[ ص: 182 ] سورة عبس
مكية في قول الجميع ، وهي إحدى وأربعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى
فيه ست مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عبس أي كلح بوجهه ; يقال : عبس وبسر . وقد تقدم . وتولى أي أعرض بوجهه أن جاءه أن في موضع نصب لأنه مفعول له ، المعنى لأن جاءه الأعمى ، أي الذي لا يبصر بعينيه . فروى أهل التفسير أجمع أن قوما من أشراف
قريش كانوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد طمع في إسلامهم ، فأقبل
nindex.php?page=showalam&ids=100عبد الله بن أم مكتوم ، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقطع
عبد الله عليه كلامه ، فأعرض عنه ، ففيه نزلت هذه الآية .
قال
مالك : إن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة حدثه عن
عروة ، أنه قال : نزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عبس وتولى في
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم ; جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل يقول : يا
محمد استدنني ، وعند النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل من عظماء المشركين ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرض عنه ويقبل على الآخر ، ويقول : " يا فلان ، هل ترى بما أقول بأسا " ؟ فيقول : لا والدمى ما أرى بما تقول بأسا ; فأنزل الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عبس وتولى . وفي
الترمذي مسندا
[ ص: 183 ] قال : حدثنا
سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، حدثني أبي ، قال هذا ما عرضنا على
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة ، قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866610نزلت عبس وتولى في nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم الأعمى ، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل ، يقول : يا رسول الله أرشدني ، وعند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من عظماء المشركين ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرض عنه ، ويقبل على الآخر ، ويقول : " أترى بما أقول بأسا " فيقول : لا ; ففي هذا نزلت ; قال : هذا حديث غريب .
الثانية : الآية عتاب من الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في إعراضه وتوليه عن
nindex.php?page=showalam&ids=100عبد الله بن أم مكتوم . ويقال :
nindex.php?page=showalam&ids=100عمرو بن أم مكتوم ، واسم
أم مكتوم عاتكة بنت عامر بن مخزوم ، وعمرو هذا : هو ابن قيس بن زائدة بن الأصم ، وهو ابن خال
خديجة - رضي الله عنها - . وكان قد تشاغل عنه برجل من عظماء المشركين ، يقال كان
الوليد بن المغيرة .
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : قاله المالكية من علمائنا ، وهو يكنى
أبا عبد شمس . وقال
قتادة : هو
أمية بن خلص وعنه :
أبي بن خلف . وقال
مجاهد : كانوا ثلاثة :
عتبة وشيبة ابنا
ربيعة وأبي بن خلف . وقال
عطاء عتبة بن ربيعة .
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مع عمه
العباس .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : كان عنده صناديد
قريش :
عتبة وشيبة ابنا
ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، nindex.php?page=showalam&ids=18والعباس بن عبد المطلب ، وأمية بن خلف ، والوليد بن المغيرة يدعوهم إلى الإسلام ، رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : أما قول علمائنا إنه
الوليد بن المغيرة فقد قال آخرون إنه
أمية بن خلف والعباس وهذا كله باطل وجهل من المفسرين الذين لم يتحققوا الدين ، ذلك أن
أمية بن خلف والوليد كانا
بمكة nindex.php?page=showalam&ids=100وابن أم مكتوم كان
بالمدينة ، ما حضر معهما ولا حضرا معه ، وكان موتهما كافرين ، أحدهما قبل الهجرة ، والآخر
ببدر ، ولم يقصد قط
أمية المدينة ، ولا حضر عنده مفردا ، ولا مع أحد .
الثالثة :
أقبل nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم والنبي - صلى الله عليه وسلم - مشتغل بمن حضره من وجوه قريش يدعوهم إلى الله تعالى ، وقد قوي طمعه في إسلامهم وكان في إسلامهم إسلام من وراءهم من قومهم ، فجاء nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم وهو أعمى فقال : يا رسول الله علمني مما علمك الله ، وجعل يناديه ويكثر النداء ، ولا يدري أنه مشتغل بغيره ، حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقطعه كلامه ، وقال في نفسه : يقول هؤلاء : إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد ; فعبس وأعرض عنه ، فنزلت الآية . قال
الثوري :
فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك إذا رأى nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم يبسط له رداءه ويقول : " مرحبا بمن عاتبني فيه ربي " . ويقول : " هل من حاجة " ؟ واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين غزاهما . قال أنس : فرأيته يوم القادسية راكبا وعليه درع ومعه راية سوداء .
