قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالو الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون nindex.php?page=treesubj&link=29054قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون : كلا : ردع وزجر ، أي ليس هو أساطير الأولين . وقال
الحسن : معناها حقا
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14ران على قلوبهم . وقيل : في
الترمذي : عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866652إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا هو نزع واستغفر الله وتاب ، صقل قلبه ، فإن عاد زيد . فيها ، حتى تعلو على قلبه ، وهو الران الذي ذكر الله في كتابه : nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون . قال : هذا حديث حسن صحيح . وكذا قال المفسرون : هو الذنب على الذنب حتى يسود القلب .
قال
مجاهد : هو الرجل يذنب الذنب ، فيحيط الذنب بقلبه ، ثم يذنب الذنب فيحيط الذنب بقلبه ، حتى تغشي الذنوب قلبه . قال
مجاهد : هي مثل الآية التي في سورة البقرة :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=81بلى من كسب سيئة الآية . ونحوه عن
الفراء ; قال : يقول كثرت المعاصي منهم والذنوب ، فأحاطت بقلوبهم ، فذلك الرين عليها . وروي عن
مجاهد أيضا قال : القلب مثل الكهف ورفع كفه ، فإذا أذنب العبد الذنب انقبض ، وضم إصبعه ، فإذا أذنب الذنب انقبض ، وضم أخرى ، حتى ضم أصابعه كلها ، حتى يطبع على قلبه . قال : وكانوا يرون أن ذلك هو الرين ، ثم قرأ :
[ ص: 223 ] nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون . ومثله عن
حذيفة - رضي الله عنه - سواء . وقال
بكر بن عبد الله : إن العبد إذا أذنب صار في قلبه كوخزة الإبرة ، ثم صار إذا أذنب ثانيا صار كذلك ، ثم إذا كثرت الذنوب صار القلب كالمنخل ، أو كالغربال ، لا يعي خيرا ، ولا يثبت فيه صلاح . وقد بينا في ( البقرة ) القول في هذا المعنى بالأخبار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلا معنى لإعادتها .
وقد روى
عبد الغني بن سعيد عن
موسى بن عبد الرحمن عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
عطاء عن
ابن عباس ، وعن
موسى عن
مقاتل عن
الضحاك عن
ابن عباس شيئا الله أعلم بصحته ; قال : هو الران الذي يكون على الفخذين والساق والقدم ، وهو الذي يلبس في الحرب .قال : وقال آخرون : الران : الخاطر الذي يخطر بقلب الرجل . وهذا مما لا يضمن عهدة صحته . فالله أعلم .
فأما عامة أهل التفسير فعلى ما قد مضى ذكره قبل هذا . وكذلك أهل اللغة عليه ; يقال : ران على قلبه ذنبه يرين رينا وريونا أي غلب . قال
أبو عبيدة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون أي غلب ; وقال
أبو عبيد : كل ما غلبك وعلاك فقد ران بك ، ورانك ، وران عليك ; وقال الشاعر :
وكم ران من ذنب على قلب فاجر فتاب من الذنب الذي ران وانجلى
ورانت الخمر على عقله : أي غلبته ، وران عليه النعاس : إذا غطاه ; ومنه قول
عمر في
الأسيفع - أسيفع جهينة - : فأصبح قد رين به . أي غلبته الديون ، وكان يدان ; ومنه قول
أبي زبيد يصف رجلا شرب حتى غلبه الشراب سكرا ، فقال :
ثم لما رآه رانت به الخم ر وأن لا ترينه باتقاء
فقوله : رانت به الخمر ، أي غلبت على عقله وقلبه . وقال
الأموي : قد أران القوم فهم مرينون : إذا هلكت مواشيهم وهزلت . وهذا من الأمر الذي أتاهم مما يغلبهم ، فلا يستطيعون احتماله . قال
أبو زيد يقال : قد رين بالرجل رينا : إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه ، ولا قبل له وقال
أبو معاذ النحوي : الرين : أن يسود القلب من الذنوب ، والطبع أن يطبع على القلب ، وهذا أشد من الرين ، والإقفال أشد من الطبع .
