القول في تأويل قوله ( من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها  ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها   ) 
قال أبو جعفر   : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها   " من يصر يا محمد  شفعا لوتر أصحابك فيشفعهم في جهاد عدوهم وقتالهم في سبيل الله - وهو " الشفاعة الحسنة " " يكن له نصيب منها " يقول : يكن له من شفاعته تلك نصيب - وهو الحظ - من ثواب الله وجزيل كرامته . " ومن يشفع شفاعة سيئة " يقول : ومن يشفع وتر أهل الكفر بالله على  [ ص: 581 ] المؤمنين به فيقاتلهم معهم ، وذلك هو " الشفاعة السيئة " " يكن له كفل منها " . 
يعني : ب " الكفل " : النصيب والحظ من الوزر والإثم . وهو مأخوذ من " كفل البعير والمركب " ، وهو الكساء أو الشيء يهيأ عليه شبيه بالسرج على الدابة . يقال منه : جاء فلان مكتفلا إذا جاء على مركب قد وطئ له - على ما بينا - لركوبه . 
وقد قيل إنه عنى بقوله : " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها   " الآية ، شفاعة الناس بعضهم لبعض . وغير مستنكر أن تكون الآية نزلت فيما ذكرنا ، ثم عم بذلك كل شافع بخير أو شر . 
وإنما اخترنا ما قلنا من القول في ذلك ؛ لأنه في سياق الآية التي أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - فيها بحض المؤمنين على القتال ، فكان ذلك بالوعد لمن أجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والوعيد لمن أبى إجابته أشبه منه من الحث على شفاعة الناس بعضهم لبعض ، التي لم يجر لها ذكر قبل ، ولا لها ذكر بعد . 
ذكر من قال ذلك في شفاعة الناس بعضهم لبعض . 
10015 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم  ، عن عيسى  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قوله : " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة " قال : شفاعة بعض الناس لبعض  . 
10016 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  مثله . 
10017 - حدثت عن ابن مهدي  ، عن حماد بن سلمة  ، عن حميد  ، عن الحسن  قال : من يشفع شفاعة حسنة كان له فيها أجران ؛ ولأن الله يقول :  [ ص: 582 ]  " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها   : ولم يقل " يشفع  " . 
10018 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن سفيان  ، عن رجل ، عن الحسن  قال : " من يشفع شفاعة حسنة " كتب له أجرها ما جرت منفعتها  . 
10019 - حدثنا يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : سئل ابن زيد  عن قول الله : " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها "  قال : الشفاعة الصالحة التي يشفع فيها وعمل بها هي بينك وبينه ، هما فيها شريكان " ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها " قال : هما شريكان فيها ، كما كان أهلها شريكين  . 
ذكر من قال : الكفل النصيب . 
10020 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها   : أي حظ منها ، " ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها " ، والكفل : هو الإثم  . 
10021 - حدثنا محمد بن الحسين  قال : حدثنا أحمد بن مفضل  قال : حدثنا أسباط  ، عن  السدي  قوله : " يكن له كفل منها " أما " الكفل " فالحظ  . 
10022 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع   : " يكن له كفل منها " قال : حظ منها ، فبئس الحظ  . 
10023 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد   :  [ ص: 583 ]  " الكفل والنصيب " واحد . وقرأ : ( يؤتكم كفلين من رحمته   ) [ سورة الحديد : 8 ] . 
				
						
						
