( وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون    ( 65 ) قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين   ( 66 ) قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين   ( 67 ) ) 
( أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين   ( 68 ) أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون   ( 69 ) ) 
يقول تعالى : وكما أرسلنا إلى قوم نوح   نوحا ،  كذلك أرسلنا إلى عاد  أخاهم هودا   . 
قال محمد بن إسحاق   : هم من ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح   . 
قلت : وهؤلاء هم عاد  الأولى ، الذين ذكرهم الله تعالى وهم أولاد عاد بن إرم  الذين كانوا يأوون إلى العمد في البر ، كما قال تعالى : ( ألم تر كيف فعل ربك بعاد  إرم ذات العماد  التي لم يخلق مثلها في البلاد   ) [ الفجر : 6 - 8 ] وذلك لشدة بأسهم وقوتهم ، كما قال تعالى : ( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون   ) [ فصلت : 15 ] . 
وقد كانت مساكنهم باليمن  بالأحقاف ، وهي جبال الرمل . 
 [ ص: 434 ] قال محمد بن إسحاق  ، عن محمد بن عبد الله بن أبي سعيد الخزاعي  ، عن  أبي الطفيل عامر بن واثلة  ، سمعت  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه يقول لرجل من حضرموت   : هل رأيت كثيبا أحمر تخالطه مدرة حمراء ذا أراك وسدر كثير بناحية كذا وكذا من أرض حضرموت  ، هل رأيته ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين . والله إنك لتنعته نعت رجل قد رآه . قال : لا ولكني قد حدثت عنه . فقال الحضرمي   : وما شأنه يا أمير المؤمنين ؟ قال : فيه قبر هود  ، عليه السلام  . 
رواه ابن جرير  وهذا فيه فائدة أن مساكنهم كانت باليمن ،  وأن هودا ،  عليه السلام ، دفن هناك ، وقد كان من أشرف قومه نسبا ; لأن الرسل صلوات الله عليهم إنما يبعثهم الله من أفضل القبائل وأشرفهم ، ولكن كان قومه كما شدد خلقهم شدد على قلوبهم ، وكانوا من أشد الأمم تكذيبا للحق ; ولهذا دعاهم هود ،  عليه السلام ، إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وإلى طاعته وتقواه . 
( قال الملأ الذين كفروا من قومه   ) - والملأ هم : الجمهور والسادة والقادة منهم - : ( إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين   ) أي : في ضلالة حيث دعوتنا إلى ترك عبادة الأصنام ، والإقبال إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما تعجب الملأ من قريش  من الدعوة إلى إله واحد ) فقالوا ) ( أجعل الآلهة إلها واحدا [ إن هذا لشيء عجاب ]   ) [ ص : 5 ] . 
( قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين   ) أي : لست كما تزعمون ، بل جئتكم بالحق من الله الذي خلق كل شيء ، فهو رب كل شيء ومليكه ( أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين   ) وهذه الصفات التي يتصف بها الرسل البلاغة والنصح والأمانة . 
( أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم   ) أي : لا تعجبوا أن بعث الله إليكم رسولا من أنفسكم لينذركم أيام الله ولقاءه ، بل احمدوا الله على ذاكم ، ( واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح   ) أي : واذكروا نعمة الله عليكم إذ جعلكم من ذرية نوح ،  الذي أهلك الله أهل الأرض بدعوته ، لما خالفوه وكذبوه ، ( وزادكم في الخلق بسطة   ) أي : زاد طولكم على الناس بسطة ، أي : جعلكم أطول من أبناء جنسكم ، كما قال تعالى : في قصة طالوت   : ( وزاده بسطة في العلم والجسم   ) [ البقرة : 247 ] ( فاذكروا آلاء الله   ) أي : نعمه ومننه عليكم ( لعلكم تفلحون   ) [ وآلاء جمع ألى وقيل : إلى ] 
 [ ص: 435 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					