قوله تعالى : وأنت حل بهذا البلد  
 يعني في المستقبل مثل قوله تعالى : إنك ميت وإنهم ميتون . ومثله واسع في كلام العرب . تقول لمن تعده الإكرام والحباء : أنت مكرم محبو . وهو في كلام الله واسع ; لأن الأحوال المستقبلة عنده كالحاضرة المشاهدة وكفاك دليلا قاطعا على أنه للاستقبال ، وأن تفسيره بالحال محال : أن السورة باتفاق مكية قبل الفتح . فروى منصور  عن مجاهد    : وأنت حل  قال : ما صنعت فيه من شيء فأنت في حل   . وكذا قال ابن عباس    : أحل له يوم دخل مكة  أن يقتل من شاء ، فقتل ابن خطل  ومقيس بن صبابة  وغيرهما . ولم يحل لأحد من الناس أن يقتل بها أحدا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى  السدي  قال : أنت في حل ممن قاتلك أن تقتله . وروى أبو صالح  عن ابن عباس  قال : أحلت له ساعة من نهار ، ثم أطبقت وحرمت إلى يوم القيامة ، وذلك يوم فتح مكة    . وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله حرم مكة  يوم خلق السماوات والأرض ، فهي حرام إلى أن تقوم الساعة ، فلم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي ، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار   " الحديث . وقد تقدم في سورة ( المائدة ) . 
ابن زيد    : لم يكن بها أحد حلالا غير النبي - صلى الله عليه وسلم - : وقيل : وأنت مقيم فيه وهو محلك . وقيل : وأنت فيه محسن ، وأنا عنك فيه راض . وذكر أهل اللغة أنه يقال : رجل حل وحلال ومحل ، ورجل حرام ومحل ، ورجل حرام ومحرم . وقال قتادة    : أنت حل به : لست بآثم . وقيل : هو ثناء على النبي - صلى الله عليه وسلم - أي إنك غير مرتكب في هذا البلد ما يحرم عليك ارتكابه ، معرفة منك بحق هذا البيت لا كالمشركين الذين يرتكبون الكفر بالله فيه . أي أقسم بهذا البيت المعظم الذي قد عرفت حرمته ، فأنت مقيم فيه معظم له ، غير مرتكب فيه ما يحرم عليك . 
وقال شرحبيل بن سعد    :   [ ص: 55 ] وأنت حل بهذا البلد  أي حلال أي هم يحرمون مكة  أن يقتلوا بها صيدا أو يعضدوا بها شجرة ، ثم هم مع هذا يستحلون إخراجك وقتلك   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					