قوله تعالى : والله من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ  
قوله تعالى : والله من ورائهم محيط  أي يقدر على أن ينزل بهم ما أنزل بفرعون    . والمحاط به كالمحصور . وقيل : أي والله عالم بهم فهو يجازيهم . 
بل هو قرآن مجيد  أي متناه في الشرف والكرم والبركة ، وهو بيان ما بالناس الحاجة إليه من أحكام الدين والدنيا ، لا كما زعم المشركون . وقيل مجيد : أي غير مخلوق . 
في لوح محفوظ  أي مكتوب في لوح . وهو محفوظ عند الله تعالى من وصول الشياطين إليه . وقيل : هو أم الكتاب ; ومنه انتسخ القرآن والكتب . وروى الضحاك  عن ابن عباس  قال : " اللوح من ياقوتة حمراء ، أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر ملك يقال له ماطريون ،  كتابه نور ، وقلمه نور ، ينظر الله - عز وجل - فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ; ليس منها نظرة إلا وهو يفعل ما يشاء ; يرفع وضيعا ، ويضع رفيعا ، ويغني فقيرا ، ويفقر غنيا ; يحيي ويميت ، ويفعل ما يشاء ; لا إله إلا هو " . وقال أنس بن مالك  ومجاهد ،  إن اللوح المحفوظ الذي ذكره الله تعالى في جبهة إسرافيل    . وقال مقاتل    : اللوح المحفوظ عن يمين العرش   . وقيل : اللوح المحفوظ الذي فيه أصناف الخلق والخليقة ، وبيان أمورهم ، وهو أم الكتاب . 
وقال ابن عباس    : أول شيء كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ " إني أنا الله لا إله إلا أنا ، محمد  رسولي ، من استسلم لقضائي ، وصبر على بلائي ، وشكر نعمائي ، كتبته صديقا وبعثته مع الصديقين ، ومن لم يستسلم لقضائي ولم يصبر على بلائي ، ولم يشكر نعمائي ، فليتخذ إلها سواي " . 
وكتب الحجاج  إلى  محمد بن الحنفية    - رضي الله عنه - يتوعده ; فكتب إليه  ابن الحنفية    : " بلغني أن لله تعالى في كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة في اللوح المحفوظ ; يعز ويذل ، ويبتلي ويفرح ، ويفعل ما يريد ; فلعل نظرة منها تشغلك بنفسك ، فتشتغل بها ولا تتفرغ " . 
وقال بعض المفسرين : اللوح شيء يلوح للملائكة فيقرؤنه . وقرأ ابن السميقع  وأبو حيوة  قرآن مجيد  على الإضافة ; أي قرآن رب مجيد . وقرأ نافع    ( في لوح محفوظ ) بالرفع نعتا للقرآن ; أي بل هو قرآن مجيد محفوظ في لوح . الباقون   [ ص: 257 ]   ( بالجر ) نعتا ل " لوح " . والقراء متفقون على فتح اللام من ( لوح ) إلا ما روي عن  يحيى بن يعمر ;  فإنه قرأ " لوح " بضم اللام ، أي إنه يلوح ، وهو ذو نور وعلو وشرف . قال  الزمخشري    : واللوح الهواء ; يعني اللوح فوق السماء السابعة الذي فيه اللوح . وفي الصحاح : لاح الشيء يلوح لوحا أي لمح . ولاحه السفر : غيره . ولاح لوحا ولواحا : عطش ، والتاح مثله . واللوح : الكتف ، وكل عظم عريض . واللوح : الذي يكتب فيه . واللوح ( بالضم ) : الهواء بين السماء والأرض . والحمد لله . 
				
						
						
