القول في تأويل قوله عز ذكره ( فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ( 39 ) )
قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : "فمن تاب" ، من هؤلاء السراق ، يقول : من رجع منهم عما يكرهه الله من معصيته إياه ، إلى ما يرضاه من طاعته "من بعد ظلمه" ، و"ظلمه" هو اعتداؤه وعمله ما نهاه الله عنه من سرقة أموال الناس "وأصلح" ، يقول : وأصلح نفسه بحملها على مكروهها في طاعة الله ، [ ص: 299 ] والتوبة إليه مما كان عليه من معصيته .
وكان مجاهد - فيما ذكر لنا - يقول : توبته في هذا الموضع الحد الذي يقام عليه .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
11916 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : "فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح" ، فتاب عليه ، يقول : الحد .
11917 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا موسى بن داود قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو قال : [ ص: 300 ] سرقت امرأة حليا ، فجاء الذين سرقتهم فقالوا : يا رسول الله ، سرقتنا هذه المرأة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقطعوا يدها اليمنى . فقالت المرأة : هل من توبة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك! قال : فأنزل الله جل وعز : "فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه" .
وقوله : "فإن الله يتوب عليه" ، يقول : فإن الله جل وعز يرجعه إلى ما يحب ويرضى ، عما يكره ويسخط من معصيته .
وقوله : "إن الله غفور رحيم" يقول : إن الله عز ذكره ساتر على من تاب وأناب عن معاصيه إلى طاعته ذنوبه ، بالعفو عن عقوبته عليها يوم القيامة ، وتركه فضيحته بها على رءوس الأشهاد "رحيم" به وبعباده التائبين إليه من ذنوبهم .