الزجاج : الرين : هو كالصدأ يغشي القلب كالغيم الرقيق ، ومثله الغين ، يقال : غين على قلبه : غطي . والغين : شجر ملتف ، الواحدة غيناء ، أي خضراء ، كثيرة الورق ، ملتفة الأغصان . وقد تقدم قول
الفراء : إنه إحاطة الذنب بالقلوب . وذكر
الثعلبي عن
ابن عباس :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14ران على قلوبهم : أي غطى عليها . وهذا هو الصحيح عنه إن شاء الله . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وأبو بكر والمفضل ( ران ) بالإمالة ; لأن فاء الفعل الراء ، وعينه الألف منقلبة من ياء ، فحسنت الإمالة لذلك . ومن فتح فعلى
[ ص: 224 ] الأصل ; لأن باب فاء الفعل في ( فعل ) الفتح ، مثل كال وباع ونحوه . واختاره
أبو عبيد وأبو حاتم ووقف
حفص ( بل ) ثم يبتدئ ( ران ) وقفا يبين اللام ، لا للسكت .
قوله تعالى : ( كلا ) أي حقا إنهم يعني الكفار
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=15عن ربهم يومئذ أي يوم القيامة لمحجوبون . وقيل : كلا ردع وزجر ، أي ليس كما يقولون ، بل إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون . قال
الزجاج : في هذه الآية دليل على أن الله - عز وجل - يرى في القيامة ، ولولا ذلك ما كان في هذه الآية فائدة ، ولا خست منزلة الكفار بأنهم يحجبون . وقال جل ثناؤه :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=22وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة فأعلم الله - جل ثناؤه - أن المؤمنين ينظرون إليه ، وأعلم أن الكفار محجوبون عنه ، وقال
مالك بن أنس في هذه الآية : لما حجب أعداءه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى رأوه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لما حجب قوما بالسخط ، دل على أن قوما يرونه بالرضا . ثم قال : أما والله لو لم يوقن
محمد بن إدريس أنه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل : لما حجبهم في الدنيا عن نور توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته . وقال
مجاهد في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=15لمحجوبون : أي عن كرامته ورحمته ممنوعون . وقال
قتادة : هو أن الله لا ينظر إليهم برحمته ، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم . وعلى الأول الجمهور ، وأنهم محجوبون عن رؤيته فلا يرونه .
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=16ثم إنهم لصالو الجحيم أي ملازموها ، ومحترقون فيها غير خارجين منها ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=56كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها و
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=97كلما خبت زدناهم سعيرا . ويقال : الجحيم الباب الرابع من النار .
ثم يقال لهم أي تقول لهم خزنة جهنم
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=17هذا الذي كنتم به تكذبون رسل الله في الدنيا .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ nindex.php?page=treesubj&link=29054قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ : كَلَّا : رَدْعٌ وَزَجْرٌ ، أَيْ لَيْسَ هُوَ أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : مَعْنَاهَا حَقًّا
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ . وَقِيلَ : فِي
التِّرْمِذِيِّ : عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866652إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَتَابَ ، صُقِلَ قَلْبُهُ ، فَإِنْ عَادَ زِيدَ . فِيهَا ، حَتَّى تَعْلُوَ عَلَى قَلْبِهِ ، وَهُوَ الرَّانُّ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهَ فِي كِتَابِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ . قَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وَكَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : هُوَ الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ حَتَّى يَسْوَدَّ الْقَلْبُ .
قَالَ
مُجَاهِدٌ : هُوَ الرَّجُلُ يُذْنِبُ الذَّنْبَ ، فَيُحِيطُ الذَّنْبُ بِقَلْبِهِ ، ثُمَّ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُحِيطُ الذَّنْبُ بِقَلْبِهِ ، حَتَّى تُغْشِيَ الذُّنُوبُ قَلْبَهُ . قَالَ
مُجَاهِدٌ : هِيَ مِثْلُ الْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=81بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً الْآيَةَ . وَنَحْوَهُ عَنِ
الْفَرَّاءِ ; قَالَ : يَقُولُ كَثُرَتِ الْمَعَاصِي مِنْهُمْ وَالذُّنُوبُ ، فَأَحَاطَتْ بِقُلُوبِهِمْ ، فَذَلِكَ الرَّيْنُ عَلَيْهَا . وَرُوِيَ عَنْ
مُجَاهِدٍ أَيْضًا قَالَ : الْقَلْبُ مِثْلُ الْكَهْفِ وَرَفَعَ كَفَّهُ ، فَإِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ الذَّنْبَ انْقَبَضَ ، وَضَمَّ إِصْبَعَهُ ، فَإِذَا أَذْنَبَ الذَّنْبَ انْقَبَضَ ، وَضَمَّ أُخْرَى ، حَتَّى ضَمَّ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا ، حَتَّى يُطْبَعَ عَلَى قَلْبِهِ . قَالَ : وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الرَّيْنُ ، ثُمَّ قَرَأَ :
[ ص: 223 ] nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ . وَمِثْلُهُ عَنْ
حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَوَاءٌ . وَقَالَ
بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ صَارَ فِي قَلْبِهِ كَوَخْزَةِ الْإِبْرَةِ ، ثُمَّ صَارَ إِذَا أَذْنَبَ ثَانِيًا صَارَ كَذَلِكَ ، ثُمَّ إِذَا كَثُرَتِ الذُّنُوبُ صَارَ الْقَلْبُ كَالْمُنْخُلِ ، أَوْ كَالْغِرْبَالِ ، لَا يَعِي خَيْرًا ، وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ صَلَاحٌ . وَقَدْ بَيَّنَّا فِي ( الْبَقَرَةِ ) الْقَوْلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهَا .
