القول في تأويل قوله تعالى ذكره : ( فإما يأتينكم مني هدى   ) 
 قال أبو جعفر :  وتأويل قوله : " فإما يأتينكم   " فإن يأتكم . و " ما " التي مع " إن " توكيد للكلام ، ولدخولها مع " إن " أدخلت النون المشددة في " يأتينكم " تفرقة بدخولها بين " ما " التي تأتي بمعنى توكيد الكلام - التي تسميها أهل العربية صلة وحشوا - وبين " ما " التي تأتي بمعنى " الذي " فتؤذن بدخولها في الفعل ، أن " ما " التي مع " إن " التي بمعنى الجزاء ، توكيد ، وليست " ما " التي بمعنى " الذي " 
وقد قال بعض نحويي أهل البصرة   : إن " إما "إن زيدت معها " ما "  [ ص: 549 ] وصار الفعل الذي بعده بالنون الخفيفة أو الثقيلة ، وقد يكون بغير نون . وإنما حسنت فيه النون لما دخلته " ما " لأن " ما " نفي ، فهي مما ليس بواجب ، وهي الحرف الذي ينفي الواجب ، فحسنت فيه النون ، نحو قولهم : " بعين ما أرينك " حين أدخلت فيها " ما " حسنت النون فيما هاهنا . 
وقد أنكرت جماعة من أهل العربية دعوى قائل هذه المقالة : أن " ما " التي مع " بعين ما أرينك " بمعنى الجحد ، وزعموا أن ذلك بمعنى التوكيد للكلام . 
وقال آخرون : بل هو حشو في الكلام ، ومعناها الحذف ، وإنما معنى الكلام : " بعين أراك " وغير جائز أن يجعل مع الاختلاف فيه أصلا يقاس عليه غيره . 
				
						
						
