( أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون    ( 5 ) ) 
يقول الله تعالى : ( أولئك ) أي : المتصفون بما تقدم : من الإيمان بالغيب ، وإقام الصلاة ، والإنفاق من الذي رزقهم الله ، والإيمان بما أنزل الله إلى الرسول ومن قبله من الرسل ، والإيقان بالدار الآخرة ، وهو يستلزم الاستعداد لها من العمل بالصالحات وترك المحرمات . 
( على هدى   ) أي : نور وبيان وبصيرة من الله تعالى . ( وأولئك هم المفلحون   ) أي : في الدنيا والآخرة . 
 [ ص: 172 ] 
وقال محمد بن إسحاق  ، عن محمد بن أبي محمد ،  عن عكرمة  أو سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس   : ( أولئك على هدى من ربهم   ) أي : على نور من ربهم ، واستقامة على ما جاءهم ، ( وأولئك هم المفلحون   ) أي : الذين أدركوا ما طلبوا ، ونجوا من شر ما منه هربوا . 
وقال ابن جرير   : وأما معنى قوله : ( أولئك على هدى من ربهم   ) فإن معنى ذلك : أنهم على نور من ربهم ، وبرهان واستقامة وسداد ، بتسديد الله إياهم ، وتوفيقه لهم وتأويل قوله : ( وأولئك هم المفلحون   ) أي المنجحون المدركون ما طلبوا عند الله بأعمالهم وإيمانهم بالله وكتبه ورسله ، من الفوز بالثواب ، والخلود في الجنات ، والنجاة مما أعد الله لأعدائه من العقاب . 
وقد حكى ابن جرير  قولا عن بعضهم أنه أعاد اسم الإشارة في قوله تعالى : ( أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون   ) إلى مؤمني أهل الكتاب الموصوفين بقوله تعالى : ( والذين يؤمنون بما أنزل إليك   ) الآية ، على ما تقدم من الخلاف . [ قال ] وعلى هذا فيجوز أن يكون قوله تعالى : ( والذين يؤمنون بما أنزل إليك   ) منقطعا مما قبله ، وأن يكون مرفوعا على الابتداء وخبره (  [ أولئك على هدى من ربهم و ] أولئك هم المفلحون   ) واختار أنه عائد إلى جميع من تقدم ذكره من مؤمني العرب وأهل الكتاب ، لما رواه  السدي  عن أبي مالك  ، وعن أبي صالح  ، عن ابن عباس  ، وعن  مرة الهمداني  عن ابن مسعود  ، وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما الذين يؤمنون بالغيب ، فهم المؤمنون من العرب ، والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك هم المؤمنون من أهل الكتاب  . ثم جمع الفريقين فقال : ( أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون   ) وقد تقدم من الترجيح أن ذلك صفة للمؤمنين عامة ، والإشارة عائدة عليهم ، والله أعلم . وقد نقل هذا عن مجاهد ،   وأبي العالية  ،  والربيع بن أنس  ، وقتادة ،  رحمهم الله . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح المصري  ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن لهيعة  ، حدثني عبيد الله بن المغيرة  عن أبي الهيثم واسمه سليمان بن عبد  ، عن عبد الله بن عمرو ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل له : يا رسول الله ، إنا نقرأ من القرآن فنرجو ، ونقرأ من القرآن فنكاد أن نيأس ، أو كما قال . قال : فقال : أفلا أخبركم عن أهل الجنة وأهل النار ؟ . قالوا : بلى يا رسول الله . قال : ( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه   ) إلى قوله تعالى : ( المفلحون ) هؤلاء أهل الجنة . قالوا : إنا نرجو أن نكون هؤلاء . ثم قال : ( إن الذين كفروا سواء عليهم   ) إلى قوله : ( عظيم ) هؤلاء أهل النار . قالوا : لسنا هم يا رسول الله . قال : أجل  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					