وَقَدْ رَوَى
عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ
مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ
عَطَاءٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ
مُوسَى عَنْ
مُقَاتِلٍ عَنِ
الضَّحَّاكِ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ شَيْئًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهِ ; قَالَ : هُوَ الرَّانُّ الَّذِي يَكُونُ عَلَى الْفَخِذَيْنِ وَالسَّاقِ وَالْقَدَمِ ، وَهُوَ الَّذِي يُلْبَسُ فِي الْحَرْبِ .قَالَ : وَقَالَ آخَرُونَ : الرَّانُّ : الْخَاطِرُ الَّذِي يَخْطِرُ بِقَلْبِ الرَّجُلِ . وَهَذَا مِمَّا لَا يَضْمَنُ عُهْدَةَ صِحْتِهِ . فَاللَّهُ أَعْلَمُ .
فَأَمَّا عَامَّةُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فَعَلَى مَا قَدْ مَضَى ذِكْرُهُ قَبْلَ هَذَا . وَكَذَلِكَ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَيْهِ ; يُقَالُ : رَانَ عَلَى قَلْبِهِ ذَنْبُهُ يَرِينَ رَيْنًا وَرُيُونًا أَيْ غَلَبَ . قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ أَيْ غَلَبَ ; وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : كُلُّ مَا غَلَبَكَ وَعَلَاكَ فَقَدْ رَانَ بِكَ ، وَرَانَكَ ، وَرَانَ عَلَيْكَ ; وَقَالَ الشَّاعِرُ :
وَكَمْ رَانَ مِنْ ذَنْبٍ عَلَى قَلْبِ فَاجِرٍ فَتَابَ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي رَانَ وَانْجَلَى
وَرَانَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَقْلِهِ : أَيْ غَلَبَتْهُ ، وَرَانَ عَلَيْهِ النُّعَاسُ : إِذَا غَطَّاهُ ; وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ فِي
الْأُسَيْفِعِ - أُسَيْفِعِ جُهَيْنَةَ - : فَأَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ . أَيْ غَلَبَتْهُ الدُّيُونُ ، وَكَانَ يُدَانُ ; وَمِنْهُ قَوْلُ
أَبِي زُبَيْدٍ يَصِفُ رَجُلًا شَرِبَ حَتَّى غَلَبَهُ الشَّرَابُ سُكْرًا ، فَقَالَ :
ثُمَّ لَمَّا رَآهُ رَانَتْ بِهِ الْخَمْ رُ وَأَنْ لَا تَرِينَهُ بِاتِّقَاءِ
فَقَوْلُهُ : رَانَتْ بِهِ الْخَمْرُ ، أَيْ غَلَبَتْ عَلَى عَقْلِهِ وَقَلْبِهِ . وَقَالَ
الْأُمَوِيُّ : قَدْ أَرَانَ الْقَوْمُ فَهُمْ مُرِينُونَ : إِذَا هَلَكَتْ مَوَاشِيهِمْ وَهَزَلَتْ . وَهَذَا مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي أَتَاهُمْ مِمَّا يَغْلِبُهُمْ ، فَلَا يَسْتَطِيعُونَ احْتِمَالَهُ . قَالَ
أَبُو زَيْدٍ يُقَالُ : قَدْ رِينَ بِالرَّجُلِ رَيْنًا : إِذَا وَقَعَ فِيمَا لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهُ ، وَلَا قِبَلَ لَهُ وَقَالَ
أَبُو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ : الرَّيْنُ : أَنْ يَسْوَدَّ الْقَلْبُ مِنَ الذُّنُوبِ ، وَالطَّبْعُ أَنْ يُطْبَعَ عَلَى الْقَلْبِ ، وَهَذَا أَشَدُّ مِنَ الرَّيْنِ ، وَالْإِقْفَالُ أَشَدُّ مِنَ الطَّبْعِ .
