قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=11كذبت ثمود بطغواها إذ انبعث أشقاها فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها nindex.php?page=treesubj&link=29062قوله تعالى : كذبت ثمود بطغواها أي بطغيانها ، وهو خروجها عن الحد في العصيان قاله
مجاهد وقتادة وغيرهما . وعن
ابن عباس بطغواها أي بعذابها الذي وعدت به . قال : وكان اسم العذاب الذي جاءها الطغوى ; لأنه طغى عليهم . وقال
محمد بن كعب :
[ ص: 70 ] nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=11بطغواها بأجمعها . وقيل : هو مصدر ، وخرج على هذا المخرج ; لأنه أشكل برءوس الآي . وقيل : الأصل بطغياها ، إلا أن فعلى إذا كانت من ذوات الياء أبدلت في الاسم واوا ، ليفصل بين الاسم والوصف . وقراءة العامة بفتح الطاء . وقرأ
الحسن والجحدري nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة ( بضم الطاء ) على أنه مصدر كالرجعى والحسنى وشبههما في المصادر . وقيل : هما لغتان .
إذ انبعث أي نهض . أشقاها لعقر الناقة . واسمه
قدار بن سالف . وقد مضى في ( الأعراف ) بيان هذا ، وهل كان واحدا أو جماعة . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
عبد الله بن زمعة nindex.php?page=hadith&LINKID=832546أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، وذكر الناقة والذي عقرها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أتدري من أشقى الأولين " قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " عاقر الناقة ، قال : أتدري من أشقى الآخرين ؟ قلت الله ورسوله أعلم . قال : قاتلك " .
فقال لهم رسول الله يعني صالحا .
ناقة الله ، ناقة منصوب على التحذير كقولك : الأسد الأسد ، والصبي الصبي ، والحذار الحذار . أي أحذروا ناقة الله أي عقرها . وقيل : ذروا ناقة الله ، كما قال : هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم .
وسقياها أي ذروها وشربها . وقد مضى في سورة ( الشعراء ) بيانه والحمد لله . وأيضا في سورة (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقتربت الساعة ) فإنهم لما اقترحوا الناقة ، وأخرجها لهم من الصخرة ، جعل لهم شرب يوم من بئرهم ، ولها شرب يوم مكان ذلك ، فشق ذلك عليهم .
فكذبوه أي كذبوا
صالحا - عليه السلام - في قوله لهم : " إنكم تعذبون إن عقرتموها " .
فعقروها أي عقرها الأشقى . وأضيف إلى الكل ; لأنهم رضوا بفعله . وقال
قتادة : ذكر لنا أنه لم يعقرها حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم ، ذكرهم وأنثاهم . وقال
الفراء : عقرها اثنان : والعرب تقول : هذان أفضل الناس ، وهذان خير الناس ، وهذه المرأة أشقى القوم فلهذا لم يقل : أشقياها .
nindex.php?page=treesubj&link=29062_31847قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=14فدمدم عليهم ربهم بذنبهم أي أهلكهم وأطبق عليهم العذاب بذنبهم الذي هو الكفر والتكذيب والعقر . وروى
الضحاك عن
ابن عباس قال : دمدم عليهم قال : دمر عليهم ربهم بذنبهم أي بجرمهم . وقال
الفراء : دمدم أي أرجف . وحقيقة الدمدمة تضعيف
[ ص: 71 ] العذاب وترديده . ويقال : دممت على الشيء أي أطبقت عليه ، ودمم عليه القبر : أطبقه . وناقة مدومة : ألبسها الشحم . فإذا كررت الإطباق قلت : دمدمت . والدمدمة : إهلاك باستئصال قاله
المؤرج . وفي الصحاح : ودمدمت الشيء : إذا ألزقته بالأرض وطحطحته . ودمدم الله عليهم : أي أهلكهم .
القشيري : وقيل دمدمت على الميت التراب : أي سويت عليه . فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=14فدمدم عليهم أي أهلكهم ، فجعلهم تحت التراب .
فسواها أي سوى عليهم الأرض . وعلى الأول فسواها أي فسوى الدمدمة والإهلاك عليهم . وذلك أن الصيحة أهلكتهم ، فأتت على صغيرهم وكبيرهم .
