القول في تأويل قوله ( من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا    ( 134 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني بذلك جل ثناؤه : من كان يريد  ممن أظهر الإيمان بمحمد  صلى الله عليه وسلم من أهل النفاق ، الذين يستبطنون الكفر  [ ص: 300 ] وهم مع ذلك يظهرون الإيمان ثواب الدنيا  يعني : عرض الدنيا ، بإظهاره ما أظهر من الإيمان بلسانه . " فعند الله ثواب الدنيا   " ، يعني : جزاؤه في الدنيا منها وثوابه فيها ، وهو ما يصيب من المغنم إذا شهد مع النبي مشهدا ، وأمنه على نفسه وذريته وماله ، وما أشبه ذلك . وأما ثوابه في الآخرة ، فنار جهنم . 
فمعنى الآية : من كان من العاملين في الدنيا من المنافقين يريد بعمله ثواب الدنيا وجزاءها من عمله ، فإن الله مجازيه به جزاءه في الدنيا من الدنيا ، وجزاءه في الآخرة من الآخرة من العقاب والنكال . وذلك أن الله قادر على ذلك كله ، وهو مالك جميعه ، كما قال في الآية الأخرى : ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون   ) [ سورة هود : 15 - 16 ] . 
وإنما عنى بذلك جل ثناؤه : الذين تتيعوا في أمر بني أبيرق ،  والذين وصفهم في قوله : ( ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول   ) [ سورة النساء : 107 ، 108 ] ، ومن كان من نظرائهم في أفعالهم ونفاقهم .  [ ص: 301 ] 
وقوله : " وكان الله سميعا بصيرا   " ، يعني : وكان الله سميعا لما يقول هؤلاء المنافقون الذين يريدون ثواب الدنيا بأعمالهم ، وإظهارهم للمؤمنين ما يظهرون لهم إذا لقوا المؤمنين ، وقولهم لهم : "آمنا" "بصيرا" ، يعني : وكان ذا بصر بهم وبما هم عليه منطوون للمؤمنين ، فيما يكتمونه ولا يبدونه لهم من الغش والغل الذي في صدورهم لهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					