القول في تأويل قوله ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا    ( 15 ) ) 
قال أبو جعفر    : يعني بقوله - جل ثناؤه - : واللاتي يأتين الفاحشة  والنساء اللاتي يأتين بالزنا ، أي يزنين " من نسائكم " وهن محصنات ذوات أزواج أو غير ذوات أزواج فاستشهدوا عليهن أربعة منكم  ، يقول : فاستشهدوا عليهن بما أتين به من الفاحشة أربعة رجال من رجالكم ، يعني : من المسلمين " فإن شهدوا " عليهن فأمسكوهن في البيوت  ، يقول : فاحبسوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت  ، يقول : حتى يمتن أو يجعل الله لهن سبيلا  ، يعني : أو يجعل الله لهن مخرجا وطريقا إلى النجاة مما أتين به من الفاحشة . 
 [ ص: 74 ] وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
8795 - حدثنا أبو هشام الرفاعي محمد بن يزيد  قال : حدثنا يحيى بن أبي زائدة ،  عن  ابن جريج ،  عن مجاهد    : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت  ، أمر بحبسهن في البيوت حتى يمتن أو يجعل الله لهن سبيلا  ، قال : الحد   . 
8796 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  في قوله : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم  ، قال : الزنا ، كان أمر بحبسهن حين يشهد عليهن أربعة حتى يمتن أو يجعل الله لهن سبيلا  ، والسبيل الحد   . 
8797 - حدثنا المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني معاوية بن صالح ،  عن علي بن أبي طلحة ،  عن ابن عباس  قوله : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم  إلى أو يجعل الله لهن سبيلا  ، فكانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت ، ثم أنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة    ) [ سورة النور : 2 ] ، فإن كانا محصنين رجما . فهذا سبيلهما الذي جعل الله لهما . 
8798 - حدثني محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : أو يجعل الله لهن سبيلا  ، فقد جعل الله لهن ، وهو الجلد والرجم   . 
 [ ص: 75 ]   8799 - حدثني بشر بن معاذ  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : واللاتي يأتين الفاحشة  ، حتى بلغ : أو يجعل الله لهن سبيلا  ، كان هذا من قبل الحدود ، فكانا يؤذيان بالقول جميعا ، وبحبس المرأة . ثم جعل الله لهن سبيلا فكان سبيل من أحصن جلد مائة ثم رميا بالحجارة ، وسبيل من لم يحصن جلد مائة ونفي سنة   . 
8800 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثنا حجاج ،  عن  ابن جريج  قال : قال عطاء بن أبي رباح   وعبد الله بن كثير    : " الفاحشة " الزنا ، " والسبيل " الحد ، الرجم والجلد   . 
8801 - حدثنا محمد بن الحسين  قال : حدثنا أحمد بن مفضل  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي    : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم  إلى : أو يجعل الله لهن سبيلا  ، هؤلاء اللاتي قد نكحن وأحصن . إذا زنت المرأة فإنها كانت تحبس في البيت ، ويأخذ زوجها مهرها فهو له ، فذلك قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة    ) الزنا ( وعاشروهن بالمعروف    )   [ ص: 76 ]   [ سورة النساء : 19 ] ، حتى جاءت الحدود فنسختها ، فجلدت ورجمت ، وكان مهرها ميراثا ، فكان " السبيل " هو الجلد . 
8802 - حدثت عن الحسين بن الفرج  قال : سمعت أبا معاذ  يقول ، أخبرنا عبيد بن سلمان  قال : سمعت الضحاك بن مزاحم  يقول في قوله : أو يجعل الله لهن سبيلا  ، قال : الحد ، نسخ الحد هذه الآية   . 
8803 - حدثنا أبو هشام الرفاعي  قال : حدثنا يحيى ،  عن إسرائيل ،  عن خصيف ،  عن مجاهد    : أو يجعل الله لهن سبيلا  ، قال : جلد مائة الفاعل والفاعلة . 
8804 - حدثنا الرفاعي  قال : حدثنا يحيى ،  عن ورقاء ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  قال : الجلد . 