وقال
ابن الأنباري : دمدم أي غضب . والدمدمة : الكلام الذي يزعج الرجل . وقال بعض اللغويين : الدمدمة : الإدامة تقول العرب : ناقة مدمدمة أي سمينة .
وقيل : فسواها أي فسوى الأمة في إنزال العذاب بهم ، صغيرهم وكبيرهم ، وضيعهم وشريفهم ، وذكرهم وأنثاهم . وقرأ
ابن الزبير ( فدهدم ) وهما ، لغتان كما يقال : امتقع لونه وانتقع .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=11كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا nindex.php?page=treesubj&link=29062قَوْلُهُ تَعَالَى : كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا أَيْ بِطُغْيَانِهَا ، وَهُوَ خُرُوجُهَا عَنِ الْحَدِّ فِي الْعِصْيَانِ قَالَهُ
مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ بِطَغْوَاهَا أَيْ بِعَذَابِهَا الَّذِي وُعِدَتْ بِهِ . قَالَ : وَكَانَ اسْمُ الْعَذَابِ الَّذِي جَاءَهَا الطَّغْوَى ; لِأَنَّهُ طَغَى عَلَيْهِمْ . وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ :
[ ص: 70 ] nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=11بِطَغْوَاهَا بِأَجْمَعِهَا . وَقِيلَ : هُوَ مَصْدَرٌ ، وَخَرَجَ عَلَى هَذَا الْمَخْرَجِ ; لِأَنَّهُ أَشْكَلُ بِرُءُوسِ الْآيِ . وَقِيلَ : الْأَصْلُ بِطَغْيَاهَا ، إِلَّا أَنَّ فَعَلَى إِذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ أُبْدِلَتْ فِي الِاسْمِ وَاوًا ، لِيُفْصَلَ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْوَصْفِ . وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِفَتْحِ الطَّاءِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَالْجَحْدَرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15744وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ( بِضَمِّ الطَّاءِ ) عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ كَالرُّجْعَى وَالْحُسْنَى وَشِبْهِهِمَا فِي الْمَصَادِرِ . وَقِيلَ : هُمَا لُغَتَانِ .
إِذِ انْبَعَثَ أَيْ نَهَضَ . أَشْقَاهَا لِعَقْرِ النَّاقَةِ . وَاسْمُهُ
قِدَارُ بْنُ سَالِفٍ . وَقَدْ مَضَى فِي ( الْأَعْرَافِ ) بَيَانُ هَذَا ، وَهَلْ كَانَ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً . وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=832546أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ ، وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " أَتَدْرِي مَنْ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ " قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " عَاقِرُ النَّاقَةِ ، قَالَ : أَتَدْرِي مَنْ أَشْقَى الْآخِرِينَ ؟ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : قَاتِلُكُ " .
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ يَعْنِي صَالِحًا .
نَاقَةَ اللَّهِ ، نَاقَةَ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّحْذِيرِ كَقَوْلِكَ : الْأَسَدَ الْأَسَدَ ، وَالصَّبِيَّ الصَّبِيَّ ، وَالْحِذَارَ الْحِذَارَ . أَيْ أَحُذِرُوا نَاقَةَ اللَّهِ أَيْ عَقْرَهَا . وَقِيلَ : ذَرُوا نَاقَةَ اللَّهِ ، كَمَا قَالَ : هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .
وَسُقْيَاهَا أَيْ ذَرُوهَا وَشِرْبَهَا . وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ ( الشُّعَرَاءِ ) بَيَانُهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ . وَأَيْضًا فِي سُورَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ) فَإِنَّهُمْ لَمَّا اقْتَرَحُوا النَّاقَةَ ، وَأَخْرَجَهَا لَهُمْ مِنَ الصَّخْرَةِ ، جَعَلَ لَهُمْ شِرْبَ يَوْمٍ مِنْ بِئْرِهِمْ ، وَلَهَا شِرْبُ يَوْمٍ مَكَانَ ذَلِكَ ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ .
فَكَذَّبُوهُ أَيْ كَذَّبُوا
صَالِحًا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قَوْلِهِ لَهُمْ : " إِنَّكُمْ تُعَذَّبُونَ إِنْ عَقَرْتُمُوهَا " .
فَعَقَرُوهَا أَيْ عَقَرَهَا الْأَشْقَى . وَأُضِيفَ إِلَى الْكُلِّ ; لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِفِعْلِهِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمْ يَعْقِرْهَا حَتَّى تَابَعَهُ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ ، ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : عَقَرَهَا اثْنَانِ : وَالْعَرَبُ تَقُولُ : هَذَانَ أَفْضَلُ النَّاسِ ، وَهَذَانَ خَيْرُ النَّاسِ ، وَهَذِهِ الْمَرْأَةِ أَشْقَى الْقَوْمِ فَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ : أَشْقَيَاهَا .
nindex.php?page=treesubj&link=29062_31847قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=14فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ أَيْ أَهْلَكَهُمْ وَأَطْبَقَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ بِذَنْبِهِمُ الَّذِي هُوَ الْكُفْرُ وَالتَّكْذِيبُ وَالْعَقْرُ . وَرَوَى
الضَّحَّاكُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : دَمْدَمَ عَلَيْهِمْ قَالَ : دَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ أَيْ بِجُرْمِهِمْ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : دَمْدَمَ أَيْ أَرْجَفَ . وَحَقِيقَةُ الدَّمْدَمَةِ تَضْعِيفُ
[ ص: 71 ] الْعَذَابِ وَتَرْدِيدُهُ . وَيُقَالُ : دَمَمْتُ عَلَى الشَّيْءِ أَيْ أَطْبَقْتُ عَلَيْهِ ، وَدَمَمَ عَلَيْهِ الْقَبْرَ : أَطْبَقَهُ . وَنَاقَةٌ مَدُومَةٌ : أَلْبَسَهَا الشَّحْمَ . فَإِذَا كَرَّرْتَ الْإِطْبَاقَ قُلْتَ : دَمْدَمْتُ . وَالدَّمْدَمَةُ : إِهْلَاكٌ بِاسْتِئْصَالٍ قَالَهُ
الْمُؤَرِّجُ . وَفِي الصِّحَاحِ : وَدَمْدَمْتُ الشَّيْءَ : إِذَا أَلْزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ وَطَحْطَحْتُهُ . وَدَمْدَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ : أَيْ أَهْلَكَهُمْ .
الْقُشَيْرِيُّ : وَقِيلَ دَمْدَمْتُ عَلَى الْمَيِّتِ التُّرَابَ : أَيْ سَوَّيْتُ عَلَيْهِ . فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=14فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ أَيْ أَهْلَكَهُمْ ، فَجَعَلَهُمْ تَحْتَ التُّرَابِ .
فَسَوَّاهَا أَيْ سَوَّى عَلَيْهِمُ الْأَرْضَ . وَعَلَى الْأَوَّلِ فَسَوَّاهَا أَيْ فَسَوَّى الدَّمْدَمَةَ وَالْإِهْلَاكَ عَلَيْهِمْ . وَذَلِكَ أَنَّ الصَّيْحَةَ أَهْلَكَتْهُمْ ، فَأَتَتْ عَلَى صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ .
وَقَالَ
ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : دَمْدَمَ أَيْ غَضِبَ . وَالدَّمْدَمَةُ : الْكَلَامُ الَّذِي يُزْعِجُ الرَّجُلَ . وَقَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ : الدَّمْدَمَةُ : الْإِدَامَةُ تَقُولُ الْعَرَبُ : نَاقَةٌ مُدَمْدَمَةٌ أَيْ سَمِينَةٌ .
وَقِيلَ : فَسَوَّاهَا أَيْ فَسَوَّى الْأُمَّةَ فِي إِنْزَالِ الْعَذَابِ بِهِمْ ، صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ ، وَضِيعِهِمْ وَشَرِيفِهِمْ ، وَذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ . وَقَرَأَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ ( فَدَهْدَمَ ) وَهُمَا ، لُغَتَانِ كَمَا يُقَالُ : امْتَقَعَ لَوْنُهُ وَانْتَقَعَ .