قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=42يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها إنما أنت منذر من يخشاها كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها nindex.php?page=treesubj&link=29050قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=42يسألونك عن الساعة أيان مرساها قال
ابن عباس : سأل مشركو
مكة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متى تكون الساعة ؟ استهزاء ، فأنزل الله - عز وجل - الآية .
nindex.php?page=hadith&LINKID=866606وقال عروة بن الزبير في قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=43فيم أنت من ذكراها ؟ لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن الساعة ، حتى نزلت هذه الآية إلى ربك منتهاها . ومعنى مرساها أي قيامها . قال
الفراء : رسوها : قيامها كرسو
[ ص: 180 ] السفينة . وقال
أبو عبيدة : أي منتهاها ، ومرسى السفينة حيث تنتهي . وهو قول
ابن عباس .
الربيع بن أنس : متى زمانها . والمعنى متقارب . وقد مضى في ( الأعراف ) بيان ذلك . وعن
الحسن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
لا تقوم الساعة إلا بغضبة يغضبها ربك " .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=43فيم أنت من ذكراها أي في أي شيء أنت يا
محمد من ذكر القيامة والسؤال عنها ؟ وليس لك السؤال عنها . وهذا معنى ما رواه
الزهري nindex.php?page=hadith&LINKID=866608عن عروة بن الزبير قال : لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن الساعة حتى نزلت : nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=43فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها أي منتهى علمها ; فكأنه - عليه السلام - لما أكثروا عليه سأل الله أن يعرفه ذلك ، فقيل له : لا تسأل ، فلست في شيء من ذلك . ويجوز أن يكون إنكارا على المشركين في مسألتهم له ; أي فيم أنت من ذلك حتى يسألوك بيانه ، ولست ممن يعلمه . روي معناه عن
ابن عباس . والذكرى بمعنى الذكر .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=44إلى ربك منتهاها أي منتهى علمها ، فلا يوجد عند غيره علم الساعة ; وهو كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187قل إنما علمها عند ربي وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إن الله عنده علم الساعة .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=45إنما أنت منذر من يخشاها أي مخوف ; وخص الإنذار بمن يخشى ، لأنهم المنتفعون به ، وإن كان منذرا لكل مكلف ; وهو كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=11إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب . وقراءة العامة ( منذر ) بالإضافة غير منون ; طلب التخفيف ، وإلا فأصله التنوين ; لأنه للمستقبل وإنما لا ينون في الماضي . قال
الفراء : يجوز التنوين وتركه ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=3بالغ أمره ، و ( بالغ أمره ) و موهن كيد الكافرين و موهن كيد الكافرين والتنوين هو الأصل ، وبه قرأ
أبو جعفر وشيبة nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وابن محيصن وحميد وعياش عن أبي عمرو ( منذر ) منونا ، وتكون في موضع نصب ، والمعنى نصب ، إنما ينتفع بإنذارك من يخشى الساعة . وقال
أبو علي : يجوز أن تكون الإضافة للماضي ، نحو ضارب زيد أمس ; لأنه قد فعل الإنذار ، الآية رد على من قال : أحوال الآخرة غير محسوسة ، وإنما هي راحة الروح أو تألمها من غير حس .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=46كأنهم يوم يرونها يعني الكفار يرون الساعة لم يلبثوا أي في دنياهم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=46إلا عشية أي قدر عشية أو ضحاها أي أو قدر الضحى الذي يلي تلك العشية ، والمراد تقليل مدة الدنيا ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35لم يلبثوا إلا ساعة من نهار . وروى
الضحاك عن
ابن عباس : كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا يوما واحدا . وقيل : لم يلبثوا في قبورهم
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=46إلا عشية أو ضحاها ، وذلك أنهم استقصروا مدة لبثهم في القبور لما عاينوا من الهول . وقال
الفراء : يقول القائل : وهل للعشية ضحى ؟ وإنما الضحى لصدر النهار ، ولكن أضيف الضحى إلى العشية ، وهو اليوم الذي يكون فيه على عادة العرب ; يقولون : آتيك الغداة أو عشيتها ، وآتيك العشية أو غداتها ، فتكون العشية في معنى آخر النهار ، والغداة في معنى أول النهار ; قال : وأنشدني بعض
بني عقيل :
[ ص: 181 ] نحن صبحنا عامرا في دارها جردا تعادى طرفي نهارها عشية الهلال أو سرارها
أراد : عشية الهلال ، أو سرار العشية ، فهو أشد من آتيك الغداة أو عشيها .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=42يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا nindex.php?page=treesubj&link=29050قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=42يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : سَأَلَ مُشْرِكُو
مَكَّةَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَتَى تَكُونُ السَّاعَةُ ؟ اسْتِهْزَاءً ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - الْآيَةَ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=866606وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=43فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا ؟ لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْأَلُ عَنِ السَّاعَةِ ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا . وَمَعْنَى مُرْسَاهَا أَيْ قِيَامُهَا . قَالَ
الْفَرَّاءُ : رُسُوُّهَا : قِيَامُهَا كَرُسُوِّ
[ ص: 180 ] السَّفِينَةِ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : أَيْ مُنْتَهَاهَا ، وَمَرْسَى السَّفِينَةِ حَيْثُ تَنْتَهِي . وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ عَبَّاسٍ .
الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ : مَتَى زَمَانُهَا . وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ . وَقَدْ مَضَى فِي ( الْأَعْرَافِ ) بَيَانُ ذَلِكَ . وَعَنِ
الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا بِغَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا رَبُّكَ " .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=43فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا أَيْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَنْتَ يَا
مُحَمَّدُ مِنْ ذِكْرِ الْقِيَامَةِ وَالسُّؤَالِ عَنْهَا ؟ وَلَيْسَ لَكَ السُّؤَالُ عَنْهَا . وَهَذَا مَعْنَى مَا رَوَاهُ
الزُّهْرِيُّ nindex.php?page=hadith&LINKID=866608عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُ عَنِ السَّاعَةِ حَتَّى نَزَلَتْ : nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=43فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا أَيْ مُنْتَهَى عِلْمِهَا ; فَكَأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُعَرِّفَهُ ذَلِكَ ، فَقِيلَ لَهُ : لَا تَسْأَلْ ، فَلَسْتَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِنْكَارًا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي مَسْأَلَتِهِمْ لَهُ ; أَيْ فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَسْأَلُوكَ بَيَانَهُ ، وَلَسْتَ مِمَّنْ يَعْلَمُهُ . رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ . وَالذِّكْرَى بِمَعْنَى الذِّكْرِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=44إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا أَيْ مُنْتَهَى عِلْمِهَا ، فَلَا يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِهِ عِلْمُ السَّاعَةِ ; وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=45إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا أَيْ مُخَوِّفٌ ; وَخَصَّ الْإِنْذَارَ بِمَنْ يَخْشَى ، لِأَنَّهُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ مُنْذِرًا لِكُلِّ مُكَلَّفٍ ; وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=11إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ . وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ ( مُنْذِرُ ) بِالْإِضَافَةِ غَيْرِ مَنُوَّنٍ ; طَلَبَ التَّخْفِيفِ ، وَإِلَّا فَأَصْلُهُ التَّنْوِينُ ; لِأَنَّهُ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَإِنَّمَا لَا يُنَوَّنُ فِي الْمَاضِي . قَالَ
الْفَرَّاءُ : يَجُوزُ التَّنْوِينُ وَتَرْكُهُ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=3بَالِغُ أَمْرِهِ ، وَ ( بَالِغٌ أَمْرَهُ ) وَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ وَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ وَالتَّنْوِينُ هُوَ الْأَصْلُ ، وَبِهِ قَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَحُمَيْدٌ وَعَيَّاشٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو ( مُنْذِرٌ ) مُنَوَّنًا ، وَتَكُونُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، وَالْمَعْنَى نَصْبٌ ، إِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِإِنْذَارِكَ مَنْ يَخْشَى السَّاعَةَ . وَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ لِلْمَاضِي ، نَحْوَ ضَارِبِ زَيْدٍ أَمْسِ ; لِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ الْإِنْذَارَ ، الْآيَةُ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ : أَحْوَالُ الْآخِرَةِ غَيْرُ مَحْسُوسَةٍ ، وَإِنَّمَا هِيَ رَاحَةُ الرُّوحِ أَوْ تَأَلُّمُهَا مِنْ غَيْرِ حِسٍّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=46كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا يَعْنِي الْكُفَّارَ يَرَوْنَ السَّاعَةَ لَمْ يَلْبَثُوا أَيْ فِي دُنْيَاهُمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=46إِلَّا عَشِيَّةً أَيْ قَدْرَ عَشِيَّةٍ أَوْ ضُحَاهَا أَيْ أَوْ قَدْرَ الضُّحَى الَّذِي يَلِي تِلْكَ الْعَشِيَّةَ ، وَالْمُرَادُ تَقْلِيلُ مُدَّةِ الدُّنْيَا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ . وَرَوَى
الضَّحَّاكُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا يَوْمًا وَاحِدًا . وَقِيلَ : لَمْ يَلْبَثُوا فِي قُبُورِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=46إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ، وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اسْتَقْصَرُوا مُدَّةَ لُبْثِهِمْ فِي الْقُبُورِ لِمَا عَايَنُوا مِنَ الْهَوْلِ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : يَقُولُ الْقَائِلُ : وَهَلْ لِلْعَشِيَّةِ ضُحًى ؟ وَإِنَّمَا الضُّحَى لِصَدْرِ النَّهَارِ ، وَلَكِنْ أُضِيفَ الضُّحَى إِلَى الْعَشِيَّةِ ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ ; يَقُولُونَ : آتِيكَ الْغَدَاةَ أَوْ عَشِيَّتَهَا ، وَآتِيكَ الْعَشِيَّةَ أَوْ غَدَاتَهَا ، فَتَكُونُ الْعَشِيَّةُ فِي مَعْنَى آخِرِ النَّهَارِ ، وَالْغَدَاةُ فِي مَعْنَى أَوَّلِ النَّهَارِ ; قَالَ : وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ
بَنِي عُقَيْلٍ :
[ ص: 181 ] نَحْنُ صَبَّحْنَا عَامِرًا فِي دَارِهَا جُرْدًا تَعَادَى طَرَفَيْ نَهَارِهَا عَشِيَّةِ الْهِلَالِ أَوْ سِرَارِهَا
أَرَادَ : عَشِيَّةَ الْهِلَالِ ، أَوْ سِرَارَ الْعَشِيَّةِ ، فَهُوَ أَشَدُّ مِنْ آتِيكَ الْغَدَاةَ أَوْ عَشِيَّهَا .