الزَّجَّاجُ : الرَّيْنُ : هُوَ كَالصَّدَأِ يُغَشِّي الْقَلْبَ كَالْغَيْمِ الرَّقِيقِ ، وَمِثْلُهُ الْغَيْنُ ، يُقَالُ : غِينَ عَلَى قَلْبِهِ : غُطِّيَ . وَالْغَيْنُ : شَجَرٌ مُلْتَفٌّ ، الْوَاحِدَةُ غَيْنَاءُ ، أَيْ خَضْرَاءُ ، كَثِيرَةُ الْوَرَقِ ، مُلْتَفَّةُ الْأَغْصَانِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ
الْفَرَّاءِ : إِنَّهُ إِحَاطَةُ الذَّنْبِ بِالْقُلُوبِ . وَذَكَرَ
الثَّعْلَبِيُّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=14رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ : أَيْ غَطَّى عَلَيْهَا . وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْمُفَضَّلُ ( رَانَ ) بِالْإِمَالَةِ ; لِأَنَّ فَاءَ الْفِعْلِ الرَّاءُ ، وَعَيْنَهُ الْأَلِفُ مُنْقَلِبَةٌ مِنْ يَاءٍ ، فَحَسُنَتِ الْإِمَالَةُ لِذَلِكَ . وَمَنْ فَتَحَ فَعَلَى
[ ص: 224 ] الْأَصْلِ ; لِأَنَّ بَابَ فَاءِ الْفِعْلِ فِي ( فَعَلَ ) الْفَتْحُ ، مِثْلُ كَالَ وَبَاعَ وَنَحْوُهُ . وَاخْتَارَهُ
أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَوَقَفَ
حَفْصٌ ( بَلْ ) ثُمَّ يَبْتَدِئُ ( رَانَ ) وَقْفًا يُبَيِّنُ اللَّامَ ، لَا لِلسَّكْتِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( كَلَّا ) أَيْ حَقًّا إِنَّهُمْ يَعْنِي الْكُفَّارَ
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=15عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمَحْجُوبُونَ . وَقِيلَ : كَلَّا رَدْعٌ وَزَجْرٌ ، أَيْ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ ، بَلْ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يُرَى فِي الْقِيَامَةِ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا كَانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَائِدَةٌ ، وَلَا خَسَّتْ مَنْزِلَةُ الْكُفَّارِ بِأَنَّهُمْ يُحْجَبُونَ . وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=22وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ فَأَعْلَمَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ، وَأَعْلَمَ أَنَّ الْكُفَّارَ مَحْجُوبُونَ عَنْهُ ، وَقَالَ
مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : لَمَّا حَجَبَ أَعْدَاءَهُ فَلَمْ يَرَوْهُ تَجَلَّى لِأَوْلِيَائِهِ حَتَّى رَأَوْهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَمَّا حَجَبَ قَوْمًا بِالسُّخْطِ ، دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْمًا يَرَوْنَهُ بِالرِّضَا . ثُمَّ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَوْ لَمْ يُوقِنْ
مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ أَنَّهُ يَرَى رَبَّهُ فِي الْمَعَادِ لَمَا عَبَدَهُ فِي الدُّنْيَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14127الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ : لَمَّا حَجَبَهُمْ فِي الدُّنْيَا عَنْ نُورِ تَوْحِيدِهِ حَجَبَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَنْ رُؤْيَتِهِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=15لَمَحْجُوبُونَ : أَيْ عَنْ كَرَامَتِهِ وَرَحْمَتِهِ مَمْنُوعُونَ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : هُوَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ بِرَحْمَتِهِ ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَعَلَى الْأَوَّلِ الْجُمْهُورُ ، وَأَنَّهُمْ مَحْجُوبُونَ عَنْ رُؤْيَتِهِ فَلَا يَرَوْنَهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=16ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ أَيْ مُلَازِمُوهَا ، وَمُحْتَرِقُونَ فِيهَا غَيْرُ خَارِجِينَ مِنْهَا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=56كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=97كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا . وَيُقَالُ : الْجَحِيمُ الْبَابُ الرَّابِعُ مِنَ النَّارِ .
ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ أَيْ تَقُولُ لَهُمْ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=17هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ رُسُلَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا .