nindex.php?page=treesubj&link=29065قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا
[ ص: 95 ] أي إن مع الضيقة والشدة يسرا ، أي سعة وغنى . ثم كرر فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=6إن مع العسر يسرا ، فقال قوم : هذا التكرير تأكيد للكلام كما يقال : ارم ارم ، اعجل اعجل قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=3كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون . ونظيره في تكرار الجواب : بلى بلى ، لا لا . وذلك للإطناب والمبالغة قاله
الفراء . ومنه قول الشاعر [
الخنساء ] :
هممت بنفسي بعض الهموم فأولى لنفسي أولى لها
وقال قوم : إن من عادة العرب إذا ذكروا اسما معرفا ثم كرروه ، فهو هو . وإذا نكروه ثم كرروه فهو غيره . وهما اثنان ، ليكون أقوى للأمل ، وأبعث على الصبر قاله
ثعلب . وقال
ابن عباس : يقول الله تعالى خلقت عسرا واحدا ، وخلقت يسرين ، ولن يغلب عسر يسرين . وجاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه السورة : أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=832592لن يغلب عسر يسرين " .
وقال
ابن مسعود : والذي نفسي بيده ، لو كان العسر في حجر ، لطلبه اليسر حتى يدخل عليه ولن يغلب عسر يسرين . وكتب
أبو عبيدة بن الجراح إلى
عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من
الروم ، وما يتخوف منهم فكتب إليه
عمر - رضي الله عنه - : أما بعد ، فإنهم مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة ، يجعل الله بعده فرجا ، وإنه لن يغلب عسر يسرين ، وإن الله تعالى يقول في كتابه :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=200يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون . وقال قوم منهم
الجرجاني : هذا قول مدخول ; لأنه يجب على هذا التدريج إذا قال الرجل : إن مع الفارس سيفا ، إن مع الفارس سيفا ، أن يكون الفارس واحدا ، والسيف اثنين . والصحيح أن يقال : إن الله بعث نبيه
محمدا - صلى الله عليه وسلم - مقلا مخفا ، فعيره المشركون بفقره ، حتى قالوا له : نجمع لك مالا فاغتم وظن أنهم كذبوه لفقره فعزاه الله ، وعدد نعمه عليه ، ووعده الغنى بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فإن مع العسر يسرا أي لا يحزنك ما عيروك به من الفقر فإن مع ذلك العسر يسرا عاجلا أي في الدنيا . فأنجز له ما وعده فلم يمت حتى فتح عليه
الحجاز واليمن ، ووسع ذات يده ، حتى كان يعطي الرجل المائتين من الإبل ، ويهب الهبات السنية ، ويعد لأهله قوت سنة . فهذا الفضل كله من أمر الدنيا وإن كان خاصا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقد يدخل فيه بعض أمته إن شاء الله تعالى . ثم ابتدأ فضلا آخرا من الآخرة وفيه تأسية وتعزية له - صلى الله عليه وسلم - فقال مبتدئا :
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=6إن مع العسر يسرا فهو شيء آخر . والدليل على ابتدائه ، تعريه من فاء أو واو أو غيرها من حروف النسق التي تدل على العطف . فهذا وعد عام لجميع المؤمنين ، لا يخرج أحد منه أي إن مع العسر في الدنيا للمؤمنين يسرا في الآخرة لا محالة . وربما اجتمع يسر الدنيا ويسر الآخرة .
والذي
[ ص: 96 ] في الخبر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=832592لن يغلب عسر يسرين " يعني العسر الواحد لن يغلبهما ، وإنما يغلب أحدهما إن غلب ، وهو يسر الدنيا فأما يسر الآخرة فكائن لا محالة ، ولن يغلبه شيء . أو يقال : إن مع العسر وهو إخراج أهل
مكة النبي - صلى الله عليه وسلم - من
مكة يسرا ، وهو دخوله يوم فتح
مكة مع عشرة آلاف رجل ، مع عز وشرف .
nindex.php?page=treesubj&link=29065قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
[ ص: 95 ] أَيْ إِنَّ مَعَ الضِّيقَةِ وَالشِّدَّةِ يُسْرًا ، أَيْ سَعَةً وَغِنًى . ثُمَّ كَرَّرَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=6إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ، فَقَالَ قَوْمٌ : هَذَا التَّكْرِيرُ تَأْكِيدٌ لِلْكَلَامِ كَمَا يُقَالُ : ارْمِ ارْمِ ، اعْجَلِ اعْجَلْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=3كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ . وَنَظِيرُهُ فِي تَكْرَارِ الْجَوَابِ : بَلَى بَلَى ، لَا لَا . وَذَلِكَ لِلْإِطْنَابِ وَالْمُبَالَغَةِ قَالَهُ
الْفَرَّاءُ . وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ [
الْخَنْسَاءِ ] :
هَمَمْتُ بِنَفْسِيَ بَعْضَ الْهُمُومِ فَأَوْلَى لِنَفْسِيَ أَوْلَى لَهَا
وَقَالَ قَوْمٌ : إِنَّ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ إِذَا ذَكَرُوا اسْمًا مُعَرَّفًا ثُمَّ كَرَّرُوهُ ، فَهُوَ هُوَ . وَإِذَا نَكَّرُوهُ ثُمَّ كَرَّرُوهُ فَهُوَ غَيْرُهُ . وَهُمَا اثْنَانِ ، لِيَكُونَ أَقْوَى لِلْأَمَلِ ، وَأَبْعَثَ عَلَى الصَّبْرِ قَالَهُ
ثَعْلَبٌ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى خَلَقْتُ عُسْرًا وَاحِدًا ، وَخَلَقْتُ يُسْرَيْنِ ، وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ . وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ السُّورَةِ : أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=832592لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ " .
وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ كَانَ الْعُسْرُ فِي حَجَرٍ ، لَطَلَبَهُ الْيُسْرُ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِ وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ . وَكَتَبَ
أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ إِلَى
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَذْكُرُ لَهُ جُمُوعًا مِنْ
الرُّومِ ، وَمَا يَتَخَوَّفُ مِنْهُمْ فَكَتَبَ إِلَيْهِ
عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّهُمْ مَهْمَا يَنْزِلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مَنْزِلِ شِدَّةٍ ، يَجْعَلِ اللَّهُ بَعْدَهُ فَرَجًا ، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=200يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . وَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ
الْجُرْجَانِيُّ : هَذَا قَوْلٌ مَدْخُولٌ ; لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى هَذَا التَّدْرِيجِ إِذَا قَالَ الرَّجُلُ : إِنَّ مَعَ الْفَارِسِ سَيْفًا ، إِنَّ مَعَ الْفَارِسِ سَيْفًا ، أَنْ يَكُونَ الْفَارِسُ وَاحِدًا ، وَالسَّيْفُ اثْنَيْنِ . وَالصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ نَبِيَّهُ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقِلًّا مُخِفًّا ، فَعَيَّرَهُ الْمُشْرِكُونَ بِفَقْرِهِ ، حَتَّى قَالُوا لَهُ : نَجْمَعُ لَكَ مَالًا فَاغْتَمَّ وَظَنَّ أَنَّهُمْ كَذَّبُوهُ لِفَقْرِهِ فَعَزَّاهُ اللَّهُ ، وَعَدَّدَ نِعَمَهُ عَلَيْهِ ، وَوَعَدَهُ الْغِنَى بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا أَيْ لَا يَحْزُنْكَ مَا عَيَّرُوكَ بِهِ مِنَ الْفَقْرِ فَإِنَّ مَعَ ذَلِكَ الْعُسْرِ يُسْرًا عَاجِلًا أَيْ فِي الدُّنْيَا . فَأَنْجَزَ لَهُ مَا وَعَدَهُ فَلَمْ يَمُتْ حَتَّى فَتَحَ عَلَيْهِ
الْحِجَازَ وَالْيَمَنَ ، وَوَسَّعَ ذَاتَ يَدِهِ ، حَتَّى كَانَ يُعْطِي الرَّجُلَ الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْإِبِلِ ، وَيَهَبُ الْهِبَاتَ السَّنِيَّةَ ، وَيُعِدُّ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَةٍ . فَهَذَا الْفَضْلُ كُلُّهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقَدْ يَدْخُلُ فِيهِ بَعْضُ أُمَّتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . ثُمَّ ابْتَدَأَ فَضْلًا آخِرًا مِنَ الْآخِرَةِ وَفِيهِ تَأْسِيَةٌ وَتَعْزِيَةٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مُبْتَدِئًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=6إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا فَهُوَ شَيْءٌ آخَرُ . وَالدَّلِيلُ عَلَى ابْتِدَائِهِ ، تَعَرِّيهِ مِنْ فَاءٍ أَوْ وَاوٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ حُرُوفِ النَّسَقِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْعَطْفِ . فَهَذَا وَعْدٌ عَامٌّ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ ، لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنْهُ أَيْ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ فِي الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِينَ يُسْرًا فِي الْآخِرَةِ لَا مَحَالَةَ . وَرُبَّمَا اجْتَمَعَ يُسْرُ الدُّنْيَا وَيُسْرُ الْآخِرَةِ .
وَالَّذِي
[ ص: 96 ] فِي الْخَبَرِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=832592لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ " يَعْنِي الْعُسْرَ الْوَاحِدَ لَنْ يَغْلِبَهُمَا ، وَإِنَّمَا يَغْلِبُ أَحَدَهُمَا إِنْ غَلَبَ ، وَهُوَ يُسْرُ الدُّنْيَا فَأَمَّا يُسْرُ الْآخِرَةِ فَكَائِنٌ لَا مَحَالَةَ ، وَلَنْ يَغْلِبَهُ شَيْءٌ . أَوْ يُقَالُ : إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ وَهُوَ إِخْرَاجُ أَهْلِ
مَكَّةَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ
مَكَّةَ يُسْرًا ، وَهُوَ دُخُولُهُ يَوْمَ فَتْحِ
مَكَّةَ مَعَ عَشَرَةِ آلَافِ رَجُلٍ ، مَعَ عِزٍّ وَشَرَفٍ .