الرابعة : قال علماؤنا : ما فعله
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم كان من سوء الأدب لو كان عالما بأن
[ ص: 184 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - مشغول بغيره ، وأنه يرجو إسلامهم ، ولكن الله تبارك وتعالى عاتبه حتى لا تنكسر قلوب أهل الصفة ; أو ليعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=29544المؤمن الفقير خير من الغني ، وكان النظر إلى المؤمن أولى وإن كان فقيرا أصلح وأولى من الأمر الآخر ، وهو الإقبال على الأغنياء طمعا في إيمانهم ، وإن كان ذلك أيضا نوعا من المصلحة ، وعلى هذا يخرج قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67ما كان لنبي أن يكون له أسرى الآية على ما تقدم . وقيل : إنما قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - تأليف الرجل ، ثقة بما كان في قلب
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم من الإيمان ; كما قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=866613إني لأصل الرجل وغيره أحب إلي منه ، مخافة أن يكبه الله في النار على وجهه " .
الخامسة : قال
ابن زيد : إنما عبس النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=100لابن أم مكتوم وأعرض عنه ; لأنه أشار إلى الذي كان يقوده أن يكفه ، فدفعه
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم ، وأبى إلا أن يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يعلمه ، فكان في هذا نوع جفاء منه . ومع هذا أنزل الله في حقه على نبيه - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عبس وتولى بلفظ الإخبار عن الغائب ، تعظيما له ولم يقل : عبست وتوليت .
ثم أقبل عليه بمواجهة الخطاب تأنيسا له فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=3وما يدريك أي يعلمك لعله يعني
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم يزكى بما استدعى منك تعليمه إياه من القرآن والدين ، بأن يزداد طهارة في دينه ، وزوال ظلمة الجهل عنه . وقيل : الضمير في لعله للكافر يعني إنك إذا طمعت في أن يتزكى بالإسلام أو يذكر ، فتقربه الذكرى إلى قبول الحق وما يدريك أن ما طمعت فيه كائن .
وقرأ
الحسن ( آأن جاءه الأعمى ) بالمد على الاستفهام ف " أن " متعلقة بفعل محذوف دل عليه عبس وتولى ، التقدير : آأن جاءه أعرض عنه وتولى ؟ فيوقف على هذه القراءة على وتولى ، ولا يوقف عليه على قراءة الخبر ، وهي قراءة العامة .
السادسة : نظير هذه الآية في العتاب قوله تعالى في سورة الأنعام :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي وكذلك قوله في سورة الكهف :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا وما كان مثله ، والله أعلم .
أو يذكر يتعظ بما تقول فتنفعه الذكرى أي العظة . وقراءة العامة ( فتنفعه ) بضم العين ، عطفا على يزكى . وقرأ
عاصم وابن أبي إسحاق وعيسى فتنفعه نصبا . وهي قراءة
السلمي nindex.php?page=showalam&ids=15916وزر بن حبيش ، على جواب لعل ; لأنه غير موجب ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=36لعلي أبلغ الأسباب ثم قال : فأطلع .
[ ص: 182 ] سُورَةُ عَبَسَ
مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ ، وَهِيَ إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ آيَةً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى
فِيهِ سِتُّ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عَبَسَ أَيْ كَلَحَ بِوَجْهِهِ ; يُقَالُ : عَبَسَ وَبَسَرَ . وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَتَوَلَّى أَيْ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ أَنْ جَاءَهُ أَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ ، الْمَعْنَى لِأَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ، أَيِ الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِعَيْنَيْهِ . فَرَوَى أَهْلُ التَّفْسِيرِ أَجْمَعُ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَشْرَافِ
قُرَيْشٍ كَانُوا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ طَمِعَ فِي إِسْلَامِهِمْ ، فَأَقْبَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=100عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْطَعَ
عَبْدُ اللَّهِ عَلَيْهِ كَلَامَهُ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، فَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ .
قَالَ
مَالِكٌ : إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ عَنْ
عُرْوَةَ ، أَنَّهُ قَالَ : نَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عَبَسَ وَتَوَلَّى فِي
nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ; جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ يَقُولُ : يَا
مُحَمَّدُ اسْتَدْنِنِي ، وَعِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْرِضُ عَنْهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ ، وَيَقُولُ : " يَا فُلَانُ ، هَلْ تَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا " ؟ فَيَقُولُ : لَا وَالدُّمَى مَا أَرَى بِمَا تَقُولُ بَأْسًا ; فَأَنْزَلَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عَبَسَ وَتَوَلَّى . وَفِي
التِّرْمِذِيِّ مُسْنَدًا
[ ص: 183 ] قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ هَذَا مَا عَرَضْنَا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عَائِشَةَ ، قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866610نَزَلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى فِي nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ ، يَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْشِدْنِي ، وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْرِضُ عَنْهُ ، وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ ، وَيَقُولُ : " أَتَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا " فَيَقُولُ : لَا ; فَفِي هَذَا نَزَلَتْ ; قَالَ : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ .
الثَّانِيَةُ : الْآيَةُ عِتَابٌ مِنَ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إِعْرَاضِهِ وَتَوَلِّيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=100عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ . وَيُقَالُ :
nindex.php?page=showalam&ids=100عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ، وَاسْمُ
أُمِّ مَكْتُومٍ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ مَخْزُومٍ ، وَعَمْرٌو هَذَا : هُوَ ابْنُ قَيْسِ بْنِ زَائِدَةَ بْنِ الْأَصَمِّ ، وَهُوَ ابْنُ خَالِ
خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - . وَكَانَ قَدْ تَشَاغَلَ عَنْهُ بِرَجُلٍ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ ، يُقَالُ كَانَ
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ .
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : قَالَهُ الْمَالِكِيَّةُ مِنْ عُلَمَائِنَا ، وَهُوَ يُكَنَّى
أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : هُوَ
أُمَيَّةُ بْنُ خَلَصٍ وَعَنْهُ :
أُبَيُّ بْنُ خَلْفٍ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : كَانُوا ثَلَاثَةً :
عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا
رَبِيعَةَ وَأُبَيُّ بْنُ خَلْفٍ . وَقَالَ
عَطَاءٌ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ .
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ عَمِّهِ
الْعَبَّاسِ .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : كَانَ عِنْدَهُ صَنَادِيدُ
قُرَيْشٍ :
عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا
رَبِيعَةِ ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=18وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمَ بِإِسْلَامِهِمْ غَيْرُهُمْ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : أَمَّا قَوْلُ عُلَمَائِنَا إِنَّهُ
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَقَدْ قَالَ آخَرُونَ إِنَّهُ
أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَالْعَبَّاسُ وَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ وَجَهْلٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ الَّذِينَ لَمْ يَتَحَقَّقُوا الدِّينَ ، ذَلِكَ أَنَّ
أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ وَالْوَلِيدَ كَانَا
بِمَكَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=100وَابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ
بِالْمَدِينَةِ ، مَا حَضَرَ مَعَهُمَا وَلَا حَضَرَا مَعَهُ ، وَكَانَ مَوْتُهُمَا كَافِرَيْنِ ، أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ ، وَالْآخَرُ
بِبَدْرٍ ، وَلَمْ يَقْصِدْ قَطُّ
أُمَيَّةُ الْمَدِينَةَ ، وَلَا حَضَرَ عِنْدَهُ مُفْرَدًا ، وَلَا مَعَ أَحَدٍ .
الثَّالِثَةُ :
أَقْبَلَ nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُشْتَغِلٌ بِمَنْ حَضَرَهُ مِنْ وُجُوهِ قُرَيْشٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَدْ قَوِيَ طَمَعُهُ فِي إِسْلَامِهِمْ وَكَانَ فِي إِسْلَامِهِمْ إِسْلَامُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ ، فَجَاءَ nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ أَعْمَى فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ ، وَجَعَلَ يُنَادِيهِ وَيُكْثِرُ النِّدَاءَ ، وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِغَيْرِهِ ، حَتَّى ظَهَرَتِ الْكَرَاهَةُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَطْعِهِ كَلَامَهُ ، وَقَالَ فِي نَفْسِهِ : يَقُولُ هَؤُلَاءِ : إِنَّمَا أَتْبَاعُهُ الْعُمْيَانُ وَالسَّفَلَةُ وَالْعَبِيدُ ; فَعَبَسَ وَأَعْرَضَ عَنْهُ ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ . قَالَ
الثَّوْرِيُّ :
فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا رَأَى nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يَبْسُطُ لَهُ رِدَاءَهُ وَيَقُولُ : " مَرْحَبًا بِمَنْ عَاتَبَنِي فِيهِ رَبِّي " . وَيَقُولُ : " هَلْ مِنْ حَاجَةٍ " ؟ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ فِي غَزْوَتَيْنِ غَزَاهُمَا . قَالَ أَنَسٌ : فَرَأَيْتُهُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ رَاكِبًا وَعَلَيْهِ دِرْعٌ وَمَعَهُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ .
