( أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون    ( 63 ) فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين   ( 64 ) ) 
يقول تعالى إخبارا عن نوح  عليه السلام أنه قال لقومه : ( أوعجبتم [ أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون ]   ) أي لا تعجبوا من هذا ، فإن هذا ليس يعجب أن يوحي الله إلى رجل منكم ، رحمة بكم ولطفا وإحسانا إليكم ، لإنذاركم ولتتقوا نقمة الله ولا تشركوا به ، ( ولعلكم ترحمون   ) 
قال الله تعالى : ( فكذبوه ) أي : فتمادوا على تكذيبه ومخالفته ، وما آمن معه منهم إلا قليل ، كما نص عليه في موضع آخر ، ( فأنجيناه والذين معه في الفلك   ) وهي السفينة ، كما قال : ( فأنجيناه وأصحاب السفينة   ) [ العنكبوت : 15 ] ( وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا   ) كما قال : ( مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا   ) [ نوح : 25 ] 
وقوله : ( إنهم كانوا قوما عمين   ) أي : عن الحق ، لا يبصرونه ولا يهتدون له . 
فبين تعالى في هذه القصة أنه انتقم لأوليائه من أعدائه ، وأنجى رسوله والمؤمنين ، وأهلك أعداءهم  [ ص: 433 ] من الكافرين ، كما قال تعالى : ( إنا لننصر رسلنا [ والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد  يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ] ولهم سوء الدار   ) [ غافر : 51 ، 52 ] 
وهذه سنة الله في عباده في الدنيا والآخرة ، أن العاقبة للمتقين والظفر والغلب لهم ، كما أهلك قوم نوح    [ عليه السلام ] بالغرق ونجى نوحا  وأصحابه المؤمنين . 
قال مالك ،  عن  زيد بن أسلم   : كان قوم نوح  قد ضاق بهم السهل والجبل  . 
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم   : ما عذب الله قوم نوح  عليه السلام إلا والأرض ملأى بهم ، وليس بقعة من الأرض إلا ولها مالك وحائز  . 
وقال ابن وهب   : بلغني عن ابن عباس   : أنه نجا مع نوح  عليه السلام في السفينة ثمانون رجلا أحدهم " جرهم " ، وكان لسانه عربيا  . 
رواهن ابن أبي حاتم   . وقد روي هذا الأثر الأخير من وجه آخر متصلا عن ابن عباس  ، رضي الله عنهما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					