قوله تعالى : وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم  
قوله تعالى : وإذ غدوت من أهلك  العامل في " إذ " فعل مضمر تقديره : واذكر إذ غدوت ، يعني خرجت بالصباح . من أهلك من منزلك من عند عائشة    . 
تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم  هذه غزوة أحد  وفيها نزلت هذه الآية كلها . وقال مجاهد  والحسن  ومقاتل  والكلبي    : هي غزوة الخندق    . وعن الحسن  أيضا يوم بدر    . والجمهور على أنها غزوة أحد    ; يدل عليه قوله تعالى : إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا  وهذا إنما كان يوم أحد  ، وكان المشركون قصدوا المدينة  في ثلاثة آلاف رجل ليأخذوا بثأرهم في يوم بدر    ; فنزلوا عند أحد  على شفير الوادي بقناة مقابل المدينة  ، يوم الأربعاء الثاني عشر من شوال سنة ثلاث من الهجرة ، على رأس أحد وثلاثين شهرا من الهجرة ، فأقاموا هنالك يوم الخميس والنبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة  ، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في منامه أن في سيفه ثلمة ، وأن بقرا له تذبح ، وأنه أدخل يده في درع حصينة ; فتأولها أن نفرا من أصحابه يقتلون ، وأن رجلا من أهل بيته يصاب ، وأن الدرع الحصينة المدينة    . أخرجه مسلم .  فكان كل ذلك على ما هو معروف مشهور من تلك الغزاة . وأصل التبوء اتخاذ المنزل ، بوأته منزلا إذا أسكنته إياه ; ومنه قوله عليه السلام : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار أي ليتخذ فيها منزلا . فمعنى تبوئ المؤمنين  تتخذ لهم مصاف . وذكر  البيهقي  من حديث أنس  أن   [ ص: 176 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : رأيت فيما يرى النائم كأني مردف كبشا وكأن ضبة سيفي انكسرت فأولت أني أقتل كبش القوم وأولت كسر ضبة سيفي قتل رجل من عترتي فقتل حمزة  وقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلحة  ، وكان صاحب اللواء . وذكر  موسى بن عقبة  عن ابن شهاب    : وكان حامل لواء المهاجرين  رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أنا عاصم إن شاء الله لما معي ; فقال له طلحة بن عثمان  أخو سعيد بن عثمان اللخمي    : هل لك يا عاصم في المبارزة ؟ قال نعم ; فبدره ذلك الرجل . فضرب بالسيف على رأس طلحة  حتى وقع السيف في لحيته فقتله ; فكان قتل صاحب اللواء تصديقا لرؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( كأني مردف كبشا   ) . 
				
						
						