الرَّابِعَةُ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : مَا فَعَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ مِنْ سُوءِ الْأَدَبِ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّ
[ ص: 184 ] النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَشْغُولٌ بِغَيْرِهِ ، وَأَنَّهُ يَرْجُو إِسْلَامَهُمْ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَاتَبَهُ حَتَّى لَا تَنْكَسِرَ قُلُوبُ أَهْلِ الصُّفَّةِ ; أَوْ لِيُعْلِمَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29544الْمُؤْمِنَ الْفَقِيرَ خَيْرٌ مِنَ الْغَنِيِّ ، وَكَانَ النَّظَرُ إِلَى الْمُؤْمِنِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا أَصْلَحَ وَأَوْلَى مِنَ الْأَمْرِ الْآخَرِ ، وَهُوَ الْإِقْبَالُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ طَمَعًا فِي إِيمَانِهِمْ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا نَوْعًا مِنَ الْمَصْلَحَةِ ، وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى الْآيَةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ . وَقِيلَ : إِنَّمَا قَصَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَأْلِيفَ الرَّجُلِ ، ثِقَةً بِمَا كَانَ فِي قَلْبِ
nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ مِنَ الْإِيمَانِ ; كَمَا قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=866613إِنِّي لَأَصِلُ الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ ، مَخَافَةَ أَنْ يُكِبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ " .
الْخَامِسَةُ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : إِنَّمَا عَبَسَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=showalam&ids=100لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَعْرَضَ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الَّذِي كَانَ يَقُودُهُ أَنْ يَكُفَّهُ ، فَدَفَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ، وَأَبَى إِلَّا أَنْ يُكَلِّمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يُعَلِّمَهُ ، فَكَانَ فِي هَذَا نَوْعُ جَفَاءٍ مِنْهُ . وَمَعَ هَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي حَقِّهِ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عَبَسَ وَتَوَلَّى بِلَفْظِ الْإِخْبَارَ عَنِ الْغَائِبِ ، تَعْظِيمًا لَهُ وَلَمْ يَقُلْ : عَبَسْتَ وَتَوَلَّيْتَ .
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِمُوَاجَهَةِ الْخِطَابِ تَأْنِيسًا لَهُ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=3وَمَا يُدْرِيكَ أَيْ يُعْلِمُكَ لَعَلَّهُ يَعْنِي
nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يَزَّكَّى بِمَا اسْتَدْعَى مِنْكَ تَعْلِيمَهُ إِيَّاهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالدِّينِ ، بِأَنْ يَزْدَادَ طَهَارَةً فِي دِينِهِ ، وَزَوَالِ ظُلْمَةِ الْجَهْلِ عَنْهُ . وَقِيلَ : الضَّمِيرُ فِي لَعَلَّهُ لِلْكَافِرِ يَعْنِي إِنَّكَ إِذَا طَمِعْتَ فِي أَنْ يَتَزَكَّى بِالْإِسْلَامِ أَوْ يَذَّكَّرَ ، فَتُقَرِّبُهُ الذِّكْرَى إِلَى قَبُولِ الْحَقِّ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّ مَا طَمِعْتَ فِيهِ كَائِنٌ .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ( آأَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ) بِالْمَدِّ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ فَ " أَنْ " مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ عَبَسَ وَتَوَلَّى ، التَّقْدِيرُ : آأَنْ جَاءَهُ أَعْرَضَ عَنْهُ وَتَوَلَّى ؟ فَيُوقَفُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَلَى وَتَوَلَّى ، وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ عَلَى قِرَاءَةِ الْخَبَرِ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ .
السَّادِسَةُ : نَظِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْعِتَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا كَانَ مِثْلَهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
أَوْ يَذَّكَّرُ يَتَّعِظُ بِمَا تَقُولُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى أَيِ الْعِظَةُ . وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ ( فَتَنْفَعُهُ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ ، عَطْفًا عَلَى يَزَّكَّى . وَقَرَأَ
عَاصِمٌ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَعِيسَى فَتَنْفَعَهُ نَصْبًا . وَهِيَ قِرَاءَةُ
السُّلَمِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=15916وَزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، عَلَى جَوَابِ لَعَلَّ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُوجَبٍ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=36لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ثُمَّ قَالَ : فَأَطَّلِعَ .