[ ص: 382 ]  ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين    ( 104 ) ) . 
يقول تعالى : هذا كائن يوم القيامة ، ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب   ) كما قال تعالى : ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون   ) [ الزمر : 67 ] وقد قال  البخاري   : 
حدثنا مقدم بن محمد  ، حدثني عمي القاسم بن يحيى  ، عن عبيد الله ،  عن نافع ،  عن ابن عمر ،  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :  " إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين ، وتكون السماوات بيمينه "  . 
انفرد به من هذا الوجه  البخاري ،  رحمه الله . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي ،  حدثنا  محمد بن سلمة ،  عن أبي الواصل  ، عن أبي المليح الأزدي  ، عن أبي الجوزاء الأزدي ،  عن ابن عباس  قال : يطوي الله السماوات السبع بما فيها من الخليقة والأرضين السبع بما فيها من الخليقة ، يطوي ذلك كله بيمينه ، يكون ذلك كله في يده بمنزلة خردلة . 
وقوله : ( كطي السجل للكتب   ) ، قيل : المراد بالسجل [ الكتاب . وقيل : المراد بالسجل ] هاهنا : ملك من الملائكة . 
قال ابن أبي حاتم   : حدثنا علي بن الحسين ،  حدثنا محمد بن العلاء ،  حدثنا يحيى بن يمان ،  حدثنا أبو الوفاء الأشجعي ،  عن أبيه ، عن ابن عمر  في قوله تعالى : ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب   ) ، قال : السجل : ملك ، فإذا صعد بالاستغفار قال : اكتبها نورا . 
وهكذا رواه ابن جرير ،  عن أبي كريب ،  عن ابن يمان ،  به . 
قال ابن أبي حاتم   : وروي عن  أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين  أن السجل ملك . 
وقال  السدي  في هذه الآية : السجل : ملك موكل بالصحف ، فإذا مات الإنسان رفع كتابه إلى السجل فطواه ، ورفعه إلى يوم القيامة  . 
وقيل : المراد به اسم رجل صحابي ، كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم الوحي : قال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبو زرعة ،  حدثنا  نصر بن علي الجهضمي ،  حدثنا نوح بن قيس ،  عن عمرو بن مالك ،  عن أبي الجوزاء ،  عن ابن عباس   : [ ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب   ) ] ، قال : السجل : هو الرجل .  [ ص: 383 ] 
قال نوح   : وأخبرني يزيد بن كعب - هو العوذي   - عن عمرو بن مالك ،  عن أبي الجوزاء  عن ابن عباس  قال : السجل كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم . 
وهكذا رواه أبو داود   والنسائي  عن قتيبة بن سعيد  ، عن نوح بن قيس  ، عن يزيد بن كعب  ، عن عمرو بن مالك  ، عن أبي الجوزاء ،  عن ابن عباس ،  قال : السجل كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم  . 
ورواه ابن جرير  عن  نصر بن علي الجهضمي ،  كما تقدم . ورواه  ابن عدي  من رواية يحيى بن عمرو بن مالك النكري  عن أبيه ، عن أبي الجوزاء ،  عن ابن عباس  قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم كاتب يسمى السجل وهو قوله : ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب   ) ، قال : كما يطوي السجل الكتاب ، كذلك نطوي السماء ، ثم قال : وهو غير محفوظ . 
وقال  الخطيب البغدادي  في تاريخه : أنبأنا أبو بكر البرقاني ،  أنبأنا محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي ،  أنبأنا أحمد بن الحسن الكرخي ،  أن حمدان بن سعيد  حدثهم ، عن  عبد الله بن نمير  ، عن عبيد الله بن عمر  ، عن نافع ،  عن ابن عمر ،  قال : السجل : كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم . 
وهذا منكر جدا من حديث نافع  عن ابن عمر  ، لا يصح أصلا وكذلك ما تقدم عن ابن عباس ،  من رواية أبي داود  وغيره ، لا يصح أيضا . وقد صرح جماعة من الحفاظ بوضعه - وإن كان في سنن أبي داود   - منهم شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي  ، فسح الله في عمره ، ونسأ في أجله ، وختم له بصالح عمله ، وقد أفردت لهذا الحديث جزءا على حدة ، ولله الحمد . وقد تصدى الإمام أبو جعفر ابن جرير  للإنكار على هذا الحديث ، ورده أتم رد ، وقال : لا يعرف في الصحابة أحد اسمه السجل ، وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم معروفون ، وليس فيهم أحد اسمه السجل ، وصدق رحمه الله في ذلك ، وهو من أقوى الأدلة على نكارة هذا الحديث . وأما من ذكر في أسماء الصحابة هذا ، فإنما اعتمد على هذا الحديث ، لا على غيره ، والله أعلم . والصحيح عن ابن عباس  أن السجل هي الصحيفة ، قاله علي بن أبي طلحة  والعوفي ،  عنه . ونص على ذلك مجاهد ،  وقتادة ،  وغير واحد . واختاره ابن جرير;  لأنه المعروف في اللغة ، فعلى هذا يكون معنى الكلام : ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب   ) أي : على [ هذا ] الكتاب ، بمعنى المكتوب ، كقوله : ( فلما أسلما وتله للجبين   ) [ الصافات : 103 ] ، أي : على الجبين ، وله نظائر في اللغة ، والله أعلم . 
وقوله : ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين   ) يعني : هذا كائن لا محالة ، يوم يعيد الله الخلائق خلقا جديدا ، كما بدأهم هو القادر على إعادتهم ، وذلك واجب الوقوع ، لأنه من  [ ص: 384 ] جملة وعد الله الذي لا يخلف ولا يبدل ، وهو القادر على ذلك . ولهذا قال : ( إنا كنا فاعلين   ) . 
وقال الإمام أحمد   : حدثنا  وكيع  وابن جعفر  المعنى ، قالا : حدثنا شعبة ، عن المغيرة بن النعمان ،  عن سعيد بن جبير ،  عن ابن عباس  قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال :  " إنكم محشورون إلى الله عز وجل حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده ، وعدا علينا إنا كنا فاعلين "  ; وذكر تمام الحديث ، أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة   . ورواه  البخاري  عند هذه الآية في كتابه . 
وقد روى ليث بن أبي سليم ،  عن مجاهد ،  عن عائشة  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحو ذلك . 
وقال العوفي ،  عن ابن عباس  في قوله : ( كما بدأنا أول خلق نعيده   ) قال : نهلك كل شيء ، كما كان أول مرة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					