[ ص: 575 ]  ( أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون    ( 45 ) أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين   ( 46 ) أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم   ( 47 ) ) 
يخبر تعالى عن حلمه [ وإمهاله ] وإنظاره العصاة الذين يعملون السيئات ويدعون إليها  ، ويمكرون بالناس في دعائهم إياهم وحملهم عليها ، مع قدرته على ( أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون   ) أي : من حيث لا يعلمون مجيئه إليهم ، كما قال تعالى : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير   ) [ الملك : 16 ، 17 ] وقوله ( أو يأخذهم في تقلبهم   ) أي : في تقلبهم في المعايش واشتغالهم بها ، من أسفار ونحوها من الأشغال الملهية . 
قال قتادة   والسدي   : ( تقلبهم ) أي : أسفارهم . 
وقال مجاهد  ، والضحاك   : ( في تقلبهم   ) في الليل والنهار ، كما قال تعالى : ( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون   ) [ الأعراف : 97 ، 98 ] . وقوله ( فما هم بمعجزين   ) أي : لا يعجزون الله على أي حال كانوا عليه . 
وقوله : ( أو يأخذهم على تخوف   ) أي : أو يأخذهم الله في حال خوفهم من أخذه لهم ، فإنه يكون أبلغ وأشد حالة الأخذ ; فإن حصول ما يتوقع مع الخوف شديد ; ولهذا قال العوفي  ، عن ابن عباس   : ( أو يأخذهم على تخوف   ) يقول : إن شئت أخذته على أثر موت صاحبه وتخوفه بذلك . وكذا روي عن مجاهد  ، والضحاك  ، وقتادة  وغيرهم . 
ثم قال تعالى : ( فإن ربكم لرءوف رحيم   ) أي : حيث لم يعاجلكم بالعقوبة ، كما ثبت في الصحيحين  " [ لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله ، إنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم "  . وفي الصحيحين ] إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد   ) [ هود : 102 ] وقال تعالى : ( وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير   ) [ الحج : 48 ]  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					