8805 - حدثنا  محمد بن بشار  قال : حدثنا  معاذ بن هشام  قال : حدثنا أبي ، عن قتادة ،  عن الحسن ،  عن حطان بن عبد الله الرقاشي ،  عن عبادة بن الصامت ،  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نزل عليه الوحي نكس رأسه ، ونكس أصحابه رءوسهم ، فلما سري عنه رفع رأسه فقال : قد جعل الله لهن سبيلا : الثيب بالثيب ، والبكر بالبكر . أما الثيب فتجلد ثم ترجم ، وأما البكر فتجلد ثم تنفى " .  [ ص: 77 ]   8806 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا عبد الأعلى  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة ،  عن الحسن ،  عن حطان بن عبد الله ،  عن عبادة بن الصامت  قال : قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : " خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب تجلد مائة وترجم بالحجارة ، والبكر جلد مائة ونفي سنة " . 
8807 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  عن الحسن ،  عن حطان بن عبد الله  أخي بني رقاش ، عن عبادة بن الصامت    : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد له وجهه ، فأنزل الله عليه ذات يوم ، فلقي ذلك . فلما سري عنه قال : " خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب ، جلد مائة ثم رجم بالحجارة ، والبكر بالبكر ، جلد مائة ثم نفي سنة   " . 
8808 - حدثنا يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا   [ ص: 78 ] قال : يقول : لا تنكحوهن حتى يتوفاهن الموت ، ولم يخرجهن من الإسلام . ثم نسخ هذا ، وجعل السبيل أن يجعل لهن سبيلا قال : فجعل لها السبيل إذا زنت وهي محصنة رجمت وأخرجت ، وجعل السبيل للبكر جلد مائة   . 
8809 - حدثني يحيى بن أبي طالب  قال : أخبرنا يزيد  قال : أخبرنا جويبر ،  عن الضحاك  في قوله : حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا  قال : الجلد والرجم   . 
8810 - حدثنا  ابن المثنى  قال : حدثنا محمد بن جعفر  قال : حدثنا شعبة ،  عن قتادة ،  عن الحسن  ، عن حطان بن عبد الله الرقاشي ،  عن عبادة بن الصامت  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا ، الثيب بالثيب والبكر بالبكر ، الثيب تجلد وترجم والبكر تجلد وتنفى   " . 
 [ ص: 79 ]   8811 - حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي  قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ،  عن إسماعيل بن مسلم البصري ،  عن الحسن ،  عن عبادة بن الصامت  قال : كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ احمر وجهه ، وكان يفعل ذلك إذا نزل عليه الوحي ، فأخذه كهيئة الغشي لما يجد من ثقل ذلك ، فلما أفاق قال : " خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلا ، البكران يجلدان وينفيان سنة ، والثيبان يجلدان ويرجمان   " . 
 [ ص: 80 ] قال أبو جعفر    : وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله : أو يجعل الله لهن سبيلا    " قول من قال : السبيل التي جعلها الله - جل ثناؤه - للثيبين المحصنين ، الرجم بالحجارة ، وللبكرين جلد مائة ونفي سنة لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رجم ولم يجلد وإجماع الحجة التي لا يجوز عليها فيما نقلته مجمعة عليه - الخطأ والسهو والكذب ، وصحة الخبر عنه أنه قضى في البكرين بجلد مائة ونفي سنة . فكان في الذي صح عنه من تركه جلد من رجم من الزناة في عصره - دليل واضح على وهاء الخبر الذي روي عن الحسن ،  عن حطان ،  عن عبادة ،   [ ص: 81 ] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : السبيل للثيب المحصن الجلد والرجم   . 
وقد ذكر أن هذه الآية في قراءة عبد الله    : " واللاتي يأتين بالفاحشة من نسائكم " . والعرب تقول : " أتيت أمرا عظيما ، وبأمر عظيم " و " تكلمت بكلام قبيح ، وكلاما قبيحا " . 
				
						
						
