( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار    ( 28 ) جهنم يصلونها وبئس القرار   ( 29 ) وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار   ( 30 ) ) 
قال البخاري : قوله : ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا   ) ألم تعلم ؟ كقوله : ( ألم تر كيف   ) [ إبراهيم : 24 ] ( ألم تر إلى الذين خرجوا   ) [ البقرة : 243 ] البوار : الهلاك ، بار يبور بورا ، و ( قوما بورا   ) [ الفرقان : 18 ، الفتح : 12 ] هالكين . 
حدثنا علي بن عبد الله  ، حدثنا سفيان  ، عن عمرو  ، عن عطاء سمع ابن عباس   : ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا   ) قال : هم كفار أهل مكة   . 
وقال العوفي  ، عن ابن عباس  في هذه الآية : هو جبلة بن الأيهم  ، والذين اتبعوه من العرب ، فلحقوا بالروم   . والمشهور الصحيح عن ابن عباس  هو القول الأول ، وإن كان المعنى يعم جميع الكفار ; فإن الله تعالى بعث محمدا   - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين ، ونعمة للناس ، فمن قبلها وقام بشكرها دخل الجنة ، ومن ردها وكفرها دخل النار . 
وقد روي عن علي  نحو قول ابن عباس  الأول ، قال ابن أبي حاتم   : 
حدثنا أبي ، حدثنا مسلم بن إبراهيم  ، حدثنا شعبة  ، عن القاسم بن أبي بزة  ، عن  أبي الطفيل   : أن ابن الكواء  سأل عليا  عن ( الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار   ) قال : كفار قريش  يوم بدر   . 
حدثنا المنذر بن شاذان  ، حدثنا يعلى بن عبيد  ، حدثنا بسام   - هو الصيرفي   - عن  أبي الطفيل  قال : جاء رجل إلى علي  فقال : يا أمير المؤمنين من الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار  [ ص: 509 ] البوار ؟ قال : منافقو قريش   . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبي ، حدثنا ابن نفيل  قال : قرأت على معقل  ، عن ابن أبي حسين  قال : قام  علي بن أبي طالب   - رضي الله عنه - فقال : ألا أحد يسألني عن القرآن ، فوالله لو أعلم اليوم أحدا أعلم مني به - وإن كان من وراء البحار - لأتيته ؟ فقام عبد الله بن الكواء  فقال : من الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ؟ فقال : مشركو قريش ،  أتتهم نعمة الله : الإيمان ، فبدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار  . 
وقال العدوي  في قوله : ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا   ) الآية ، ذكر مسلم  المستوفى عن علي  أنه قال : هم الأفجران من قريش   : بنو أمية ،  وبنو المغيرة ،  فأما بنو المغيرة  فأحلوا قومهم دار البوار يوم بدر ،  وأما بنو أمية  فأحلوا قومهم دار البوار يوم أحد   . وكان أبو جهل  يوم بدر ،  وأبو سفيان  يوم أحد   . وأما دار البوار فهي جهنم . 
وقال ابن أبي حاتم   - رحمه الله - : حدثنا محمد بن يحيى  ، حدثنا الحارث بن منصور  ، عن إسرائيل  ، عن أبي إسحاق  ، عن عمرو بن مرة  قال : سمعت عليا قرأ هذه الآية : ( وأحلوا قومهم دار البوار   ) قال : هم الأفجران من قريش   : بنو أمية  وبنو المغيرة ،  فأما بنو المغيرة  فأهلكوا يوم بدر  ، وأما بنو أمية  فمتعوا إلى حين  . 
ورواه أبو إسحاق  ، عن عمرو بن مرة  ، عن علي  ، نحوه ، وروي من غير وجه عنه . 
وقال  سفيان الثوري  ، عن علي بن زيد  ، عن يوسف بن سعد  ، عن  عمر بن الخطاب  في قوله : ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا   ) قال : هم الأفجران من قريش   : بنو المغيرة  وبنو أمية ،  فأما بنو المغيرة  فكفيتموهم يوم بدر ،  وأما بنو أمية  فمتعوا إلى حين . 
وكذا رواه حمزة الزيات  ، عن عمرو بن مرة  قال : قال ابن عباس   لعمر بن الخطاب   : يا أمير المؤمنين ، هذه الآية : ( الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار   ) قال : هم الأفجران من قريش   : أخوالي وأعمامك فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر ،  وأما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين . 
وقال مجاهد   وسعيد بن جبير  والضحاك  وقتادة بن زيد  هم كفار قريش  الذين قتلوا يوم بدر  وكذا رواه مالك  في تفسيره عن نافع  ، عن ابن عمر   . 
وقوله : ( وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله   ) أي : جعلوا له شركاء عبدوهم معه ، ودعوا الناس إلى ذلك . 
ثم قال تعالى مهددا لهم ومتوعدا لهم على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - : ( قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار   )  [ ص: 510 ] أي : مهما قدرتم عليه في الدنيا فافعلوا ، فمهما يكن من شيء ( فإن مصيركم إلى النار   ) أي : مرجعكم وموئلكم إليها ، كما قال تعالى : ( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ   ) [ لقمان : 24 ] وقال تعالى : ( متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون   ) [ يونس : 70 ] . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					