( وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا    ( 2 ) ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا   ( 3 ) ) . 
لما ذكر تعالى أنه أسرى بعبده محمد - صلوات الله وسلامه عليه - عطف بذكر موسى  عبده  [ ص: 46 ] وكليمه [ عليه السلام ] أيضا ، فإنه تعالى كثيرا ما يقرن بين ذكر موسى  ومحمد  عليهما السلام وبين ذكر التوراة والقرآن ؛ ولهذا قال بعد ذكر الإسراء : ( وآتينا موسى الكتاب   ) يعني التوراة ) وجعلناه ) أي الكتاب ) هدى ) أي هاديا ( لبني إسرائيل ألا تتخذوا   ) أي لئلا تتخذوا ( من دوني وكيلا   ) أي وليا ولا نصيرا ولا معبودا دوني ؛ لأن الله تعالى أنزل على كل نبي أرسله أن يعبده وحده لا شريك له . 
ثم قال : ( ذرية من حملنا مع نوح   ) تقديره : يا ذرية من حملنا مع نوح . فيه تهييج وتنبيه على المنة ، أي : يا سلالة من نجينا فحملنا مع نوح في السفينة ، تشبهوا بأبيكم ، ( إنه كان عبدا شكورا   ) فاذكروا أنتم نعمتي عليكم بإرسالي إليكم محمدا  صلى الله عليه وسلم . وقد ورد في الحديث وفي الأثر عن السلف : أن نوحا  ، عليه السلام ، كان يحمد الله [ تعالى ] على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كله ؛ فلهذا سمي عبدا شكورا . 
قال :  الطبراني  حدثنا علي بن عبد العزيز  ، حدثنا أبو نعيم  ، حدثنا سفيان  ، عن أبي حصين  ، عن عبد الله بن سنان  ، عن سعد بن مسعود الثقفي  قال : إنما سمي نوح  عبدا شكورا ؛ لأنه كان إذا أكل أو شرب حمد الله . 
وقد قال  الإمام أحمد   : حدثنا أبو أسامة  ، حدثنا زكريا بن أبي زائدة  ، عن سعيد بن أبي بردة  ، عن أنس بن مالك   - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة أو يشرب الشربة فيحمد الله عليها  " . 
وهكذا رواه مسلم   والترمذي   والنسائي  من طريق أبي أسامة  ، به . 
وقال مالك  ، عن  زيد بن أسلم   : كان يحمد الله على كل حال  . 
وقد ذكر  البخاري  هنا حديث أبي زرعة  ، عن  أبي هريرة   [ رضي الله عنه ] ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنا سيد الناس يوم القيامة - بطوله ، وفيه - : فيأتون نوحا  فيقولون : يا نوح  ، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وقد سماك الله عبدا شكورا ، اشفع لنا إلى ربك  " وذكر الحديث بكماله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					