[ ص: 691 ]  ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم    ( 261 ) ) 
هذا مثل ضربه الله تعالى لتضعيف الثواب لمن أنفق في سبيله وابتغاء مرضاته ، وأن الحسنة تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، فقال : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله   ) قال سعيد بن جبير   : في طاعة الله . وقال مكحول   : يعني به : الإنفاق في الجهاد ، من رباط الخيل وإعداد السلاح وغير ذلك ، وقال شبيب بن بشر ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس   : الجهاد والحج ، يضعف الدرهم فيهما إلى سبعمائة ضعف ; ولهذا قال الله تعالى : ( كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة   ) 
وهذا المثل أبلغ في النفوس ، من ذكر عدد السبعمائة ، فإن هذا فيه إشارة إلى أن الأعمال الصالحة ينميها الله عز وجل ، لأصحابها ، كما ينمي الزرع لمن بذره في الأرض الطيبة ، وقد وردت السنة بتضعيف الحسنة إلى سبعمائة ضعف ، قال الإمام أحمد   : 
حدثنا زياد بن الربيع أبو خداش ،  حدثنا واصل مولى ابن عيينة ،  عن بشار بن أبي سيف الجرمي ،  عن عياض بن غطيف  قال : دخلنا على أبي عبيدة [ بن الجراح   ] نعوده من شكوى أصابه وامرأته تحيفة قاعدة عند رأسه قلنا : كيف بات أبو عبيدة ؟  قالت : والله لقد بات بأجر ، قال أبو عبيدة   : ما بت بأجر ، وكان مقبلا بوجهه على الحائط ، فأقبل على القوم بوجهه ، وقال : ألا تسألوني عما قلت ؟ قالوا : ما أعجبنا ما قلت فنسألك عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  " من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله فبسبعمائة ، ومن أنفق على نفسه وأهله ، أو عاد مريضا أو ماز أذى ، فالحسنة بعشر أمثالها ، والصوم جنة ما لم يخرقها ، ومن ابتلاه الله عز وجل ، ببلاء في جسده فهو له حطة " . 
وقد روى  النسائي  في الصوم بعضه من حديث واصل به ، ومن وجه آخر موقوفا . 
حديث آخر : قال الإمام أحمد   : حدثنا محمد بن جعفر ،  حدثنا شعبة ،  عن سليمان ،  سمعت أبا عمرو الشيباني ،  عن ابن مسعود   : أن رجلا تصدق بناقة مخطومة في سبيل الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لتأتين يوم القيامة بسبعمائة ناقة مخطومة " . 
ورواه مسلم   والنسائي ،  من حديث سليمان بن مهران ،  عن الأعمش ،  به . ولفظ مسلم   : جاء رجل بناقة مخطومة ، فقال : يا رسول الله ، هذه في سبيل الله . فقال : " لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة  " . 
حديث آخر : قال أحمد   : حدثنا عمرو بن مجمع أبو المنذر الكندي ،  أخبرنا إبراهيم الهجري ،  عن أبي الأحوص ،  عن  عبد الله بن مسعود  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " إن الله عز وجل ، جعل حسنة ابن آدم بعشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ، إلا الصوم ، والصوم لي وأنا أجزي به ، وللصائم فرحتان : فرحة عند إفطاره وفرحة يوم القيامة ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك  " . 
 [ ص: 692 ] 
حديث آخر : قال [ الإمام ] أحمد   : حدثنا  وكيع ،  حدثنا الأعمش ،  عن أبي صالح ،  عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " كل عمل ابن آدم يضاعف ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلى ما شاء الله ، يقول الله : إلا الصوم ، فإنه لي وأنا أجزي به ، يدع طعامه وشهوته من أجلي ، وللصائم فرحتان : فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك . الصوم جنة ، الصوم جنة " . وكذا رواه مسلم ،  عن أبي بكر بن أبي شيبة  ،  وأبي سعيد الأشج  ، كلاهما عن  وكيع ،  به . 
حديث آخر : قال أحمد   : حدثنا حسين بن علي ،  عن زائدة ،  عن الركين ،  عن يسير بن عميلة  عن خريم بن فاتك  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أنفق نفقة في سبيل الله تضاعف بسبعمائة ضعف  " . 
حديث آخر : قال أبو داود   : حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ،  حدثنا ابن وهب ،  عن يحيى بن أيوب وسعيد بن أبي أيوب ،  عن زبان بن فائد ،  عن سهل بن معاذ ،  عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " إن الصلاة والصيام والذكر يضاعف على النفقة في سبيل الله سبعمائة ضعف "  . 
حديث آخر : قال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبي ، حدثنا هارون بن عبد الله بن مروان ،  حدثنا ابن أبي فديك  ، عن الخليل بن عبد الله  ، عن الحسن  ، عن عمران بن حصين  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أرسل بنفقة في سبيل الله ، وأقام في بيته فله بكل درهم سبعمائة درهم يوم القيامة ، ومن غزا في سبيل الله ، وأنفق في جهة ذلك فله بكل درهم سبعمائة ألف درهم "  . ثم تلا هذه الآية : ( والله يضاعف لمن يشاء   ) وهذا حديث غريب . 
وقد تقدم حديث  أبي عثمان النهدي ،  عن  أبي هريرة  في تضعيف الحسنة إلى ألفي ألف حسنة ، عند قوله : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة   ) [ البقرة : 245 ] . 
حديث آخر : قال ابن مردويه   : حدثنا عبد الله بن عبيد الله بن العسكري البزاز ،  أخبرنا الحسن بن علي بن شبيب ،  أخبرنا محمود بن خالد الدمشقي ،  أخبرنا أبي ، عن عيسى بن المسيب ،  عن نافع ،  عن ابن عمر  قال : لما نزلت هذه الآية : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله   ) قال النبي صلى الله عليه وسلم : " رب زد أمتي " قال : فأنزل الله : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا   ) قال : " رب زد أمتي " قال : فأنزل الله : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب   )  [ الزمر : 10 ] . 
وقد رواه  أبو حاتم بن حبان  في صحيحه ، عن حاجب بن أركين ،  عن أبي عمر حفص بن عمر بن عبد العزيز المقرئ ،  عن أبي إسماعيل المؤدب ،  عن عيسى بن المسيب ،  عن نافع ،  عن ابن عمر ،  فذكره . 
 [ ص: 693 ] 
وقوله هاهنا : ( والله يضاعف لمن يشاء   ) أي : بحسب إخلاصه في عمله ( والله واسع عليم   ) أي : فضله واسع كثير أكثر من خلقه ، عليم بمن يستحق ومن لا يستحق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					