[ ص: 347 ]  ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين    ( 48 ) الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون   ( 49 ) وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون   ( 50 ) ) . 
قد تقدم التنبيه على أن الله تعالى كثيرا ما يقرن بين ذكر موسى  ومحمد ،  صلوات الله وسلامه عليهما ، وبين كتابيهما; ولهذا قال : ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان   ) . قال مجاهد   : يعني : الكتاب . وقال أبو صالح   : التوراة ، وقال قتادة   : التوراة ، حلالها وحرامها ، وما فرق الله بين الحق والباطل . وقال ابن زيد   : يعني : النصر . 
وجامع القول في ذلك : أن الكتب السماوية  تشتمل على التفرقة بين الحق والباطل ، والهدى والضلال ، والغي والرشاد ، والحلال والحرام ، وعلى ما يحصل نورا في القلوب ، وهداية وخوفا وإنابة وخشية; ولهذا قال : ( الفرقان وضياء وذكرا للمتقين   ) أي : [ تذكيرا ] لهم وعظة . 
ثم وصفهم فقال : ( الذين يخشون ربهم بالغيب   ) كقوله ( من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب   ) [ ق : 33 ] ، وقوله : ( إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير   ) [ الملك : 12 ] ، ( وهم من الساعة مشفقون   ) أي : خائفون وجلون . 
ثم قال تعالى : ( وهذا ذكر مبارك أنزلناه   ) يعني : القرآن العظيم ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، ( أفأنتم له منكرون   ) أي : أفتنكرونه وهو في غاية [ الجلاء ] والظهور؟ . 
				
						
						
