( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى  ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون   ( 26 ) ) . 
يمتن تبارك وتعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش فاللباس المذكور هاهنا لستر  [ ص: 400 ] العورات - وهي السوءات والرياش والريش : هو ما يتجمل به ظاهرا ، فالأول من الضروريات ، والريش من التكملات والزيادات . 
قال ابن جرير   : " الرياش " في كلام العرب : الأثاث ، وما ظهر من الثياب . 
وقال علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس   - وحكاه البخاري - عنه : الرياش المال . وكذا قال مجاهد ،   وعروة بن الزبير  ،  والسدي  والضحاك   . 
وقال العوفي ،  عن ابن عباس   : " الرياش " اللباس ، والعيش ، والنعيم . 
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم   : " الرياش " الجمال . 
وقال  الإمام أحمد   : حدثنا  يزيد بن هارون  ، حدثنا أصبغ ،  عن أبي العلاء الشامي  قال : لبس أبو أمامة  ثوبا جديدا ، فلما بلغ ترقوته قال : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي ، وأتجمل به في حياتي  . ثم قال : سمعت  عمر بن الخطاب  يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " من استجد ثوبا فلبسه فقال حين يبلغ ترقوته : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي ، وأتجمل به في حياتي ثم عمد إلى الثوب الذي خلق أو ألقى فتصدق به ، كان في ذمة الله ، وفي جوار الله ، وفي كنف الله حيا وميتا ، حيا وميتا ، حيا وميتا "  . 
ورواه الترمذي ،   وابن ماجه  ، من رواية  يزيد بن هارون  ، عن أصبغ - هو ابن زيد الجهني   - وقد وثقه  يحيى بن معين  وغيره ، وشيخه " أبو العلاء الشامي   " لا يعرف إلا بهذا الحديث ، ولكن لم يخرجه أحد ، والله أعلم . 
وقال  الإمام أحمد  أيضا : حدثنا محمد بن عبيد  ، حدثنا مختار بن نافع التمار  ، عن أبي مطر   ; أنه رأى عليا ،  رضي الله عنه ، أتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ، ولبسه إلى ما بين الرسغين إلى الكعبين ، يقول ولبسه : الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس ، وأواري به عورتي . فقيل : هذا شيء ترويه عن نفسك أو عن نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : هذا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الكسوة : " الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس ، وأواري به عورتي  " 
وقوله تعالى : ( ولباس التقوى ذلك خير   ) قرأ بعضهم : " ولباس التقوى " ، بالنصب . وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء ، ( ذلك خير   ) خبره . 
واختلف المفسرون في معناه ، فقال عكرمة   : يقال : هو ما يلبسه المتقون يوم القيامة . رواه ابن أبي حاتم   . 
 [ ص: 401 ] وقال زيد بن علي  ،  والسدي ،  وقتادة ،   وابن جريج   : ( ولباس التقوى   ) الإيمان . 
وقال العوفي ،  عن ابن عباس  رضي الله عنه : ( ولباس التقوى   ) العمل الصالح . 
وقال زياد بن عمرو  ، عن ابن عباس   : هو السمت الحسن في الوجه . 
وعن عروة بن الزبير   : ( لباس التقوى ) خشية الله . 
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم   : ( لباس التقوى ) يتقي الله ، فيواري عورته ، فذاك لباس التقوى . 
وكل هذه متقاربة ، ويؤيد ذلك - الحديث الذي رواه ابن جرير  حيث قال : 
حدثني المثنى ،  حدثنا إسحاق بن الحجاج  ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل  ، عن سليمان بن أرقم  ، عن الحسن  قال : رأيت  عثمان بن عفان  رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه قميص قوهي محلول الزر ، وسمعته يأمر بقتل الكلاب ، وينهى عن اللعب بالحمام . ثم قال : يا أيها الناس ، اتقوا الله في هذه السرائر ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  " والذي نفس محمد  بيده ، ما عمل أحد قط سرا إلا ألبسه الله رداء علانية ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر " ثم تلا هذه الآية : " ورياشا " ولم يقرأ : وريشا - ( ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله   ) قال : " السمت الحسن "  . 
هكذا رواه ابن جرير  من رواية سليمان بن أرقم  وفيه ضعف . وقد روى الأئمة :  الشافعي ،  وأحمد ،   والبخاري  في كتاب " الأدب " من طرق صحيحة ، عن  الحسن البصري   ; أنه سمع  أمير المؤمنين عثمان بن عفان  يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام ، يوم الجمعة على المنبر  . 
وأما المرفوع منه فقد روى  الحافظ أبو القاسم الطبراني  في معجمه الكبير - له شاهدا من وجه آخر ، حيث قال : حدثنا . . . 
 [ ص: 402 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					