يدي ربه . وقال
الربيع : مقامه يوم الحساب . وكان
قتادة يقول : إن لله - عز وجل - مقاما قد خافه المؤمنون . وقال
مجاهد : هو خوفه في الدنيا من الله - عز وجل - عند مواقعة الذنب فيقلع . نظيره :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=46ولمن خاف مقام ربه جنتان ،
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40ونهى النفس عن الهوى أي زجرها عن المعاصي والمحارم . وقال
سهل : ترك الهوى مفتاح الجنة ; لقوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : أنتم في زمان يقود الحق الهوى ، وسيأتي
[ ص: 179 ] زمان يقود الهوى الحق فنعوذ بالله من ذلك الزمان .
nindex.php?page=treesubj&link=29050nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=41فإن الجنة هي المأوى أي المنزل . والآيتان نزلتا في
nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير وأخيه
عامر بن عمير ; فروى
الضحاك عن
ابن عباس قال : أما من طغى فهو أخ
nindex.php?page=showalam&ids=104لمصعب بن عمير أسر يوم
بدر ، فأخذته
الأنصار فقالوا : من أنت ؟ قال : أنا أخو
nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير ، فلم يشدوه في الوثاق ، وأكرموه وبيتوه عندهم ، فلما أصبحوا حدثوا
nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير حديثه ; فقال : ما هو لي بأخ ، شدوا أسيركم ، فإن أمه أكثر أهل البطحاء حليا ومالا . فأوثقوه حتى بعثت أمه في فدائه .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وأما من خاف مقام ربه nindex.php?page=showalam&ids=104فمصعب بن عمير ، وقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه يوم أحد حين تفرق الناس عنه ، حتى نفذت المشاقص في جوفه . وهي السهام ، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متشحطا في دمه قال : " عند الله أحتسبك " وقال لأصحابه : " لقد رأيته وعليه بردان ما تعرف قيمتهما وإن شراك نعليه من ذهب " . وقيل : إن
nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير قتل أخاه
عامرا يوم
بدر .
وعن
ابن عباس أيضا قال : نزلت هذه الآية في رجلين :
أبي جهل بن هشام المخزومي nindex.php?page=showalam&ids=104ومصعب بن عمير العبدري . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : نزلت هذه الآية
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وأما من خاف مقام ربه في
أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - . وذلك أن
أبا بكر كان له غلام يأتيه بطعام ، وكان يسأله من أين أتيت بهذا ، فأتاه يوما بطعام فلم يسأل وأكله ، فقال له غلامه : لم لا تسألني اليوم ؟ فقال : نسيت ، فمن أين لك هذا الطعام . فقال : تكهنت لقوم في الجاهلية فأعطونيه . فتقايأه من ساعته وقال : يا رب ما بقي في العروق فأنت حبسته فنزلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وأما من خاف مقام ربه . وقال
الكلبي : نزلت في من هم بمعصية وقدر عليها في خلوة ثم تركها من خوف الله . ونحوه عن
ابن عباس . يعني من خاف عند المعصية مقامه بين يدي الله ، فانتهى عنها . والله أعلم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=37فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=37فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا أَيْ تَجَاوَزَ الْحَدَّ فِي الْعِصْيَانِ . قِيلَ : نَزَلَتْ فِي
النَّضْرِ وَابْنِهِ
الْحَارِثِ ، وَهِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ كَافِرٍ آثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17298يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ : مَنِ اتَّخَذَ مِنْ طَعَامٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَةَ أَلْوَانٍ فَقَدْ طَغَى .
وَرَوَى
جُوَيْبِرٌ عَنِ
الضَّحَّاكِ قَالَ : قَالَ
حُذَيْفَةُ : أَخْوَفُ مَا أَخَافَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنْ يُؤْثِرُوا مَا يَرَوْنَ عَلَى مَا يَعْلَمُونَ . وَيُرْوَى أَنَّهُ وُجِدَ فِي الْكُتُبِ : إِنَّ اللَّهَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - قَالَ : "
لَا يُؤْثِرُ عَبْدٌ لِي دُنْيَاهُ عَلَى آخِرَتِهِ ، إِلَّا بَثَثْتُ عَلَيْهِ هُمُومَهُ وَضَيَّعْتُهُ ، ثُمَّ لَا أُبَالِي فِي أَيِّهَا هَلَكَ " .
فَإِنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=39الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى أَيْ مَأْوَاهُ . وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ بَدَلٌ مِنَ الْهَاءِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29026nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ أَيْ حَذِرَ مَقَامَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ . وَقَالَ
الرَّبِيعُ : مَقَامَهُ يَوْمَ الْحِسَابِ . وَكَانَ
قَتَادَةُ يَقُولُ : إِنَّ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مَقَامًا قَدْ خَافَهُ الْمُؤْمِنُونَ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : هُوَ خَوْفُهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عِنْدَ مُوَاقَعَةِ الذَّنْبِ فَيُقْلِعُ . نَظِيرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=46وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى أَيْ زَجَرَهَا عَنِ الْمَعَاصِي وَالْمَحَارِمِ . وَقَالَ
سَهْلٌ : تَرْكُ الْهَوَى مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ ; لِقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : أَنْتُمْ فِي زَمَانٍ يَقُودُ الْحَقُّ الْهَوَى ، وَسَيَأْتِي
[ ص: 179 ] زَمَانٌ يَقُودُ الْهَوَى الْحَقَّ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29050nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=41فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى أَيِ الْمَنْزِلُ . وَالْآيَتَانِ نَزَلَتَا فِي
nindex.php?page=showalam&ids=104مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَأَخِيهِ
عَامِرِ بْنِ عُمَيْرٍ ; فَرَوَى
الضَّحَّاكُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَمَّا مَنْ طَغَى فَهُوَ أَخٌ
nindex.php?page=showalam&ids=104لِمُصْعَبِ بْنُ عُمَيْرٍ أُسِرَ يَوْمَ
بَدْرٍ ، فَأَخَذَتْهُ
الْأَنْصَارُ فَقَالُوا : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا أَخُو
nindex.php?page=showalam&ids=104مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ ، فَلَمْ يَشُدُّوهُ فِي الْوَثَاقِ ، وَأَكْرَمُوهُ وَبَيَّتُوهُ عِنْدَهُمْ ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا حَدَّثُوا
nindex.php?page=showalam&ids=104مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ حَدِيثَهُ ; فَقَالَ : مَا هُوَ لِي بِأَخٍ ، شُدُّوا أَسِيرَكُمْ ، فَإِنَّ أُمَّهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْبَطْحَاءِ حُلِيًّا وَمَالًا . فَأَوْثَقُوهُ حَتَّى بَعَثَتْ أُمُّهُ فِي فِدَائِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ nindex.php?page=showalam&ids=104فَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ ، وَقَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْسِهِ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ ، حَتَّى نَفَذَتِ الْمَشَاقِصُ فِي جَوْفِهِ . وَهِيَ السِّهَامُ ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَشَحِّطًا فِي دَمِهِ قَالَ : " عِنْدَ اللَّهِ أَحْتَسِبُكِ " وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : " لَقَدْ رَأَيْتُهُ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ مَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُمَا وَإِنَّ شِرَاكَ نَعْلَيْهِ مِنْ ذَهَبٍ " . وَقِيلَ : إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=104مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ قَتَلَ أَخَاهُ
عَامِرًا يَوْمَ
بَدْرٍ .
وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَجُلَيْنِ :
أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=104وَمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيِّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ فِي
أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - . وَذَلِكَ أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ كَانَ لَهُ غُلَامٌ يَأْتِيهِ بِطَعَامٍ ، وَكَانَ يَسْأَلُهُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ بِهَذَا ، فَأَتَاهُ يَوْمًا بِطَعَامٍ فَلَمْ يَسْأَلْ وَأَكَلَهُ ، فَقَالَ لَهُ غُلَامُهُ : لِمَ لَا تَسْأَلْنِي الْيَوْمَ ؟ فَقَالَ : نَسِيَتُ ، فَمِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا الطَّعَامُ . فَقَالَ : تَكَهَّنْتُ لِقَوْمٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعْطَوْنِيهِ . فَتَقَايَأَهُ مِنْ سَاعَتِهِ وَقَالَ : يَا رَبُّ مَا بَقِيَ فِي الْعُرُوقِ فَأَنْتَ حَبَسْتَهُ فَنَزَلَتْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : نَزَلَتْ فِي مَنْ هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ وَقَدَرَ عَلَيْهَا فِي خَلْوَةٍ ثُمَّ تَرَكَهَا مِنْ خَوْفِ اللَّهِ . وَنَحْوَهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ . يَعْنِي مَنْ خَافَ عِنْدَ الْمَعْصِيَةِ مَقَامَهُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ، فَانْتَهَى عَنْهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .