( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله  قالوا إن الله حرمهما على الكافرين   ( 50 ) الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون   ( 51 ) ) . 
يخبر تعالى عن ذلة أهل النار وسؤالهم أهل الجنة من شرابهم وطعامهم ، وأنهم لا يجابون إلى ذلك . 
قال  السدي   : ( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله   )  [ ص: 424 ] يعني : الطعام وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم   : يستطعمونهم ويستسقونهم . 
وقال الثوري ،  عن عثمان الثقفي  ، عن سعيد بن جبير  في هذه الآية قال : ينادي الرجل أباه أو أخاه فيقول : قد احترقت ، أفض علي من الماء . فيقال لهم : أجيبوهم . فيقولون : ( إن الله حرمهما على الكافرين   )  . 
وروي من وجه آخر عن سعيد ،  عن ابن عباس  ، مثله سواء . 
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم   : ( إن الله حرمهما على الكافرين   ) يعني : طعام الجنة وشرابها  . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبي ، حدثنا نصر بن علي  ، أخبرنا موسى بن المغيرة  ، حدثنا أبو موسى الصفار  في دار عمرو بن مسلم  قال : سألت ابن عباس   - أو : سئل - : أي الصدقة أفضل؟  فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفضل الصدقة الماء ، ألم تسمع إلى أهل النار لما استغاثوا بأهل الجنة قالوا : ( أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله   )  . 
وقال أيضا : حدثنا أحمد بن سنان  ، حدثنا أبو معاوية  ، حدثنا الأعمش  عن أبي صالح  قال : لما مرض أبو طالب  قالوا له : لو أرسلت إلى ابن أخيك هذا ، فيرسل إليك بعنقود من الجنة لعله أن يشفيك به . فجاءه الرسول وأبو بكر  عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر   : إن الله حرمهما على الكافرين  . 
ثم وصف تعالى الكافرين بما كانوا يعتمدونه في الدنيا من اتخاذهم الدين لهوا ولعبا ، واغترارهم بالدنيا وزينتها وزخرفها عما أمروا به من العمل للدار الآخرة . 
قوله ( فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا   ) أي : نعاملهم معاملة من نسيهم; لأنه تعالى لا يشذ عن علمه شيء ولا ينساه ، كما قال تعالى : ( في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى   ) [ طه : 52 ] . 
وإنما قال تعالى هذا من باب المقابلة ، كما قال : ( نسوا الله فنسيهم   ) [ التوبة : 67 ] وقال : ( كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى   ) [ طه : 126 ] وقال تعالى : ( وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا   ) [ الجاثية : 34 ] . 
وقال العوفي ،  عن ابن عباس  في قوله ( فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا   ) قال : نسيهم الله من الخير ، ولم ينسهم من الشر  . 
 [ ص: 425 ] وقال علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس  قال : نتركهم ، كما تركوا لقاء يومهم هذا . وقال مجاهد   : نتركهم في النار . وقال  السدي   : نتركهم من الرحمة ، كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا . 
وفي الصحيح أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : " ألم أزوجك؟ ألم أكرمك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول : بلى . فيقول : أظننت أنك ملاقي؟ فيقول : لا . فيقول الله : فاليوم أنساك كما نسيتني  " 
				
						
						
