[ ص: 408 ] القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا    ) 
قال أبو جعفر :  يعني بقوله جل وعز : " يضل به كثيرا   " يضل الله به كثيرا من خلقه . والهاء في " به " من ذكر المثل . وهذا خبر من الله جل ثناؤه مبتدأ ، ومعنى الكلام : أن الله يضل بالمثل الذي يضربه كثيرا من أهل النفاق والكفر : 
567 - كما حدثني موسى بن هارون ،  قال : حدثنا عمرو بن حماد ،  قال : حدثنا أسباط  ، عن  السدي ،  في خبر ذكره ، عن أبي مالك ،  وعن أبي صالح ،  عن ابن عباس  ، وعن مرة  ، عن ابن مسعود  ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " يضل به كثيرا   " يعني المنافقين ، " ويهدي به كثيرا   " يعني المؤمنين . 
- فيزيد هؤلاء ضلالا إلى ضلالهم ، لتكذيبهم بما قد علموه حقا يقينا من المثل الذي ضربه الله لما ضربه له ، وأنه لما ضربه له موافق . فذلك إضلال الله إياهم به . ويهدي به   " يعني بالمثل ، كثيرا من أهل الإيمان والتصديق ، فيزيدهم هدى إلى هداهم وإيمانا إلى إيمانهم . لتصديقهم بما قد علموه حقا يقينا أنه موافق ما ضربه الله له مثلا وإقرارهم به . وذلك هداية من الله لهم به . 
وقد زعم بعضهم أن ذلك خبر عن المنافقين ، كأنهم قالوا : ماذا أراد الله بمثل لا يعرفه كل أحد ، يضل به هذا ويهدي به هذا . ثم استؤنف الكلام والخبر عن الله ، فقال الله : " وما يضل به إلا الفاسقين   " وفيما في سورة المدثر - من قول الله : " وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء   " - ما ينبئ عن أنه في سورة البقرة كذلك مبتدأ ، أعني قوله : " يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا   " 
				
						
						
